جفرا نيوز -
مثّل يوم 30 ديسمبر/كانون الأول من العام 2022 علامة فارقة في تاريخ الكرة السعودية، كونه قد شهد الإعلان الرسمي عن انضمام الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو إلى صفوف النصر، في صفقة لم يصدقها كثيرون إلا عندما أعلن النادي العاصمي بشكل رسمي وقدم اللاعب الأفضل في العالم سابقاً على ملعبه ووسط جماهيره كصفقة مدوية، لفتت كل الأنظار إلى السعودية.
وبعد انقضاء قرابة عامين على هذا التاريخ، يبدو أن رونالدو الذي يعد العمود الفقري لمشروع الكرة السعودية في استقطاب النجوم العالميين، في طريقه لتوجيه ضربة موجعة لهذا المشروع الطموح.
كريستيانو كان سبباً بعد ذلك في إقناع الكثير من نجوم العالم بالقدوم إلى الأندية السعودية وليس النصر فحسب، فمواجهة رونالدو لن تقل إثارة عن اللعب إلى جواره، لكن الآن وبحسب تقارير عالمية فإن النجم البرتغالي قد لا يرغب في البقاء إلى ما بعد نهاية عقده في يونيو/حزيران المقبل.
وعلى مدار الأشهر الماضية كان تجديد عقد رونالدو بمثابة هاجس كبير ليس فقط لدى إدارة النصر، بل لـ"برنامج الاستقطاب" ككل كونه نواة المشروع الكبير، وبقائه مهم للغاية حتى ولو لموسم آخر، لاسيما أن "الدون" حضوره ليس شرفيا في الكرة السعودية بل يواصل عادته وهوايته في هز الشباك، محققاً أرقاما مذهلة.
التقارير تحدثت عن رغبة رونالدو في خوض تجربة جديدة في مشواره الحافل بالإنجازات والأرقام، لاسيما إذا كانت تلك التجربة ستوفر له شغف المشاركة في بطولة أكبر، ولم لا كأس العالم للأندية؟!
ويتوافق هذا الطرح مع ما ألمح إليه رونالدو خلال حفل توزيع جوائز جلوب سوكر، عندما اعترف بأن مهمة النصر في حصد الألقاب بالسعودية ليست سهلة، فلم يشر فقط للغريم التقليدي الهلال الذي تفوق بشكل كاسح على فريقه العام الماضي، لكن أيضا لفت إلى حالة اتحاد جدة الجيدة للغاية هذا الموسم.
الظروف تعاند رونالدو في طريقه لحصد الألقاب، فبقدر ما يعشق الأسطورة البرتغالية تسجيل الأهداف وتحطيم الأرقام القياسية، بقدر ما يميل أيضا لمعانقة الألقاب والبطولات مع فريقه، حتى تكون هناك فائدة من الأهداف التي يسجلها.
إحباط النصر
بعيدا عن البطولات وعدم الفوز بها، فإن النصر بتشكيلته الحالية قد لا يتوافق مع سقف طموحات رونالدو، الذي يرى منافسيه يستقدمون صفقات أفضل.
فمثلا الثنائي البرازيلي ويسلي وأنجيلو ليس أفضل ما يمكن أن يحصل عليه نادٍ برازيلي، خصوصا أن الفائدة الفنية ليست كبيرة، بالمقارنة مثلا مع ديابي وعوار وبيرجوين في الاتحاد، واستمرار توهج الهلال بانضمام ليوناردو، وحتى توني في الأهلي يقدم مستويات جيدة.
وليست مصادفة أن تخرج أنباء تفيد برغبة رونالدو في أن يتخلص النصر من هذا أو ذاك، كونه يسعى دوما لوجود تشكيلة قوية تساعده، وليس هو من يساعدها.
يتفق ذلك مع ما قاله أسطورة النصر ماجد عبدالله من قبل، حول أن رونالدو نجم كبير لكن بحاجة لمن يساعده.
رقصة أخيرة؟
سبق أن أكد رونالدو أنه لا ينوي الاعتزال حالياً، ما يعني أنه قد يواصل اللعب لعام أو اثنين مقبلين، حسبما يسمح له جسده بمواصلة العطاء داخل الملعب، وهي فترة مثالية لأن يحصل اللاعب على عقد جديد وأخير في مسيرته، قد لا يكون بنفس امتيازات النصر المالية، لكنه قد يلبي شغفه في المنافسة على لقب آخر جديد.
اصطدم رونالدو في موسمه الأول مع النصر بغياب الألقاب، فلم يفز سوى بكأس الملك سلمان للأندية الأبطال "البطولة العربية" ما يعني أن انتقاله لنادٍ آخر قد يساعده على اللعب في بطولة كبرى – ليس بالضرورة الفوز بها – قد يكون طموحا أخيرا لكريستيانو في مسيرته الذهبية.
أيضا الزخم الذي يصاحب مونديال الأندية يجعل من "الدون" اسما مألوفا لخوض هذه البطولة بشكلها الجديد، خاصة أن الغريم الأزلي ليونيل ميسي سيكون حاضراً وسيشاهده العالم بأسره يركل ضربة البداية في مباراة الافتتاح.
وقد لا تكون بالضرورة المحطة القادمة والأخيرة في مسيرة رونالدو فريقاً أوروبياً كبيراً، لأن الأمر ينطوي على حسابات كثيرة ومعقدة، لكن مونديال الأندية في حد ذاته وقرار الاتحاد الدولي "فيفا" بالسماح للأندية بتعاقدات استثنائية قبل البطولة، قد يكون حافزا إضافياً لأي نادٍ لضم النجم البرتغالي.
صدمة الهلال
في الوقت نفسه فإن فكرة الانتقال داخليا قد لا تكون مغرية سواء بالنسبة للهلال أو رونالدو على حد سواء، بعدما ارتبط اسم اللاعب بالانضمام للغريم المحلي لفريقه.
رونالدو يعي جيدًا أنه قد لا يكون له مكانا في تشكيل مواطنه جورجي جيسوس، ومن ثم لن يقبل بوضعية اللاعب البديل، وفي المقابل جيسوس يرى أن الزعيم لا يعاني من أزمة هجومية وحتى لو تخلص من البرازيلي نيمار فإن بديله لن يكون رونالدو، خصوصا أن منظومة الفريق تعتمد على محاور أكثر تجانسا وحركية مثل مالكوم وميتروفيتش وسالم الدوسري وماركوس ليوناردو، والدليل أن هذا الرباعي له بصمات تهديفية في كل المباريات.