جفرا نيوز -
حاولت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تفسير انتحار 10 ضباط وجنود في جيش الاحتلال منذ هجوم طوفان الأقصى، وقالت في تحقيق أجرته وكشفت فيه عن الأمر إن المحادثات مع الأقارب والمهنيين تشير إلى أن ما رآه المنتحرون في مواقع القتال "دمر أرواحهم".
ورسمت الصحيفة في تقرير طويل لها صورة لما كان عليه مكان الهجوم يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قائلة إن الشمس أشرقت في ذلك اليوم على الكيبوتسات بالقرب من غزة، وكل شيء كان مرئيا للعين المجردة: المنازل المحترقة والصور المحطمة والملابس والأشياء وجميع علامات الحياة التي انتهت.
وكان آلاف الجنود والضباط الذين ساروا في الممرات، بين الأدغال والساحات، لا يزالون يحاولون تحديد مكان الجثث والرفات التي لم يتم العثور عليها، والتأكد مما إذا كان هناك مقاتلون تابعون لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في المكان.
كان أحد الجنود مختبئا في حظيرة الأبقار، وخرج آخر من مساكن العمال المهاجرين. وفي بعض الأحيان كانت هناك صيحات وصراخ. ودخل أحد الجنود إلى منزل في كيبوتس، ثم سُمع صوت رصاصة؛ وانتحر آخر في سيارته.
ولكن بعد ذلك، في الساعة الواحدة بعد الظهر، قطع صوت طلق ناري، جاء من أحد المنازل، هذا الصمت المهووس في أحد الكيبوتسات. هرع الجنود إلى المنزل، خوفا من وجود أحد مقاتلي (حماس)، ربما سيجدون "ضحية"، وربما العكس.
قُتل بنيران صديقة بدلا من ذلك، وجدوا على الأرض "يوتام" (ليس اسمه الحقيقي)، الذي انتحر؛ وأعلنوا وفاته على الفور على أنه قتل بنيران صديقة. ولم يعرف زملاؤه السبب الحقيقي لعدة أيام. ظل سبب الوفاة لغزا، كما لو تم حظره من قبل الرقيب. وبعد أسابيع فقط علمت صحيفة "هآرتس" أن التحقيق العسكري الأولي أكد أنه انتحر.
لم يكن يوتام، الشخص الوحيد الذي يرتدي الزي العسكري، الذي قتل نفسه في الأيام الأولى للحرب، قبل الغزو البري الإسرائيلي لغزة. وتشمل القائمة، التي يرفض الجيش الكشف عنها، عدة جنود، بينهم ضابطان، برتبة رائد ومقدم. قتل البعض أنفسهم في الساعات الأولى من القتال، عندما كانت المعارك لا تزال مستعرة في محيط غزة.
ونقلت الصحيفة عن البروفيسور يوسي ليفي بيلز، رئيس مركز دراسات الانتحار والألم العقلي في مركز روبين الأكاديمي قوله إن حوادث الانتحار هذه كانت مفاجئة للغاية بالنسبة لهم، "لسنا معتادين على الانتحار أثناء القتال. تحدث هذه الحوادث عادة عندما يتراجع القتال، خاصة بين الأشخاص الذين يعانون من آلام ما بعد الصدمة، الذين يستيقظون كل صباح مع المشاهد والأصوات والشعور بالذنب، حتى بعد انتهاء الحرب".
لأول مرة وأعلن رئيس مديرية شؤون الجيش الإسرائيلي أن الجيش سيعترف، لأول مرة، بالجنود الذين لقوا حتفهم بسبب "الظروف الشخصية" كخسائر في الحرب، مضيفا: "قد تشير هذه الحالات النادرة إلى شدة ما حدث في غلاف غزة خلال تلك الساعات، وتأثيرها على الحالة العقلية لأولئك الذين تعرضوا لها".
وأوضح التقرير أن المحترفين في مجال التعامل مع حالات الانتحار يقولون: "كقاعدة عامة، معظم الجنود الذين ينتحرون هم صغار جدا، في التدريب الأساسي أو في السنة الأولى من الخدمة".
وعن الدوافع المباشرة للانتحار، نقلت الصحيفة أحاديث من أقارب المنتحرين وزملائهم تكشف أن بعض الجنود الذين قتلوا أنفسهم صعب عليهم نفسيا مواجهة ما رأوه.
رائحة الجثث وقال أحد الجنود عن زميله الذي انتحر إنه ظل يقول له إنه لا يستطيع أن ينسى رائحة الجثث المتناثرة في كل مكان، وكان لا يستطيع النوم.
ويتذكر أحد الضابط أن جنديا انتحر لم يستطع النوم ليلا وكان ينزعج من أي ضوضاء حتى إذا كانت منخفضة.
ويوضح البروفيسور ليفي بيلز أن الاستدعاء للخدمة كان واسعا جدا لدرجة أنه من المحتمل جدا أن بعض جنود الاحتياط الذين يعانون من الأفكار الانتحارية قبل طوفان الأقصى شهدوا صورا كانت بالنسبة لهم بمثابة محفزات للانتحار، "بالنسبة لهم، كانت هذه في الواقع القشة التي قصمت ظهر البعير"، وفق تعبيره.