النسخة الكاملة

قطار الإصلاحات الاقتصادية انطلق.. فماذا سيحمل في عرباته من قرارات وتسهيلات؟

الأحد-2024-07-21 12:59 pm
جفرا نيوز -
ينطلق الأردن في تنفيذ إصلاحات هيكلية تتماشى مع توصيات صندوق النقد الدولي لتحسين بيئة الأعمال في البلاد. لكن عدم الاستقرار الإقليمي والمشاعر المعادية للغرب قد يواصلان ردع بعض الاستثمارات الأجنبية.

وقرر صندوق النقد الدولي في 1 يوليو أن يتيح للأردن استخدام 97784 وحدة سحب خاصة أُخرى (حوالي 130 مليون دولار) من موارد الصندوق، من إجمالي موارد البرنامج الذي تمّ إقراره سابقا بمقدار 926370 وحدة سحب خاصة (حوالي 1.2 مليار دولار، ويُعادل نسبة 270 في المئة من حصة العضوية في الصندوق المُقرَّرة للأردن).

وجاء هذا بعد أن أكمل المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي المراجعة الأولى في إطار تسهيل الصندوق المُمدَّد مع الأردن. وأشار الصندوق في إعلانه عن الصرف أن برنامج الأردن بدأ بداية قوية، مما يعكس تحكم السلطات الجيد فيه.

وأكد الصندوق أن عمّان استوفت جميع المعايير والمقاييس ضمن المراجعة الأولى، بما في ذلك جهودها لتحسين استقرار الاقتصاد الكلي في البلاد، وبيئة الأعمال، والجدوى المالية لقطاع الكهرباء. لكن صندوق النقد الدولي أشار كذلك إلى أن المملكة لا تزال تواجه معدلات بطالة مرتفعة ونفقات كبيرة حيث تستضيف أكثر من 600 ألف لاجئ سوري.

وعدّل صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في الأردن لسنة 2024 من 2.6 في المئة إلى 2.4 في المئة. لكنه توقع أن يكون النمو الاقتصادي أعلى خلال 2025، بشرط الحد من الآثار غير المباشرة الناتجة عن الحرب المستمرة بين حماس وإسرائيل في غزة المجاورة.

وحددت دائرة الإحصاءات العامة الأردنية أن معدل البطالة بلغ 21.4 في المئة خلال الثلاثي الأول من سنة 2024، مسجلا انخفاضا قدره 0.5 في المئة عن الثلاثي الأول من سنة 2023.

وأسفرت إصلاحات الاقتصاد الكلي في الأردن والمرونة التي أظهرتها عند مواجهة الصدمات الخارجية عن تفعيل تعزيز الصندوق الممدد للإصلاحات الهيكلية الإضافية، والقطاع الخاص، وزيادة تعزيز المرونة الاقتصادية في البلاد.

وعوّضت اتفاقية صندوق الاستثمار الأجنبي في يناير 2024 صفقة صندوق النقد الدولي السابقة للأردن التي كان من المقرر أن تنتهي في وقت لاحق من العام. وجاء هذا بعد أن أوفت عمّان بالعديد من التزاماتها المالية والنقدية من الاتفاق السابق. ودعمت الاتفاقية السابقة، الموقعة في 2020، جهود ضبط أوضاع المالية العامة في الأردن حيث واجهت البلاد دينا عاما منهكا وقطاعا خاصا متباطئا، بالإضافة إلى التداعيات الاقتصادية العالمية لجائحة كوفيد – 19.

اتخذ الأردن إجراءات لتحسين بيئته الاستثمارية عبر إصلاحات الاقتصاد الكلي والإصلاحات الهيكلية التي تتماشى مع صندوق النقد الدولي، وعبر اعتماد قانون بيئة الاستثمار لسنة 2022، الذي قدم حوافز وإعفاءات للمستثمرين. وذكر البنك المركزي الأردني أن البلاد حصلت في النصف الأول من 2023 على 776 مليون دولار من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة، مما شكّل زيادة قدرها 20.9 في المئة عن النصف الأول من 2022 (أشارت بيانات البنك الدولي إلى أن تدفقات الاستثمار إلى الأردن كانت في اتجاه هبوطي عامة منذ أن بلغت ذروتها خلال 2006).

وواجه الأردن آثارا غير مباشرة من الحرب بين حماس وإسرائيل على الرغم من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية. وكان ذلك منذ اندلاع الصراع في 7 أكتوبر، بما شمل انخفاض السياحة، والمقاطعة ضد العلامات التجارية الغربية بسبب دعمها المفترض لإسرائيل، والشكوك حول الوضع الاقتصادي بشكل عام. وقدّم تسهيل الصندوق الممدد برنامجا هيكليا للحفاظ على تقدم الأردن وبناء المزيد من القدرة على الصمود، إضافة إلى بعض الجهود الإضافية لضبط أوضاع المالية العامة لتحسين خلق فرص العمل في القطاع الخاص وتعزيز الخدمات الاجتماعية الأردنية.

وطبّق الأردن في 2019 نظاما ضريبيا تصاعديا على الأفراد والشركات لزيادة الإيرادات الحكومية ضمن مساعي تصحيح أوضاع المالية العامة. كما اعتمد تشريعات لزيادة المنافسة التجارية، وخفض تكاليف التشغيل للشركات، وتحسين مرونة سوق العمل، وزيادة الشفافية الحكومية. وقررت وزارة الاستثمار أتمتة ما يقرب من 100 خدمة وأطلقت منصة "استثمر في الأردن” التي توفر 36 فرصة استثمارية مختلفة لدعم القطاعات المتنامية في البلاد.

وفي أواخر يناير 2024، أشار جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إلى أن أيّ تحسن وصمود للاقتصاد الأردني من خلال الإصلاحات التي أجريت في الماضي سمح للأردن بالتغلب على هذه الأوقات الصعبة أو تخفيف عبئها عنه.
 
وتعرض قطاع السياحة الأردني، الذي شكل 14.6 في المئة من اقتصاد البلاد في 2023، لضربة كبيرة بعد وقت قصير من اندلاع حرب غزة، مما دفع الكثيرين إلى إلغاء رحلاتهم إلى المملكة في خضم الغموض السائد بشأن الصراع القريب منها جغرافيا. لكن معدلات إشغال الفنادق ارتفعت في أبريل، خلال عطلة عيد الفطر. وحددت بيانات البنك المركزي الأردني انخفاض عائدات السياحة في الأردن بين يناير ويونيو بنسبة لم تتجاوز 4.9 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من 2023. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تدفق السياح العرب، مما يرمم بعض آثار قلة السياح الغربيين بسبب الحرب.

ورفعت وكالة موديز في مايو 2024 تصنيف الأردن الائتماني السيادي طويل الأجل من الدرجة "بي 1” إلى "بي إيه 3” أي ذات جدوى جدارية ائتمانية متوسطة مع نظرة مستقبلية مستقرة بفضل إصلاحات الاقتصاد الكلي في البلاد، وإستراتيجيات تخفيف المخاطر، والمرونة في مواجهة الصدمات العالمية. كما يشير التصنيف الائتماني المرتفع إلى تحسن ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد الأردني.

وسينفذ الأردن خلال الأشهر المقبلة إصلاحات هيكلية أوصى بها صندوق النقد الدولي لتحسين بيئة الأعمال في البلاد. وتشير سابقة الأردن الأخيرة المتمثلة في متابعة توصيات صندوق النقد الدولي ضمن صفقته السابقة أو قبل المراجعة الأولى لاتفاقه الجديد مع تسهيل الصندوق الممدد إلى أن عمّان قد تتخذ إجراءات لتحفيز الاستثمار على مدى الأشهر الـ12 المقبلة، بما يتماشى مع التوصيات.

ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى إلغاء تدابير الترخيص للمكتبات والأنشطة الثقافية والرياضية، وتقليص إجراءات الترخيص لقطاعات الغذاء والتعليم ورعاية الأطفال. كما قد تساهم هذه التدابير في تحسين بيئة الأعمال للمستثمرين المحليين من خلال الحد من الحواجز التي تعطّل الشركات الجديدة ورواد الأعمال، ومراجعة التكاليف الأولية المرتبطة بالحصول على التراخيص.

وسيتخذ الأردن تدابير لجذب الشركات الأجنبية. وقد يشمل ذلك تسهيل الواردات والصادرات من خلال التخليص الجمركي السريع باستخدام مركز رقمي، مما سيسهل ويسرع على الشركات التي تتخذ من الأردن مقرا لها الضلوع في التجارة الدولية.

كما قد يحاول الأردن تنشيط تدفقات الاستثمار الأجنبي المتزايدة التي شهدها قبل اندلاع حرب غزة عبر منح إعفاءات ضريبية للشركات الأجنبية وحوافز أخرى كتلك الواردة في قانون بيئة الاستثمار لسنة 2022، الذي يشمل إعفاءات ضريبية للشركات التي تركز على التصدير، والشركات التي تسعى للاستثمار في القطاعات الأقل نموا في الأردن (مثل القطاعين الزراعي والصناعي)، والشركات التي توظف أكثر من 250 أردنيا بموجب بند "الأردنة” في القانون. كما سيستخدم الأردن منصات الإنترنت القائمة، مثل "استثمر في الأردن”، لتوجيه المستثمرين المحتملين إلى الفرص المتاحة في القطاعات الرئيسية والناشئة، بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتنامية والرعاية الصحية والسياحة.

ووفقا لتقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في يونيو 2022، ليست القطاعات الأكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر في الأردن (العقارات والبناء والنفط والغاز) هي التي تتمتع بأكبر إمكانات لخلق فرص عمل جديدة وتعزيز الإنتاجية الاقتصادية. وأشارت المنظمة بدلا من ذلك إلى قطاعات الطاقة المتجددة وخدمات الأعمال وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والنقل في الأردن ذات إمكانات النمو الأقوى. ومن المرجح بالتالي أن تستهدف جهود الأردن لتنويع فرص الاستثمار وتحفيزها هذه القطاعات الناشئة وتعزز خلق فرص العمل فيها.

ورغم الجهود التي تبذلها الحكومة، من المرجح أن يؤدي غموض توسع الصراع الإقليمي على مقربة من الأردن إلى ردع بعض الاستثمارات على المدى القصير. وأثار تصاعد الاشتباكات الحدودية بين القوات الإسرائيلية وحزب الله اللبناني مخاوف من اندلاع حرب إقليمية موسعة إذا قررت تل أبيب شن عملية عسكرية على طول الحدود الشمالية مع لبنان.

وأفادت التقارير في مايو 2024 بأن شركة أبوظبي التنموية القابضة (أحد صناديق الثروة السيادية) استكملت إجراءات تأسيس صندوق لتطوير مشاريع البنية التحتية في السوق الأردنية للاستثمار في عدد من مشاريع البنية التحتية والتنموية التي ستصل قيمتها إلى خمسة مليارات دولار. وكانت الإجراءات قد انطلقت بعد اتفاق بين الإمارات والأردن خلال سنة 2023.
 
 العرب اللندنية
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير