النسخة الكاملة

وزير سابق: الأحزاب في الأردن أصبحت جاهات

الأحد-2025-03-16 10:12 am
جفرا نيوز -
قال الوزير الأسبق الدكتور صبري ربيحات إن الأردن تمرس في التعامل مع الأزمات، مقرا بوجود وضع صعب إقليميا ومحليا، لا سيما على الصعيد الاقتصادي.

وخلال حوار مع ، انتقد ربيحات غياب الحالة الإنتاجية على المستوى العربي، وسيادة العقلية الفردية.

كما وجه ربيحات انتقادات إلى الواقع الحزبي، معتبرا أن التجربة ما زالت ضعيفة، وأن الأحزاب لم تقدم طروحات سياسية تلبي حاجات المجتمع والدولة.

وتاليا تفاصيل الحوار..

** هناك تطورات سياسية متسارعة إقليميا ودوليا.. كيف ترى موقع الأردن الآن من الأحداث الجارية؟

- لله الحمد هناك مراس في الأردن على التعامل مع الأزمات، فهناك أشخاص يجيدون في أوقات الشدة.. هذا اختبار ومحنة إذا 
جاز القول، أن نرى اليوم إسرائيل بعد أن حاولت تفكيك المقاومة وإسكاتها تسرح وتمرح في جنوب سوريا، وغزة كما تعلمون لا نعلم اتجاهاتها المقبلة، وأمريكا وإسرائيل والسياسة العالمية الآن على رأسها كثير من الطغاة الذين يريدون أن يقولوا أشياء تنفذ فورا، وإذا لم ينصع الناس لما يقولون فلا نعلم كيف سيستجيبون لذلك.

الوضع صعب، والوضع الداخلي لدينا اقتصاديا صعب أيضا، وهناك حالة من القلق واللايقين مزعجة للمواطن وللإنسان الأردني. وتعلمون أننا في آخر 15 سنة كل يوم نقول إن اليوم القادم سيكون أفضل.

في النهاية التاريخ هو المعلم الأول الذي يخبرنا أمورا كثيرة.. هذه البلاد باقية، وهذا المكان باق، وهذه الحضارة العربية الإسلامية باقية.

** وأنت خبير اجتماعي، نريد أن تفكفك لنا هذه المعادلة: حينما كانت الحياة الاجتماعية لدينا بسيطة، وكان الناس أكثر جهلاً كانوا أكثر صلابة وأكثر قوة، والآن نحن أكثر علماً وأكثر ثقافة وأكثر ضعفاً، مع أن العلم من المفروض أن يعطي قوة.

- الفكرة هي فكرة التمكّن، والتمكن أن تكون راسخا في المكان وفي علاقتك مع بيئتك ووسطك وإحساسك العميق بالمواطنة، أنك تنتمي لهذا المكان وتعرف مداخله ومخارجه وتعرف كيف تستديم حياتك من موارد هذا المكان.

نحن دخلنا في سلسلة الاستهلاك التي لا ننتج فيها شيئا.. سلمنا أنفسنا للنظام الرأسمالي الاستهلاكي، ولم ننشئ شيئا نحن نملكه، 
لا يوجد لدينا حس بأن نشعر بأن هذا لنا وهذا منا وهذا نحن أنتجناه ونحن نعرف مفاصله ونديره. حتى البترول إذا لم يسعّره الدولار الأميركي فليس له قيمة.

الخلفية التي لا نريد أن نفهمها هي أن الصهيونية تريد أن تسيطر على العالم، ونحن من في وجهها، فنحن أول المتضررين، وبالتالي الاستمرار في تعريف الأمريكان كحلفاء أظن أنه خاطئ، فالأمريكان ليسوا حلفاء، هم يريدوننا تابعين، وأن ننصاع لتيسير حضورهم ووجودهم وتأثيرهم، وهذا الاستسلام لهذا الافتراض الخاطئ هو الذي يقودنا نحو الهاوية.

نحن في الأردن ليس لدينا إمكانات، وهذا الأمر لا يستطيع أن يقوم به الأردن وحده، لكن النظام العربي مفكك منذ سايكس بيكو وقبل سايكس بيكو وبعد سايكس بيكو، واشتغل عليه المستشرقون الذين فهموا العقلية العربية الفردية.

لا يوجد عقل عربي إصلاحي، وكل الحركات الإصلاحية التي تمت في العالم العربي أقيمت على تناقضات، وعلى حالة من التشدد والفرقة وتدخلت فيها الأيدي الغربية لضمان تحقيق فكرة «فرق تسد».

** ماذا عن ترامب.. ما أقصى حد له؟ ما هو خطه الأحمر؟
- من اليوم الأول الذي تولى فيه منصبه لديه عشرات القضايا المرفوعة عليه، وكل القرارات التي اتخذها أو المراسيم التي 
أصدرها هناك احتجاج كبير عليها، وهذه بها مخالفة لقواعد وضياع لحقوق وأضرار تصيب الناس.

هو يريد الآن أن يدير العالم بعقلية الدكتاتور كما فعل هولاكو وكما فعل لويس قيصر وكما فعل غيره، أن ما يريده يقوم به، لكن، 
ستتراكم هذه الأمور إلى أن يصبح هناك خلال خمسة أو ستة أشهر تراكم لأخطاء لا أحد يستطيع تحملها.
كثير من الناس الآن ينتظرون ليروا إلى أي مدى سيذهب في لعبة خلط الأوراق التي بدأها منذ اللحظة التي دخل فيها البيت الأبيض.

** ما تأثيرات ترامب على منطقة بلاد الشام؟ ما الذي سيحل بنا نحن كوننا بؤرة التوتر الحقيقية في المنطقة؟

- مشكلتنا ليست مع ترامب، بل مع بعضنا بعضا. نحن مجازاً نقول «عالم عربي»، لكن، هناك عوالم داخل العالم العربي وقد 
تكون الفرقة بين بعض الأقطار العربية والأخرى أكثر من العداء بيننا وبين إسرائيل.

المسافة الفاصلة بين انفكاك العالم العربي من الدولة العثمانية ودخوله تحت الانتداب الإنجليزي والاحتلال الفرنسي والتحرر إلى اليوم لم تنجح في تقديم أي شيء ملموس للشعوب العربية أكثر من وعود وخطابات والتزامات، فلم نوحد أنفسنا. والأردن 
يصارع في إقليم ملتهب ومعادٍ أحياناً. ولدينا أزمات كثيرة: أزمة مياه، أزمة طاقة، أزمة لجوء، وغيرها من الأزمات.

** كنت وزيراً للتنمية السياسية، واشتغلت كثيراً على إفهام الناس لواجباتهم وحقوقهم والدستور والأحزاب، وكانت الأحزاب يومها تمر بمرحلة إحباط كبيرة. الآن بعد منظومة الإصلاح الجديدة ما رأيك بواقع الأحزاب؟

- الأحزاب مثل الجاهات، لا يوجد لدينا حزب لديه أطروحة متكاملة وتصور كامل يمكن عندما تنظر إليه أن تجد الناس في هذا الحزب يحملون هذا الطرح وقادرين على حمله.

أول اختبار رأيناه في الانتخابات.. أولاً الناس لم تؤمن بكل الأحزاب التي أنشئت حديثاً، ثانياً بعد الانتخابات مباشرة تصدعت الأحزاب التي كانت عليها هالة كأنها كانت تأخذ هرمونات، وبعد ذلك انتهت الهرمونات وانفكت وحدها.

التجربة لا يمكن البناء عليها، وأظن أنها تعكس الحالة الذهنية الاجتماعية والتركيبة البنائية لمجتمعنا. مجتمعنا لم يحصل على تنمية اجتماعية كافية عبر كل هذه الرحلة الطويلة، لأننا بقينا نتحدث عن المجتمع المدني ونغازل العشيرة، والعشيرة هياكل 
يجري ترميمها عند الانتخابات حتى نتكئ عليها، علماً أنها لم تعد تستجيب الآن كما كانت تستجيب سابقاً بهذه الصورة.

المجتمع بحاجة إلى بناء وتنظيم، فهذه هي التنمية. التنمية ينبغي أن تدخل لجسم المجتمع وتعيد بناءه وتنظيمه حتى يكون هناك فكر جمعي من خلال آراء الأفراد الذين ينضوون تحت راية حزب معين.

الأحزاب الجديدة لدينا جميعها مثل بعضها بعضا، فالحديث نفسه في جميع هذه الأحزاب وكلنا نقر به إقراراً تاماً.
ما نحتاجه هو أن تقدم هذه الأحزاب برامجها، مثل برنامجك للعمالة الأجنبية كيف ستتعامل معها، وكيف يمكن أن تتعامل مع الموارد الوطنية واستخدامها، نريد منها تقديم أطروحات، وتصورها للعلاقات الخارجية مع العالم العربي.

ما أريد قوله أن المواطن محمّل بهذا الإحباط المتراكم الذي يتعامل معه أحياناً بشكل غاضب، أو يعبر عنه في الانسحاب من الانتخابات وعدم المشاركة فيها أو بنقد أو بالاستخدام السيئ لوسائل التواصل الاجتماعي والإشاعات.. وكل هذه القضايا سببها أننا لا يوجد لدينا تراكم للخبرات في إدارة العلاقات وإدارة شؤوننا الداخلية والخارجية بشكل ينعكس بشكل مباشر على اقتصاد المواطن وعلى نوعية حياته وعلى دخله وعلى كل هذه التفاصيل

 «الدستور»،كامل نصيرات
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير