النسخة الكاملة

هنري أفيري... مصير القرصان لم يعد لغزاً

الأربعاء-2024-07-03 10:23 am
جفرا نيوز -
بعد ثلاثة قرون، نجح باحثون أخيراً في حلّ غموض لغز مصير أشهر القراصنة، هنري أفيري. هذا الرجل الذي لُقّب بـ"ملك القراصنة"، بعدما نفذ أكبر عملية نهب شهدها التاريخ البحري في أواخر القرن السابع عشر. وتمكّن من الهروب والاختفاء من دون أن يترك أي أثر، لتبقى تفاصيل حياته طي الكتمان لمئات السنين. أخيراً، كشف عالم الآثار البحرية شون كينغسلي، عن رسائل مشفرة لأفيري تُظهر جانباً آخر من حياته، وتعيد كتابة تاريخ إحدى أكثر الشخصيات غموضاً وإثارة في عالم القرصنة.

هنري أفيري القرصان الإنكليزي، المعروف أيضاً باسم هنري إيفري أو لونغ بن، عمل في القرصنة لعامين فقط، لكنّه حقّق خلالهما أكبر ثروة شهدها عالم القرصنة على الإطلاق. عام 1695، أغار أفيري على الأسطول المغولي العائد من رحلة الحج السنوية إلى مكة، مستولياً على كنوز هائلة ليصبح اسمه أسطورة لا تُنسى. أفيري، الذي خدم في البحرية الملكية أو على متن السفن التجارية، قبل أن يتحول إلى القرصنة، تمكن من الاستيلاء على ثروة تقدر بـ600 ألف جنيه إسترليني من المعادن الثمينة والمجوهرات، ما يعادل نحو 90 مليون جنيه إسترليني اليوم، بعد مهاجمة القافلة المغولية المكونة من 25 سفينة. وتمكن من الاستيلاء على السفينة الكبرى، غانج ساواي، التي يبلغ وزنها 1600 طن والمزودة بثمانين مدفعاً وطاقم مكون من 1100 فرد، وعلى مرافقتها سفينة فاتح محمد التي يبلغ وزنها 3200 طن والمزودة بـ94 مدفعاً، وطاقم مكون من 800 فرد. هذه الغارة حوّلته إلى أحد أغنى قراصنة عصره، لكنّها تسبّبت في زعزعة علاقات إنكلترا مع المغول، وهدّد الإمبراطور المغولي بالانتقام. استجابة لذلك، عرض مجلس الملكة الخاص وشركة الهند الشرقية، مكافأة قيمتها ألف جنيه إسترليني (ما يعادل 120 ألف جنيه إسترليني اليوم)، لمن يلقي القبض عليه، لتبدأ أول مطاردة عالمية مسجّلة في التاريخ.

على الرغم من هذه المطاردة، تمكن أفيري من الهروب وبقي مصيره النهائي لغزاً، حتى أعلن شون كينغسلي أنّه تمكّن من حلّ هذا اللغز. ونُشر هذا الخبر في أبرز الصحف البريطانية في 23 مايو/أيار. وممّا جاء في الخبر، إعلان كينغسلي، أنّ فكّ شفرة الرسالة التي كتبها أفيري، تبيّن أنّه حصل على عفو ملكي وعمل جاسوساً لصالح الإمبراطورية البريطانية. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة تايمز البريطانية، يقول كينغسلي إن القراصنة لم يكونوا أبطالاً، ولكن غالباً ما كان يُساء فهم أفيري. فهو لم يجمع ثروة ضخمة فحسب، بل تمكن أيضاً من الهروب واختفى من دون أثر، ما جعله أكثر الرجال شهرة في بريطانيا. ويلفت إلى أنّ أفيري بدأ حياته المهنية بحاراً على سفينة شحن إسبانية، وفي البداية قاتل ضد قراصنة الكاريبي. بيد أنّه في مايو/أيّار 1694، عندما لم يدفع أصحاب العمل الإسبان أجور البحاّرة، استولى هو و80 من المتمرّدين على سفينة وتحوّلوا إلى القرصنة. وفي العام التالي نهبوا سفينة تابعة لأورنجزيب، الإمبراطور المغولي في الهند، ليسجّلوا أكبر سرقة للقراصنة في التاريخ.

فنون القتال والترويج المختلطة

اللافت أنّ رسالة أفيري التي عَثرت عليها عام 1978، في مكتب السجلات الاسكتلندية، زيليد كوان، زوجة ريكس كوان، المحامي والمؤلف الذي تحوّل إلى صائد حطام السفن، كانت مشفّرة وعجز الزوجان عن فكّ شيفرتها، حتى التقى ريكس بكينغسلي بعد عقود من الزمن. كتبت الصحف البريطانية عن اقتناع كينغسلي بأنّ الرسالة نسخة أصلية، كتبها أفيري في فالماوث عام 1700، يشرح فيها بالتفصيل أعماله التجسسية. وتُظهر أنه كان يعمل على منع الغزو الكاثوليكي من فرنسا، وأن أحد زملائه في تلك المعركة كان دانييل ديفو، مؤلف الرواية الإنكليزية "روبنسون كروزو". ويحاول كينغسلي إثبات صحّة ما يقوله من خلال شرح أنّ أفيري، استخدم حروفاً وأرقاماً في الشفرة لإخفاء المعنى، وهو نفس الأسلوب الذي كان يستخدمه الجواسيس والسفراء، وأنّه من غير المرجح أن يمتلك أي شخص المعلومات الاستخباراتية اللازمة لتزويرها، لافتاً إلى أنّه في القرن الثامن عشر، انتشرت رسائل قرصنة مزيفة روّج لها الناس لبيعها على أنها مخطط للثراء السريع، لكنها كانت في الحقيقة مجرد خداع يسهل اكتشافه. وكانت تلك الرسائل تحتوي على تعليمات مثل: "بالقرب من هذه الصخرة، سر ثلاث خطوات واتجه يساراً".

كذلك، يؤكّد كينغسلي، أنّ الرسالة توضح تفاصيل عن الكنز الذي احتفظ به القرصان الشهير أفيري، وتشير إلى أن جزءاً منه لم يُعثر عليه بعد، ما يضفي إثارة على هذه القضية. ألهمت مآثر أفيري العديد من الأساطير والكتب والصور الخيالية. وغالباً ما يُصوَّر على أنه القرصان المثالي، الذي جسّد روح المغامرة والتمرد، وأثار الرعب والإعجاب في آن، في العصر الذهبي للقرصنة.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير