جفرا نيوز -
فتكت الحرب المتصاعدة، على نحو غير مسبوق بأطفال قطاع غزة، ما جعل حياة عشرات الآلاف منهم محفوفة بالمخاطر، وتهدد المستقبل الصحي للسواد الأعظم منهم.
فوسط آلة الدمار المستمرة بفعل الحرب، والتي أوشكت على نهاية شهرها التاسع، وما تخللها من ترويع وتجويع ضد الفلسطينيين الذين يعانون لا سيما في شمال قطاع غزة، من سوء تغذية تفتك بهم، أفادت منظمة «أنقذوا الأطفال» البريطانية، بأن حوالي 21 ألف طفل في غزة فُقدوا نتيجة للحرب.
وتشير تقديرات إلى أن العديد من الأطفال المفقودين عالقون تحت الأنقاض، أو محتجزون، أو مدفونون في قبور غير معروفة، أو ضائعون من عائلاتهم.
كما أشار التقرير إلى أن العمليات الأخيرة الناجمة عن الهجوم على مدينة رفح، أدت إلى تشتيت المزيد من الأطفال.
مقابر جماعية
ويعتقد أن ما لا يقل عن 17 ألف طفل منفصلون عن ذويهم، ومن المحتمل أن يكون حوالي 4 آلاف طفل في عداد المفقودين تحت الأنقاض، مع وجود عدد غير معروف أيضاً في مقابر جماعية، وقد اختفى أطفال آخرون قسراً، بما في ذلك عدد غير معروف تم احتجازهم ونقلهم قسراً إلى خارج قطاع غزة.
وتظهر آخر الأرقام الصادرة عن منظمات ذات علاقة بالأطفال، مدى الكارثة التي ألحقتها الحرب في قطاع غزة بالأطفال، على مدار نحو تسعة أشهر، إذ ارتفع عدد الشهداء من الأطفال إلى ما يزيد على 15700 طفل، فضلاً عن إصابة أكثر من 34 ألف طفل، وفقدان 3600 آخرين، كما أن هناك أكثر من 1500 طفل فقدوا أطرافهم، أو عيونهم، أو أجزاء أخرى من أجسامهم، ما تسبب لهم بعاهات دائمة، ناهيك عن نحو 700 ألف طفل نزحوا مع عائلاتهم بفعل الحرب، ويعيشون حياة بائسة في خيام النزوح.
وحسب إحصائيات الجهات المختصة، فإن ما أفرزته الحرب من عدد الأطفال في قطاع غزة على مدار تسعة أشهر، يفوق عدد الأطفال الذين قضوا في مختلف نزاعات وحروب العالم على مدار أربعة أعوام.
ولم تكن عابرة، تلك السلوكيات الغريبة، التي بدأت تظهر على الأطفال الغزيين بفعل الحرب، إذ يرجح أطباء ومختصون إصابة الآلاف منهم بصدمات عصبية، نتيجة لأهوال القصف، ومشاهدة أشلاء الضحايا في الشوارع، وغير ذلك.
اضطربات نفسية
تقول الفلسطينية نجاة أبو سيف، أن اثنين من أطفالها بدأت تظهر عليهما سلوكيات غير معتادة، كالعزوف عن تناول الطعام، والاضطرابات النفسية أثناء النوم، مبينة أن أولادها عاشوا لحظات صعبة ما بين القصف والنزوح، وتم انتشالهم أكثر من مرة، من بين ركام المنازل في الأشهر الأولى للحرب.
وأضافت: «لم تكن هذه السلوكيات موجودة قبل الحرب، وحتى ابني أحمد (11) عاماً، المعروف بنومه الهادئ، في الأيام الأخيرة، تكرر قيامه من النوم مذعوراً، وهو يصرخ، وأحياناً يخرج من الخيمة وهو نائم»!.
وتشير الأخصائية النفسية في مراكز النزوح التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» أحلام عفانة، إلى أن العديد من الأطفال يعانون أشكالاً مختلفة من الهواجس، وظهر عليهم تصرفات غريبة، نتيجة لما يتعرضون له، ويشاهدونه، من ويلات الحرب.
ولفتت إلى أن الأطفال، إن لم يقتلوا في القصف مباشرة، فإنهم يصابون بتداعياته، من خلال معايشتهم لهذا الواقع الصعب، ما يجعلهم عرضة للأمراض النفسية، والصدمات العصبية.