جفرا نيوز -
فازت المحامية الفرنسية من أصل فلسطيني، ريما حسن (32 عامًا)، المولودة في سوريّة، بمقعد في البرلمان الأوروبي، عن حزب (فرنسا الأبية) اليساريّ، المُصنّف فرنسيًا بالراديكاليّ.
وتصدّر خبر فوزها الحديث على مواقع التواصل، إلى جانب تقدّم حزب "التجمع الوطني” (الجبهة الوطنية) اليميني في الانتخابات الأوروبية، وقرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حلّ البرلمان، ودعوته لانتخابات مبكرة.
وأثارت ريما حسن الاهتمام خلال الأشهر الماضية بسبب موقفها من الحرب في غزّة، وكانت محورًا لسجالات في الأوساط السياسية والإعلامية الفرنسية، بسبب وصفها العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزّة، الذي بدأ في تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام المنصرم بأنّه حرب إبادة.
وأجرت المحامية مقابلة أثارت جدلاً في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مع شبكة (لو كرايون) الإعلامية أيدت فيها الرأي القائل إنّ حركة حماس "تقوم بعمل مشروع”.
هذه التصريحات وضعتها في مرمى الانتقادات، وسط الانقسام في فرنسا وأوروبا حول الموقف من حرب غزة ومن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، الذي شنّته حركة (حماس) بشكلٍ مباغتٍ ضدّ جنوب دولة الاحتلال الإسرائيليّ، والذي وُصِف بكيان الاحتلال بأنّه أكبر إخفاقٍ عسكريٍّ إسرائيليٍّ منذ العام 1948.
أسست ريما حسن عام 2019 (مرصد مخيمات اللجوء)، واختارتها النسخة الفرنسية من مجلة (فوربس) عام 2023، لتكون على قائمة "40 امرأة مميزة”.
لكن المجلة ألغت حفلا للمكرّمات، كانت تنوي إقامته نهاية آذار (مارس) الماضي في باريس، وقالت ناطقة باسم النسخة الفرنسية إنّ "الظروف لم تعد مواتية لإقامة الأمسية كما هو مخطط لها”.
وقال رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا يوناتان عرفي، إنّ ريما حسن "تتبع أجندة أصوليي حماس، وتبرر انتهاكات السابع من تشرين الأول/أكتوبر”.
وكان المذيع ومقدم البرامج التلفزيوني الفرنسي الشهير أرتور، وجّه اتهامات لريما حسن بدعم "الإرهاب” و”معاداة السامية” على خلفية مواقفها. وبدورها، ردّت حسن بدعوى قضائية على المذيع، اتهمته فيها بالتشهير.
كما هاجمها النائب، بنجامين حداد، عن كتلة "النهضة” التابعة للرئيس ماكرون، واتهمها بالدعوة إلى "تدمير إسرائيل”.
واستدعت الشرطة القضائية ريما حسن في 23 نيسان (أبريل) للتحقيق معها بدعوى "تمجيد الإرهاب”.
ولدت ريما عام 1992 في سوريّة في مخيّم النيرب، وهو أكبر مخيم رسمي للاجئين في سوريّة والأكثر اكتظاظاً بالسكان، ويقع على بعد 13 كيلومترًا إلى الشرق من مدينة حلب.
وبحس تقرير للبي.بي.سي البريطانيّة، كانت حسن من اللاجئين الفلسطينيين الذين لا يحملون أوراقاً ثبوتية إذ تتحدر عائلة والدها من قرية البروة شرق عكا، وقد استقرت في سوريّة بعد تهجيرها عام 1948.
يُشار إلى أنّ الشاعر الفلسطينيّ الراحل، محمود درويش، هو من قرية البروة أيضًا، التي دمرتها العصابات الصهيونيّة في نكبة العام 1948، وقامت بتشريد جميع سُكّانها.
غادرت سوريّة إلى فرنسا مع والدتها وخمسة من الأشقاء والشقيقات عند بلوغها العاشرة، ونالت الجنسية الفرنسية حين بلغت 18 عامًا.
في مقابلة مع مجلة "لو باريزيان” عام 2022، قالت إنها لم تكن تعرف كلمة واحدة باللغة الفرنسية عند وصولها إلى فرنسا. درست الحقوق ونالت الماجستير في القانون الدولي من جامعة السوربون، وتناولت في رسالتها "الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وإسرائيل”.
وأسّست "مرصد مخيمات اللجوء” (OCR)، ويهدف إلى التحقيق والدراسة ونشر الوعي حول أوضاع المقيمين في مخيمات اللجوء حول العالم.
إلى جانب فوز ريما حسن، حقق حزب "فرنسا الأبية” اليساري ثمانية مقاعد في البرلمان الأوروبي، وأتى في المركز الرابع بعد حصوله على نسبة 8 في المائة من الأصوات.
وقالت ريما حسن في مقابلة مع قناة "الجزيرة” إنّ ترشحها للانتخابات الأوروبية يعرّضها "لضغوط سياسية وقانونية كبيرة”. وقالت "لقد تعرضت للتهديد والإهانة والعنصرية المناهضة للفلسطينيين”، مشيرة إلى أنّها "ستحمل القضية الفلسطينية إلى البرلمان الأوروبي”.
ورأت حسن في تلك المقابلة أنها "تعتبر القضية الفلسطينية شأنًا أوروبيًا، بسبب مسؤولية تقسيم المنطقة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بين الاستعمارين الفرنسي والبريطاني وفق اتفاقية سايكس بيكو”، بحسب تعبيرها.
وفي خطاب إعلان ترشحها عن حزب "فرنسا الأبيّة”، وبحضور مؤسس الحزب، المرشح الرئاسي السابق جان لوك ميلانشون، استهلت ريما حسن إعلانها بأبيات من قصيدة محمود درويش "من أنا، دون منفى؟”.
رأي اليوم