جفرا نيوز -
محمود كريشان
طالب المنتج الأردني الكبير محمد المجالي المسؤولين عن الأغنية الأردنية تشكيل لجنٍة متخصصة في موضوع الأغاني الوطنّية، منطِلقًا من أّن حساسّية الموضوع تنبع من أّن الغناء للوطن يجب أن يخضع لشروط: الكلمات والموسيقى، وقيمة العمل، المستند أساسًا لرقّي موضوعه، وان غياب أجهزة الرقابة، افرز أغنيات هابطة وما يرافق ذلك من جوانب مؤسفة في موضوع غاية بالأهمية يحمل في طياته الفوضى، ذلك لأّن كثيرًا من الشباب ما يزال يستعجل الشهرة، وهذا ما دفع بكٍّم غير يسيٍر منهم لعدم الترّيث، فتوالت الأغاني، التي لم يحقق أغلبها بعض متطلباتها الهادفة، ضمن ضوابط الكلمة المعبرة واللحن الجميل والغناء المعبر عن الشعر والكلمة.
وأشار المجالي الى ان الأغنية الأردنية تواجه اليوم أزمة الغناء بلحنٍ آخر فقط، بل أصبحت تغنى من منظور آخر يختلف عن نشأتها وهويتها، ولا يعبر عن منبعها وأصولها وعراقة شعبها، فكان الفن دوماً مرآة الشعوب التي تعكس ذوقها وعبقها ورائحة أرضها، مبينا أن تراجع مسموعية الأغنية الأردنية، يعود إلى اهتزاز القاعدة الفنية لدى المستمعين، وإحلال الأغنية الغربية وإيقاعاتها على اللحن الشرقي، مع إدخال بعض أنواع الموسيقى الغربية مثل "الراب" و "الفلامنغو" والنمط "الغجري الهنجاري" على بعض الأغاني العربية أفقد الأغنية قيمتها وعراقتها، عدا عن أن التراث الأردني ينحدر من أصوله المحيطة لا من جذور المنطقة الأردنية بذاتها، لذا تلاشت البصمة التراثية الوطنية ولم تعد ملامحها واضحة.
وبين المجالي لـ"جفرا نيوز" أن كلمات الأغنية العربية وبالتحديد "الأردنية" تعاني من أزمة اندثار تهدد وجودها، بسبب إدخال بعض المصطلحات الإنجليزية المعربة، التي أثرت على المعنى وأفقدته رونقه ونكهته، خاصة وأن الأغنية الحديثة التي لا تمت للفكلور الأردني بصلة، أطاحت بالذوق العام وحكمت عليه بالموت المحتم من خلال هبوط اللحن والكلمة، فاليوم تغنى الأغنية الأردنية ويرددها المستمعون لمدة ثلاثة ايام، أما الأغنية القديمة ما زالت تعيش معنا لأكثر من ثلاثين سنة من طرحها، مؤكداً أن "الفن الهابط" لن يصنع تراثاً، لانه كلما زادت ثقافة المجتمع، ازدهر فنه، مُعزياً تراجع الأغنية الأردنية إلى تقصير الفنانين الأردنيين في الحفاظ عليها، وإلى تراجع المنظومة الثقافية على وجه العموم ليس فقط في مجال الفن.
وأعرب المجالي لـ"جفرا نيوز" عن أسفه على المشهد بكل سوداويته الئي تسلل للطرب في ظل عدم وجود لجان مختصة لتقييم الأغنيات قبل اجازتها، ولتكون مقارنة ظالمة ومستحيلة مثلا مع «فيروز» وهي تطلق العنان لصوتها بتلك الأنفة التي تذكرك بنساء ملأن التاريخ حضوراً، لنذهب معها في حبنا للأردن وهي تشدو: أردن أرض العزم أغنية الظبى، نبت السيوف وحد سيفك ما نبا، أو حينما تدغدغ مشاعرنا بصوتها الشدي وهي تبشرنا بمحبة عمان في القلب: سكنت عينيك يا عمان فالتفتت إلي من عطش الصحراء أمواه، وتوفيق النمري وأغانيه وألحانه الخالدة، التي جعلته أحد رموز هويتنا الوطنية الأردنية ولتبقى: "ويلي ما أحلاها البنت الريفية" و"مرحى لمدرعاتنا"، واغنيات مطربنا الوطني الكبير "عمر العبداللات، التي انغرست في أرض الغناء الذي فرض هوية أردنية حصرية على أنواع الطرب الهادف.
ويرى المجالي، أن فقدان هوية الأغنية الأردنية جاء من ضياع الهوية العربية بشكل عام، أما تردي وضع الأغنية يقاس بهبوط كلماتها من خلال طرح مضمون لا يحتوي على تراث لغوي وجذري مميز، مشيراً إلى أن الفلكلور المتعارف عليه كما في "ميجانا وأبو الزلف وظريف الطول وجفرا" ما زال موجود إلى اليوم يغنى في المحافل الشعبية، أما المحافظين عليه ومن يميلوا لأن يغنوه قلائل، ولا ننسى ان نشير الى ان الاغنية الاردنية تألقت في الساحة العربية بكلماتها وإلقائها بمنتصف التسعينات عندما غناها اسماعيل خضر وسميرة توفيق محتفظين بمفهوم الفن الملتزم وامتد هذا التألق الى جيل مبدع من المطربين الاردنيين مثل: عمر العبداللات والمرحوم متعب السقار وحسين السلمان وبشار السرحان وديانا كرزون وسميرة العسلي ونهاوند وغيرهم من اصحاب الاصوات الجميلة والاغنيات الملتزمة بقواعد الفن والطرب.
عطاء بلا حدود
ومن الجدير ذكره ان المنتج محمد المجالي، راكم عبر مشواره اكثر من اوبريت فني في اكثر من مناسبة وطنية ، منها : أوبريت عز العرب و أوبريت أردني يا بلدي ، و كلنا نحب الحياة بمشاركة مجموعة من كبار الفنانين الأردنيين و العرب، وحفل اوبريت «اردن يا بلدي» الذي اقيم على مسرح المركز الثقافي الملكي في عمان احتفاء بعيد ميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم، وقدم الاوبريت كل من الفنانين عبادي الجوهر وميادة الحناوي، ومحمد البلوشي من الكويت، ورامي عياش من لبنان، وأنغام من مصر، وعمر العبداللات، وسميرة العسلي وديانا كرزون من الاردن، كما استضاف عددا من ابطال المسلسالت و المسرحيات العربية التي لاقت نجاحا عند المشاهد العربي مثل : اسرة مسلسل ام كلثوم ، واسرة مسرحية لن تسقط القدس، بالاضافة لانتاج كم كبير من الاغنيات لكبار الفنانين التي صاغها كبار الشعراء مثل: الفنانة التونسية صوفيا صادق التي صدح صوتها تغنياً بجلالة الملك الراحل الحسين بن طلال بأغنية "يا أيها الملك الأجل مكانة بين الملوك"، ورائعة الشاعر حبيب الزيودي المغناة بصوت المطربة الكبيرة أنغام "صباح الخير يا عمان"، وفي عام 2003 كانت ميادة الحناوي في مسرح المركز الثقافي الملكي، تشدو بقصيدة الشاعر حبيب الزيودي "أهلي وقهوتهم بالطيب عابقة.. يؤمّها الناس فرسانا وعشاقا"، كما اقام مهرجانا لدعم مرضى السرطان 1999 بمشاركة كبار الفنانين العرب.