جفرا نيوز -
محمود عطاالله كريشان
هو «الأردن» الذي يتعرف على وجهه في مرايا العزة والكرامة.. ويقرأ اسمه في كتاب الجيش الأردني.. زمازم الشهادة.. ومزامير نصر.. يقرأه في فرح المغامرة والإقدام، وأبجدية الشجاعة وروح الاقتحام.. يقرأه على معاطف الجنود المسافرين إلى ري سنابل الكبرياء بدمهم الأرجوان.. يقرأوه في جراحهم المتلألئة تحت الشمس كأحجار الياقوت.. وحقول شقائق النعمان.. ويكتشف الأردن صوته في رصاص مقاتليه الأبطال.. هو جيش عظيم أنبتته الأرض الأردنية المباركة، لذلك يجنح للخضرة الراتقة، المستمدة من غابات الوطن، وكأن كل ضابط وجندي من أفراده، شجرة معطاءة تظلل ممرات مدينة الحسين الطبية، وشوامخ «شارع الشعب» وحتى أبعد نقطة حدودية في هذه المملكة الأردنية الهاشمية الفتية.
*ربع الطواقي الحُمر.
نتوقف بشموخ.. كرامة وكبرياء.. سنابل ورماح.. عند كوكبة مؤمنة من أبناء هذا الحمى «الشراكسة» و»الشيشان» الذين أسرجوا خيولهم عند غبش الليل الأول، من نبع الروح الوثابة، ليكتبوا تاريخ الأردن وهم يخوضون حروبه بروح الفرسان.. يمضون بدرب التحدي: «النصر أو الشهادة».. انخرطوا بفروسية وإقدام في صفوف «ربع الكفافي الحُمر» القوات الخاصة الملكية، عندما التحفوا النار في الخطوط الأمامية للمعارك، وكان الوطن ما زال ينبض في عروقهم.. والحب «أردنيا».. والرتبة على الكتف.. وردة زُرعت على ثرى الأردن، وهم يسطرون البطولات.. تلو البطولات.. في حماية هذا البلد..
انها إطلالة على دفاتر «كبرى مؤسسات الوطن» القوات المسلحة الأردنية الباسلة، وقد أقسموا عند مطلع الفجر بقدسية أرضه وحرية إنسانه وكرامة أمته وأصالة رسالته أن لا تسقط للأردن راية قبل ان تصعد الدماء في قبضة الله.. لأن بيرق هذا الحمى الهاشمي ستبقى تخفق بين أرواح الشهداء عالياً.. كما هي هامات أهله وربعه وعشيرته وجيشه.. لا تنحني إلا لله الواحد الأحد..
*جانبوط.. بندقية m16
بلا مناسبة.. تطوف بنا الذاكرة وتتجه مع انعطاف الهوى نحو شراكسة الأردن الذين انتسبوا للقوات الخاصة وارتدوا «المبرقع» و»البوريه الحمراء» تلالي بتاج الجيش فوق الهامات.. و: أخالف العمر راجع سالف أعوامي.. على رأي عندليب الجزيرة محمد عبده «شافاه الله».. لتشرق الذاكرة التي ما اعتراها غبش بمشهد النقيب «سنتذاك» عزالدين احمد جانبوط، يهل مع غبش الليل بكامل أناقته الحربية، يتوشح بندقية m16 وفوق فوهتها الحربة الطاعنة، في أحداث الأمن الداخلي 1970 يمتطي الروفر من «حي المعانية» في المحطة يلتحق برفاقه من رجال القوات الخاصة، يطوفون العاصمة ويقسمون باغلظ الايمان، بأن كل يد ستمتد للأردن بسوء لن نكتفي بقطعها.. بل سنحرقها..
*شردم.. أسد الخاصة
ومن منا ينسى أحد مؤسسي القوات الخاصة المرحوم تحسين باشا شردم وجولاته وبطولاته التي وصلت الى سلطنة عُمان، لوأد حركات إنقلابية خائنة ومتطرفة لا تريد الخير للأوطان في منتصف سبعينيات القرن الماضي، حيث أنجز الباشا شردم ورفاقه الأبطال المهمة بنجاح، وسلم المسؤولية للقوات العُمانية باستعراض الوداع لكتيبة من القوات العُمانية في مطار مدوّ بتاريخ 14 ايلول 1975 ، وبتاريخ 26 أيلول 1975 تكامل عودتها الى اراضي المملكة الأردنية الهاشمية باستقبال من الملك الحسين طيب الله ثراه حيث تابعت القوات المسلحة الأردنية / الجيش العربي لتحقيق التقدم والازدهار والنمو في سلطنة عُمان حين ارسل الملك الحسين سرية هندسة لتأشير وإزالة الألغام التي وضعتها القوات الإيرانية، والمساعدة في شق الطرق، وبناء المستشفيات والمساكن، لإعادة البنية التحتية للسلطنة ومساعدة المواطنين.. ولمن لا يعرف قصة تمرد إقليم ظفار حين تكالب الغرب والشرق وبعض العرب على الأشقاء العُمانيون، فكانت حربا أردنية ضد الشيوعية التي كادت ان تنخر في الجسم الإسلامي والعربي.
الباشا شردم الذي تولى عددا كبيرا من المناصب العسكرية والأمنية المهمة منها قائد القوات الخاصة الملكية، قائد الكتيبة الخاصة 91، قائد القوات البرية الملكية، ملحق عسكري في واشنطن، مساعد رئيس هيئة الأركان، ثم مدير للأمن العام الى أن تقاعد برتبة فريق أول، وكان خلال مسيرته الضابط الشجاع المقدام، المتسلح بمكارم الأخلاق.. كان قويا من غير عنف.. متواضعا دون ضعف.. «رحمه الله»
*علاء الدين.. بطل أسطوري
أما الفارس الأردني الأبي اللواء الركن المظلي احمد علاء الدين ارسلان الشيشاني، الذي لم يكن ضابطا عاديا، فقد كان أكثر ضباط جيشنا لياقة وزهوا وشجاعة، فتاريخ هذا البطل حافل بالبطولات والتضحيات والإقدام والفروسية والشجاعة، فهو الذي استطاع بحنكته وشجاعته -والتي قل نظيرها- مع رفاقه رجال القوات الخاصة، تحرير الرهائن في فندق الأردن كونتيننتال العام 1976، في مشهد رجولي عزَّ مثيله.. وصورة هذا البطل لا تزال معلقة في الفندق استذكارا له.. وهو الفارس المغوار في معركة الكرامة عام 1968 يقود كتيبة مشاة ويقتل نحو (13) جنديا إسرائيليا، دون أن نغفل عن بطولاته في أحداث الأمن الداخلي 1970 والتصدي للمسلحين «الخارجين عن القانون» ودوره في حماية عمان، ومن ثم إسهامه المؤثر في تحرير الحرم المكي الشريف، وقد تولى الشيشاني عدة مناصب عسكرية حساسة، منها مساعد رئيس هيئة الأركان المشتركة، المفتش العام للقوات المسلحة، قائد القوات الخاصة الملكية، وحاصل على أوسمة رفيعة منها وسام الإقدام العسكري مرتين بتاريخ الأردن وبشكل استثنائي.. رحم الله المخلص الوفي احمد باشا علاء الدين..
*الشيشاني.. مؤسس الاستخبارات
وهل لنا ان ننسى اللواء محمد بشير إسماعيل الشيشاني، مؤسس وحدة المظلات في الجيش الأردني، وأنشأ أول وحدة أمن عسكري، وأصبح فيما بعد مديرًا للاستخبارات العسكرية في أحداث الأمن الداخلي ابلول 1970 وتولى ايضا قيادة قوة المهام الخاصة، ثم أصبح نائبًا لرئيس الأركان، وشغل ايضا العديد من المناصب المهمة خلال مسيرته المهنية، فبالإضافة إلى منصبي وزير الزراعة وأمين عمان، فقد تولى قوات المشاة، ورئاسة ادارة المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى وغيرها من المناصب الأخرى، وكان أمينا شجاعا، منذ كان شاباً يافعاً الى جندي نذر نفسه دفاعاً عن الوطن وسخر علمه وحلمه في تطوير مؤسستنا العسكرية وتولى المسؤولية في ظروف صعبة وتحديات لم تثنه عن الخدمة والعطاء كشخصية وقامة وطنية في مواقع الخدمة والمسؤولية العسكرية والمدنية طيلة فترة مسيرته الحافلة بالإنجاز، ونال عدة اوسمة وجوائز تقديراً لاخلاصه في العمل والابتكار والابداع.. رحم الله الباشا محمد البشير رحمة واسعة.
*خمش.. أبراج المظليين
ونستشق عطر الجيش ونحن بشرف الكتابة عن فارس وبطل من قواتنا المسلحة العميد الركن المظلي عمران امين خمش، احد القادة العسكريين الذي فرض ذاته بقوة، وعاش حياة البساطة والتواضع فاستحق محبة واحترام كل من عرفه، الذي في عام 1963 كان عام تأسيس القوات الخاصة الملكية، وتخريج اول دورة مظليين في الاردن، و كان عمران باشا، اول ضابط يحصل على جناح المظليين في الاردن، كما كان أول السواعد القوية في بناء وإعداد منشآت ميدان وأبراج تدريب المظليين في احد معسكرات الزرقاء وتدريب دورات الصاعقة والمظليين وتدرج في الرتب والوظائف العسكرية المختلفة من بينها قائد كتيبة القوات الخاصة، آمر الكلية العسكرية، رئيس هيئة اركان الجيش الشعبي، مدير سلاح المشاة، ومرافق خاص لجلالة المغفور له الملك الحسين لمدة ثماني سنوات، وشارك في معركة الكرامة وحرب الاستنزاف وحصل على العديد من الاوسمة والشارات، احيل على التقاعد عام 1990 وعين بعدها محافظاً في وزارة الداخلية، وكان شاهداً على الكثير من الاحداث.. رحمك الله يا «أبو تاج» رحمة واسعة
*هاكوز.. القائد الفذ
اللواء خير الدين باشا هاكوز المولود في وادي السير 1945 ويعتبر من شيوخ ووجهاء الشركس، وعرف عنه أداء عسكريا متميزا، وخدم بكل شرف وإخلاص، حتى وصل إلى رتبة لواء، وعبر مسيرته في الجيش العربي شارك في دورات عسكرية متقدمة عديدة داخل الأردن وخارجه، وخدم في مختلف قطاعات الجيش، وهو الضابط الوحيد الذي قاد اربعة الوية في الجيش العربي، وعمل قائدا للواء الملك حسين بن علي «الحرس الملكي» وعين كبير مرافقي الملك الحسين «طيب الله ثراه» ولكفاءته وتميزه انيطت به قيادة القوات الخاصة الملكية، وعمل مساعدا للعمليات والتدريب في جهاز الامن العام «متعه الله بالصحة والعافية»
*أبطال الصاعقة الأردنية
ولن ننسى أبدا أبطالا من القوات الخاصة الملكية منهم الباشاوات: موسى ازوقة، عمر فوزي شردم، خير الدين هاكوز، حسني جعفر يونس، ابراهيم بلال اسندر، رائد برهان نغوي، فيصل برمامت، صفوت هاكوز، يزن شابسوغ، سميح جنكات، عاهد صواي، جلال حلمي عمر، زياد فؤاد نارموق وغيرهم الكثير من الأبطال ممن فاتنا ذكرهم. إذا.. هي جزء بسيط من فصول مشرقة في سفر أبطال الجيش الأردني التي كانت صدورهم مملوءة بنياشين الفخر والغار وقد عشقوا ثرى الوطن وأخلصوا لراية جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة الاردنية، وكانوا رموزا للوفاء لجنودهم من القوات الخاصة.. فعلا إنهم «خاصة الخاصة» من الرجال.. خلقا وشجاعة وشهامة وأخوة وبطولة، لأنهم المنتمون، الأمناء، المخلصون وقد كانوا «أقمارا مضيئة» في ليالي الوطن الظلماء.. كانوا يبحثون دوما عن الشهادة في ساحات الوغى، ومضوا على درب «النصر» أو «الشهادة» وهم يذودون عن الوطن والدِّين والأمَّة و:
قلبي لغير الطواقي الحُمر ما خفق..
واسمي لغير «الخاصة» ما انتسب
Kreshan35@yahoo.com