جفرا نيوز -
لا يزال نصيب القارة الإفريقية في سوق الكربون العالمي ضئيلاً للغاية، مقارنةً بإمكاناتها الطبيعية الهائلة، إذ يبلغ 2% فقط، ويتركز في جنوب إفريقيا ودول شمال القارة السمراء.
تعود الحصة الضئيلة للقارة، إلى ضعف البنية التحتية اللازمة لإنشاء وتشغيل أسواق الكربون في إفريقيا، ونقص الكفاءة وازدواجية القيود، مما يشكل تحدياً أمام استفادة هذه الدول بشكل عادل من أسواق الكربون، بما يحقق التنوع الاقتصادي المستدام.
تمثل أسواق الكربون فرصة حقيقية أمام القارة الأفريقية ودولها للاستفادة من مواردها الطبيعية، فالغابات الاستوائية المنتشرة على مساحات شاسعة تخزن سنوياً ما يصل بين 1-1.5 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، بما يمكن الاستفادة منها في كسب إيرادات إضافية تدعم الاقتصادات الإفريقية الضعيفة.
هذه العوائد الجديدة تأتي بالتزامن مع ارتفاع عائدات تسعير الكربون العالمي بنحو 60% تقريباً بنهاية عام 2020 إلى نحو 80 مليار دولار، بحسب تقرير منصة «الطاقة» المتخصصة ومقرّها واشنطن.
يرى راجا داسغوبتا وهو مدير تنفيذي في شركة «إمباور نيو إنيرجي» (empowernewenergy)، إن سوق الكربون في إفريقيا يواجه تحديات، موضحاً، أن إفريقيا سارت خطوات كبيرة إلى الأمام في التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة في السنوات الأخيرة، ورغم ذلك، ستظل القارة، في المسار الحالي، قاصرة عن تحقيق أهدافها.
لماذا فشلت أسواق الكربون؟
أضاف، أن أسواق الكربون فشلت في سد هذه الفجوة، لأن دول القارة تفضل مشاريع المرافق الكبيرة، وتتجاهل المنشآت الصغيرة والمتوسطة الحجم، وهي مهمة في التنمية السريعة.
ويوجد الآلاف من مشاريع الطاقة الشمسية الصغيرة ذات الإمكانات العالية، يمكن أن تخرج بسرعة للمستخدمين التجاريين والصناعيين، والتي تخدم الصناعات الثقيلة، وسيتم تمكينها من خلال أسواق الكربون الفعالة التي تحفز هذه المشاريع، لكن وقت وتكاليف الاعتماد في الوقت الحالي تجعل ذلك مستحيلاً، بحسب «داسغوبتا» معتبراً أنها بمثابة فرصة ضخمة ضائعة.
وتطرق المدير التنفيذي لشركة «إمباور نيو إنيرجي»، وهو خبير اقتصادي يتمتع بخبرة تزيد عن 10 سنوات في قطاع التنمية، في الطاقة المتجددة والعمل المناخي، وفي المجالات البيئية والاجتماعية والحوكمة والتأثير المستدام والتمويل المختلط، إلى العقبات الفنية التي قد تعيق أسواق الكربون في القارة الإفريقية.
قال، إنه يجب أن تكون أسواق الكربون قادرة على توفير النزاهة والشفافية للمشترين مع الحفاظ على الكفاءة والفعالية من حيث التكلفة للبائعين. يعد ضمان سلامة المنشآت الشمسية الجديدة أسهل كثيراً من الأنواع الأخرى من أنشطة التخفيف الأكثر تعقيداً، والتي يجب أن تكون عبر المنهجيات.
وتابع: «الجداول الزمنية الحالية، قد تصل إلى عامين لمشروع حتى يتم اعتماده وفقاً للمعايير الطوعية، وهي ليست قابلة للتطبيق على المشاريع الأصغر واللامركزية، إذ يتجاوز ذلك حدود صنع القرار الاستثماري».
مع إطلاق أول مبادرة لسوق الكربون الإفريقي (ACMI) في «المؤتمر السابع والعشرون للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ» (COP 27) بالتعاون مع التحالف العالمي للطاقة، والطاقة المستدامة، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا (UNECA)، تم وضع هدف طويل الأجل للقارة بالوصول إلى 300 مليون ائتمان كربون سنوياً بحلول 2030، وهو ما يعني تأكيد الرقم السابق من 1- 1.5 مليار طن سنوياً ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050.
حول أهم الإنجازات والمشاريع التي تمت لتعزيز سوق الكربون في إفريقيا، أوضح «راجا داسغوبتا» أن له خبرة في إدارة مشاريع الطاقة في جنوب إفريقيا، وصمم مبادرات طاقة متجددة للقطاع الخاص في غرب وشرق القارة.
وأوضح أن التقدم المحرز في الجولة الأخيرة من مؤتمر الأطراف (COP29) يعد من المعالم المهمة للغاية فيما يتعلق بمعايير سوق الكربون، وسوق الكربون العالمية، مما سيساعد على تسهيل بيع نتائج التخفيف المنقولة دولياً، أو أرصدة الكربون بين البلدان، وبالتالي يمكن تجميعها في محافظ من المشاريع المماثلة تسمى برامج الأنشطة، والتي يمكن أن تؤدي إلى نزاهة عالية وسريعة.
وأشار إلى أنه يتم دعم برنامج «إمباور نيو إنيرجي» من قبل «صندوق الطاقة المستدامة لأفريقيا» التابع لبنك التنمية الإفريقي لإيجاد مسارات لإنجاز المشاريع الصغيرة من خلال أسواق الكربون، بالاشتراك مع شركة «غلوبال فاكتور» الرائدة في مجال ائتمان الكربون، وهو يؤدي إلى تجنب آلاف الأطنان الإضافية من ثاني أكسيد الكربون في حد ذاته.
وأضاف: «نأمل أيضاً في إنشاء فئة جديدة مخصصة وعالية التكامل من ائتمان الكربون موجهة نحو مشاريع الطاقة الشمسية اللامركزية الأصغر حجماً، والتي ستوفر إضافة حقيقية للمشترين، وتكون عملية بما فيه الكفاية لتسريع تحول الطاقة في إفريقيا».