عوني الداوود
ونحن على مشارف الشروع بمناقشة مشروع موازنة 2025 تحت قبة البرلمان (بعد مناقشات الثقة)، فإنه من المهم جدًّا التذكير بأبرز الملفات الاقتصادية التي ركّزت عليها الأحزاب التي خاضت الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وخصوصًا تلك التي حالفها الحظ ونجحت بالحصول على مقاعد - بغضّ النظر عن عددها أو نسبتها - إلا أنّها جميعها، سواء من حصل على 32 أو 30 أو حتى «مقعدين»، أصبحت قادرة على طرح برنامجها الاقتصادي ومناقشة مشروع الموازنة انطلاقًا من تلك الأهداف أو الشعارات أو النظام الأساسي لكل حزب.
في البرلمان العشرين، يجب أن تختلف مناقشات مشروع الموازنة عمّا سبقها من مناقشات في المجالس السابقة انطلاقًا مما يلي:
أ)- المجلس الـ(20) مجلس نواب «حزبي» بامتياز، فاق عدد المقاعد المخصصة للأحزاب (41) مقعدًا، والمستقلون فيه هم الأقلية عددًا.
ب)- جميع الأحزاب تحت القبة لديها برامج اقتصادية - حتى تلك التي نجحت بشخوص مرشحيها بعيدًا عن البرنامج - إلا أنّها اليوم أمام فرصة لإشهار برنامجها الاقتصادي تحت القبة ليطّلع عليه الشعب.
ج)- الخطاب «الجمعي» الحزبي المنظّم بالتأكيد سيكون مختلفًا عن الخطاب «الفردي» للنائب. و«النائب الحزبي» لديه مرجعيات حزبية قادرة على صياغة خطاب اقتصادي مهني يناقش ويحلّل مشروع الموازنة استنادًا إلى أهداف وبرنامج حزبه، وإلى بيوت الخبرة ممن تزخر بهم الجمعية العمومية لكل حزب.
ومن كل ما تقدّم، أذكّر هنا بجوانب من الأولويات الاقتصادية لعدد من الأحزاب، استنادًا إلى أهدافها وبرامجها الانتخابية التي سبق وأعلنتها وجعلتها أولوية في هذه المرحلة، ومنها:
1 - حزب الميثاق:
يعتبر الحزب أنّ «البطالة» أهم قضية بالنسبة له، كما أكّد الحزب على أنه سوف يطوّر استراتيجية شاملة للتعامل مع مشكلة البطالة في الأردن.
2 - حزب جبهة العمل الإسلامي:
لديه رؤية اقتصادية تفصيلية سبق وأعلنها حتى العام 2030 وبمختلف القطاعات.
3 - حزب إرادة:
دعا لبرنامج لمدة عشر سنوات لتحقيق التوازن بين ضريبة الدخل من خلال زيادة نسبة ضريبة الدخل من الإيرادات الضريبية (ضريبة تصاعدية) وتخفيض ضريبة المبيعات لتصبح 50 % من الإيرادات الضريبية.
4 - حزب تقدّم:
في دراسة أجراها الحزب حول العلاقة بين المجالس التنفيذية في المحافظات والمجالس البلدية ومجالس اللامركزية، أظهرت أنها تحتاج إلى تنظيم أفضل، إضافة إلى أهمية إنشاء وحدات للتنمية والشراكة في كل محافظة تهدف لتحديد المميزات التنافسية.
5 - الحزب الوطني الإسلامي:
من العناوين الاقتصادية الهامة التي ركّز عليها في حملته الانتخابية «مشروع الناقل الوطني للمياه» وأهميته باعتباره أولوية وطنية.
ما هو مذكور أعلاه مجرّد أمثلة بسيطة، وإلا فإنّ التفاصيل تطول، ولكنها مجرد إشارات للتأكيد على أنّ معظم - إن لم تكن جميع - الأحزاب لديها برامج وأهداف اقتصادية ذكرتها تفصيلًا في نظامها الأساسي الذي تأسست بناءً عليه، وضمن برنامجها الانتخابي وحملاتها الدعائية.
وقد آن الأوان لجميع تلك الأحزاب أن تظهر لنا الفرق في مناقشات مشاريع الموازنات (والتي نعلم جيّدًا عدم قدرة مجلس الأمة عمومًا على زيادة دينار في الموازنة وفقًا للتشريعات)، ولكن المجلس يستطيع أن ينسّب بتخفيضات هنا أو هناك. ولكننا نريد هذه المرة من السادة النواب في المجلس العشرين وخصوصًا الحزبيين ما يلي:
1 - مناقشات مختلفة، محترفة ومتخصصة، تؤسس لإعداد جديد للموازنة في السنوات القادمة.
2 - طرح مقترحات «خارج الصندوق» لحلول اقتصادية تعالج مشاكل باتت مزمنة، وفي مقدمتها: عجز الموازنة، معدلات النمو المنخفضة، وارتفاع المديونية.
3 - دعم دور القطاع الخاص بجذب استثمارات تساهم بخلق مزيد من فرص العمل لمواجهة المشكلة الأولى وهي «البطالة».
4 - الضغط من أجل إنفاق مخصصات «المشاريع الاستثمارية» بالكامل، لأنها الوحيدة القادرة على تحسين معدلات النمو وخلق الوظائف.
5 - أن تكون هناك مراجعة ومتابعة (ربعية / كل 3 شهور) - على الأقل - من قبل السادة النواب (اللجنة المالية) لمدى سير العمل بتنفيذ الموازنة، سواء ما يتعلق بحجم الإيرادات والتحصيلات الضريبية، أو ضغط النفقات، أو تنفيذ المشاريع الرأسمالية، وخصوصًا في المحافظات.
6 - نتمنى الاستفادة «فعليًا» من التوصيات التي تصدر كل عام عن السادة مجلس الأعيان حول مشروع الموازنة، والتي تعالج كثيرًا من التشوهات وتوجه نحو النهوض بالقطاعات الاقتصادية المختلفة.
7 - نتطلع لمتابعة حثيثة ومراجعة دورية من قبل السادة النواب لسير عمل البرامج التنفيذية للحكومة في «رؤية التحديث الاقتصادي» و«التطوير الإداري».
*باختصار: في هذه الظروف الجيوسياسية الاستثنائية، وفي ظل مجلس هو نتاج «الإصلاح السياسي»، نتوقع منه أداء حزبيًا «برامجيًا» يتنافس ويتشارك فيه الجميع - بمن فيهم الحكومة - على إفراز موازنة للعام المقبل 2025 بحجم الطموحات، ليبقى اقتصادنا قويًا في وجه التحديات والمتغيرات الإقليمية والعالمية.