جفرا نيوز -
جاء اعتقال رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية ورئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب أول من أمس لفترة وجيزة، كحلقة جديدة من مسلسل الممارسات التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، للتضييق على الفلسطينيين في شتى المجالات.
الرجوب الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام للجنة المركزية لحركة فتح، تم اعتقاله من قبل عناصر الأمن الإسرائيلي، بعد وقت قصير من عبوره جسر الملك حسين، في طريق عودته إلى الضفة الغربية من الأردن.
وبعد استجوابه، تسلم الرجوب أمرا بإجراء مزيد من الاستجواب في معتقل عوفر (إلى الجنوب الغربي من رام الله) اليوم الخميس.
وأعلن الرجوب أنه لن يحضر للاستجواب في معتقل عوفر، في وقت امتنع فيه المسؤولون الإسرائيليون عن الإدلاء بأي تعليق واضح على سبب اعتقال الرجوب واستدعائه للاستجواب؛ غير أن مصادر إسرائيلية وفلسطينية جادلت بأن إسرائيل لديها ما لا يقل عن ثلاثة أسباب مختلفة.
السبب الأول هو مطالبة الرجوب باعتباره المسؤول الأول عن الحركة الرياضية الفلسطينية، للجنة الأولمبية والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بحرمان إسرائيل من المشاركة في البطولات الرسمية، بسبب الحرب التي تشنها على غزة، والجرائم والمجازر التي ترتكبها يوميا بحق الفلسطينيين، كما أن الرجوب يتحرك ضد السماح بالاعتراف على الساحة الدولية بفرق كرة القدم في المستوطنات بالضفة الغربية، على أنها فرق إسرائيلية.
والسبب الثاني هو أن الرجوب يلعب دورا في محاولة إجراء مصالحة بين حركتي فتح وحماس، وهو الأمر الذي لا يرغب الإسرائيليون برؤيته، بل عاقبوا الرجوب على إثره، عبر إلغاء "بطاقة كبار الشخصيات" الخاصة به.
أما السبب الثالث، فيتمثل في اختبار القيادة الفلسطينية بأكملها، وخصوصا قيادة فتح والسلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية، من خلال الإجراءات التي يتخذها الإسرائيليون تجاه الرجوب.
ونجح الرجوب في إعادة تنظيم القطاع الرياضي في فلسطين، ويحتفظ كذلك بثقله السياسي، كونه القائد السابق لنظام الأمن الوقائي الفلسطيني، وهو شخصية تحظى باحترام واسع في الصفة الغربية، ما يؤثر سلبا على قدرة منافسيه على التخلص منه.
ويؤكد الكاتب وادي أبو نصار، أن الاعتقاد السائد في بعض الدوائر الإسرائيلية هو أن القادة الفلسطينيين سيتخلون عن الرجوب أو سيتشدقون ببعض الكلام على شكل إدانات للإجراءات الإسرائيلية ضده، لكنهم لن يتصرفوا بالضرورة بحزم للدفاع عنه ضد الممارسات.
ووفقا لرأي أبو نصار، يبدو أن المسؤولين الإسرائيليين ما زالوا يؤمنون بموقف "الفرقة والحكم" بين المنتقدين، العرب والمسلمين بوجه عام، والفلسطينيين بوجه خاص؛ وكما كان واضحًا للكثيرين (وأصبح أكثر وضوحًا اعتبارًا من 7 تشرين الأول-أكتوبر 2023) أن إسرائيل هي التي حافظت عمليا على الانقسام بين فتح وحماس، ومن الممكن القول بأن إسرائيل تلعب دوراً حاسماً في الوقت الحاضر ضد السماح لفتح بالتحديد، بتمكين السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية بشكل عام، لأنها لا تريد أن يتحدث أي شخص بعد الآن عن السماح بوجود كيان سياسي فلسطيني غرب نهر الأردن.
ويتابع الكاتب أن إسرائيل عبر التضييق على شخصية مثل الرجوب، تبعث رسالة للعالم مفادها أنها لا تريد السلام، وأن اللغة الوحيدة التي تفهمها إسرائيل هي القوة؛ وبالتالي، فإن الإعجاب بحماس وحزب الله وإيران سيزداد.
ويؤكد أبو نصار أنه "من المهم أيضًا أن يتصرف جميع القادة الفلسطينيين، بمن فيهم أولئك الذين لا يحبون جبريل الرجوب، للدفاع عنه بجدية ضد القرار الإسرائيلي، خصوصا وأن الإسرائيليين ليس لديهم دليل يربطه بأي عمل من أعمال العنف.
ويعتبر الرجوب البالغ من العمر 71 عاما، عمله في الجانب الرياضي، مكملا لنضاله في وجه الاحتلال الإسرائيلي منذ ما يقرب من 60 عاما. وهو الذي سجنته إسرائيل في سن الرابعة عشرة، لمحاولته مساعدة أفراد الجيش المصري على الفرار من الأسر الإسرائيلي.
وقضى الرجوب ما يقرب من عقدين من الزمان في السجون الإسرائيلية. وفي العام 1985، أطلقت إسرائيل سراحه كجزء من صفقة تبادل الأسرى، ولكنها اعتقلته بعد فترة وجيزة ووضعته في الحبس الانفرادي، حيث أضرب عن الطعام لمدة 30 يوما.
ويدعم الرجوب الرياضيين الذين يرفضون اللعب أمام المنافسين الإسرائيليين، ويدعو دائما إلى حظر إسرائيل رياضيًا، وواجه أيضا اتهامات وتحقيقات من قبل الاتحادات الرياضية الدولية، لكنه ما يزال مصرا على إكمال عمله.
وقال في مقابلة مع مجلة "ذا نيشن" على هامش حضوره منافسات أولمبياد باريس 2024: "الرياضة اليوم لغة عالمية. لقد أمضيت 17 عامًا في السجون الإسرائيلية، ورغم ذلك، لا أريد أن أتسبب في معاناة أي شخص، بغض النظر عن هويته أو المكان الذي أتى منه. أعتقد أن استخدام الرياضة والرياضيين كأساس في مقاومتنا ونضالنا، أمر فعال للغاية. وحتى هنا في فرنسا، فإن الطريقة التي تم استقبالنا بها، وفي جميع أنحاء العالم، تشجعني وتحفزني على مواصلة هذا المسار.. الرياضة أداة سلمية وغير عنيفة".
ويركز الرجوب جهوده، على الإظهار للعالم كيف شوه الاحتلال الإسرائيلي شيئا بسيطا مثل الرياضة، مبرزا انتهاكات دولة الاحتلال للميثاق الأولمبي وقرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم ضد الفصل العنصري في الرياضة، وأضاف الرجوب: "إنها ليست قضية سياسية بالنسبة لي.. إنها قضية أخلاقية وقانونية".
وقتلت إسرائيل العديد من الرياضيين والمدربين الفلسطينيين وقصفت المنشآت الرياضية، كما حولت قوات الاحتلال ملعب اليرموك في غزة إلى مركز اعتقال واستجواب.
وأردف الرجوب: "أعمل على الرغم من الإغلاق والقتل والاختناق والتطهير العرقي في غزة وتدمير جميع المرافق الرياضية، حتى أن بعضها يستخدم كمعسكرات اعتقال في الضفة الغربية. لقد اضطررنا إلى تعليق جميع الأنشطة الرياضية الرسمية، ورغم ذلك، أتينا (إلى باريس) بثمانية رياضيين ونحاول نقل رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أنه حان الوقت لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني".
وتزود الولايات المتحدة إسرائيل بالأسلحة والاستخبارات، وعن ذلك قال الرجوب: "إنهم يسلحون، ويدعمون، ويدافعون، ويحمون، للإسرائيليين الحق في العيش في سلام وأمن، ولكن داخل حدودهم المعترف بها دوليا. إن إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة بجوار دولة إسرائيل سيساهم في الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي".
واسترسل: "لا يستطيع الإسرائيليون أن يستمروا في سياساتهم التوسعية والفاشية على الأرض وفي الوقت نفسه يعتقدون أنهم يستطيعون التمتع بالأمن والتكامل في الشرق الأوسط. لا أمن ولا تكامل دون ظهور دولة مستقلة ذات سيادة".
ويعتقد الرجوب، أن حركة التضامن العالمية مع فلسطين خطت إلى الأمام في ألعاب باريس، وقال: "الكرة في ملعب المجتمع الدولي والشعوب الحرة وفرنسا.
لقد ألهمت الثورة الفرنسية العالم أجمع قبل قرنين من الزمان، ولقد ألهمت ثورة الثالث عشر من يوليو 1789 العالم أجمع، لقد حان الوقت، لقد حان الوقت لأن ينهض أنصار تلك الثورة ويقولوا.. كفى".