النسخة الكاملة

الإبادة الجماعية في غزة .. جرائم مستمرة وتحديات للضمير الدولي

الثلاثاء-2024-12-10 03:41 pm
جفرا نيوز -
رصد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقرير بعنوان "محو غزة: عام من الإبادة الجماعية وانهيار النظام العالمي"، نحو 3,500 عائلة قُتل منها عدة أفراد منذ تشرين الأول الماضي 2023، ويشمل ذلك 365 عائلة فقدت أكثر من 10 أفراد، بينما فقدت أكثر من 2,750 عائلة ثلاثة أفراد على الأقل.

وتناول التقرير أفعال الإبادة الجماعية في قطاع غزة بما يشمل قتل أعضاء المجموعة، ومن ذلك قتل المدنيين داخل المنازل السكنية وداخل مراكز الإيواء وداخل الخيام وفي المناطق الإنسانية، إلى جانب قتل المدنيين دهسًا بالآليات العسكرية والدبابات وبالإعدامات الميدانية والقتل بطائرات كوادكابتر، والقتل في التجمعات والأسواق، فضلًا عن قتل المدنيين المجوّعين حول شاحنات المساعدات الإنسانية، وقتل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وكذلك قتل المدنيين بالتجويع، وقتل العاملين في العمل الإنساني والإغاثي والكفاءات والنخب الفلسطينية.

الخبراء بينوا في اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة الذي صادف أمس الاثنين، تحت شعار (قوة حية في المجتمع العالمي: إرث اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها) أن محاولات العالم للحد من جرائم الإبادة الجماعية، تواجه تحديات جسيمة، خاصة في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب انتهاكات صارخة بحق الفلسطينيين دون رادع، ما يضيف تأكيدًا بأن استمرارية هذه الجرائم دون محاسبة دولية تشكل تهديدًا مباشراً على استقرار المنطقة والعالم.

وطالبوا المجتمع الدولي بالتصدي لهذا الواقع من خلال تطبيق العقوبات المناسبة على سلطات الاحتلال وتأكيد الالتزام بحماية الشعب الفلسطيني، مشيرين إلى دور الأردن شعباً وقيادة هاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، في دعم الأهل في فلسطين والقدس مهما كان الثمن وبلغت التضحيات، بما في ذلك دور المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني والإعلام بكافة أشكاله في حشد الرأي العام العالمي وبيان حجم الإبادة الجماعية الخطيرة التي تمارس على الشعب الفلسطيني.

أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس، عبد الله توفيق كنعان، أشار إلى أن القانون الدولي، وفقاً للمادة 6 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يعرف "الإبادة الجماعية" بأنها الأفعال التي تُرتكب بقصد الإهلاك الكلي أو الجزئي لمجموعة قومية أو عرقية أو طائفية أو دينية، كما تعتبر الإبادة الجماعية جريمة دولية في رواندا، وفقًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1951 بعد تصديق 20 دولة عليها، باعتبار أن المادة 13 من ميثاقها تنص على شرط عدد البلدان المصدقة لتدخل حيز التنفيذ.

وبين أن ذكرى هذا اليوم الدولي تأتي ولا تزال ممارسات الاحتلال الإسرائيلي مستمرة في فلسطين المحتلة، وعلى مرأى المجتمع الدولي، حيث تظهر كل أركان جريمة الإبادة الجماعية بحق فلسطين وأهلها، وخاصة منذ 7 تشرين الأول 2023 (طوفان الأقصى)، مشيرا إلى أنها جريمة وحشية استمرّت طوال تاريخ الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي، حيث تشير بعض الإحصائيات إلى أن العصابات الصهيونية ارتكبت بين عامي 1937 و1948 حوالي 75 مجزرة، ارتقى على أثرها أكثر من 5 آلاف شهيد.

ولفت إلى تزايد الجرائم بعد النكبة عام 1948، أي بعد إقرار اتفاقية الإبادة الجماعية، ما يعكس عدم اكتراث إسرائيل لها ولغيرها من المواثيق والمعاهدات الدولية، ما يشكل تحديا وإحراجا للمنظمات الدولية.

وقال إن اللجنة الملكية لشؤون القدس، بمناسبة مرور 75 عامًا على اتفاقية منع الإبادة الجماعية، تؤكد أنه بالرغم من توقيع 153 دولة عليها، ما تزال حبراً على ورق في ظل ما تمارسه إسرائيل من إبادة جماعية متوحشة ضد الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يجعل المؤسسات والمنظمات الدولية، أمام مواجهة حقيقة تتفرع إلى تحديين هما الدفاع عن شرعيتها ومنطلقاتها التي وجدت من أجلها، والسعي لإيجاد سُبل فعالة لتنفيذها، وإلزام كل من يعارضها ويحاول نسفها، مثل الاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل ممارساته الإجرامية وعمليات التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى سعيه لإغلاق مؤسسات دولية مثل الأونروا ومنع ممثلي المنظمات الدولية من دخول فلسطين المحتلة، والتضييق عليهم في حال كانت تقاريرهم ترصد حجم عدوانهم السافر.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الزرقاء الدكتور الحارث الحلالمة إن العالم يحتفل بهذه الذكرى هذا العام في ظل حاجة فعلية لإعلاء شأن الحشد الدولي لوقف الإبادة الجماعية، التي فشل القانون الدولي والعالم في وقف هذه الجرائم، لافتا إلى أن هذا العام يضع هذه الذكرى من جديد أمام الضمير الإنساني الدولي في ظل الحرب العدوانية على قطاع غزة.

وبين أن عدم قيام المجتمع الدولي بدوره الأخلاقي والقانوني، كما أن الاحتفاء بهذا اليوم بشكل يكرس وقفة جدية تجاه جرائم الاحتلال ووقوف العالم في وجه الاحتلال الإسرائيلي، سيخلق حالة من الفوضى السياسية وتجعل الاعتداء على الإنسانية وارتكاب عمليات إبادة جماعية أمراً مستساغاً، ما يؤدي إلى حالة من الفوضى العارمة في الساحة الدولية.

وقال النائب الأسبق وأستاذ العلوم السياسية الدكتور هايل ودعان الدعجة "تتزامن هذه المناسبة الأممية مع ما يرتكبه الكيان الإسرائيلي من مجازر وإبادة جماعية بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، لتبقى شاهداً على أن هذا الكيان قائم على القتل والبطش والتنكيل، إلى أن وصلت به الأمور لارتكاب أبشع الجرائم التي عرفها التاريخ بحق البشرية وعلى مرأى من المجتمع الدولي الذي عليه أن يتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والإنسانية في منع هذه الجريمة الشنيعة ومعاقبة ومحاسبة مرتكبها الذي لم تبقَ دولة في العالم إلا ودانت جريمته واستنكرتها عبر مظاهرات ومسيرات احتجاجية مليونية قادتها شعوب العالم، لتضع دولها وحكوماتها أمام تحدي إثبات حضورها ومراعاتها لحقوق الإنسان والحريات وحق الشعوب في الحرية والاستقلال، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع الجرائم ويقدم أكبر التضحيات للحصول على حريته وإقامة دولته.

ولفت إلى أن المجتمع الدولي أمام اختبار عملي في تفعيل هذه المناسبة التي قننت جريمة الإبادة الجماعية في القانون الدولي منذ أكثر من سبعين عاماً، عبر توظيف أدواته ووسائله القانونية لإيقافها واتخاذ أقصى العقوبات بحق الكيان المجرم الذي تخطى بممارساته الإجرامية كل الأعراف والقوانين والتقاليد الدولية، خاصة بعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق جالانت، ما يعكس الموقف الدولي الحازم من الجرائم والمجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين.
الأمين العام للجمعية العامة للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أشار في رسالته بهذه المناسبة عبر الموقع الإلكتروني للجمعية، إلى أنه من واجب الحكومات قاطبة أن تُصَدِّق بالنيابة عن ضحايا الإبادة الجماعية والناجين من أهوالها على الاتفاقية، وأن تنفذها التنفيذ التام، وأن تحاسب الجناة على أفعالهم.
وأشار إلى أن أفضل طريقة لتكريم ضحايا الإبادة الجماعية والناجين منها هي تكثيف العمل من أجل الحيلولة دون وقوع هذه الجريمة البشعة.

بترا - بشرى نيروخ 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير