النسخة الكاملة

ناجية من هجوم موسكو توثق تفاصيل المذبحة

Friday-2024-03-29 09:03 am
جفرا نيوز -
تشارك الفنانة الروسية أليونا كازينسكايا رسائل مفعمة بالتفاؤل ولوحات أزهار مبهجة على صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي لكن، في ساعات الليل من الجمعة الماضي، تحوّل محتوى صفحتها إلى سرد لأحداث مروعة لمدة 30 دقيقة.

اشترت كازينسكايا وصديقتها تذكرتين لحضور حفلة لفرقة الروك (بيكنيك) التي تعود إلى الحقبة السوفيتية وهي تؤدي عرضا أمام 6200 شخص في قاعة للحفلات الموسيقية بالقرب من موسكو. وفكرت الصديقتان في اصطحاب بناتهما لكنهما قررتا في النهاية الذهاب بمفردهما.

ونشرت كازينسكايا أول رسالة صوتية لها مدتها 10 ثوان عبر قناتها على تطبيق تيليغرام الساعة 8:01 مساء وبدا صوتها مرتعدا ولاهثا مع سماع دوي مرتفع لإطلاق النار في الرسالة.

وقالت "أحبكم جميعا. أنا في قاعة كروكوس سيتي لحضور حفلة لفرقة (بيكنيك). هناك من يطلقون النار في الحفلة الموسيقية. اتصلوا بالشرطة".

وبينما كان هناك أربعة مسلحين يحملون بنادق كلاشينكوف ويقتحمون المبنى ويطلقون النار على الحضور، وجدت كازينسكايا نفسها محاصرة في أعنف هجوم على روسيا منذ 20 عاما.

وتأكد مقتل 143 شخصا حتى الخميس، في هذه المذبحة التي أعلن تنظيم "داعش" الإرهابي مسؤوليته عنها لكن روسيا تحاول إلصاق الهجوم بأوكرانيا رغم نفي كييف لهذا الاتهام بشكل قاطع.

وقالت كازينسكايا في مقابلة مع رويترز، إنها أدركت بسرعة أن الأصوات التي سمعتها هي طلقات نارية وليست مؤثرات صوتية وحاولت وصديقتها إقناع الحضور بترك مقاعدهم والهروب خارج القاعة.

وقالت "حاولنا لفت انتباه الحضور ونجحنا في ذلك. لكن الناس كانوا قد بدأوا في الجري بالفعل للخروج ولم نتمكن من اللحاق بهم. وفي هذه اللحظة دخل المسلحون إلى القاعة وطرحت صديقتي أرضا وقلت لها من الأفضل ‭‭‭‭'‬‬‬‬أن نزحف‭‭‭‭'‬‬‬‬".

رسائل مشوشة

قالت كازينسكايا إن أول ما تبادر إلى ذهنها هو الخروج من القاعة بأي ثمن، ثم "خطرت على بالي فكرة أخرى وهي أنني أرتدي اللون الأبيض مما يجعلني هدفا سهلا".

وتوقفت كازينسكايا عن الكلام لفترة وجيزة ثم ضحكت.

وأضافت "وأخيرا الفكرة الثالثة كانت أنني سأنشر أي شيء في ذلك الوقت. نعم، خائفة جدا لكنني سأنشر هذه الرسائل على قناتي (عبر تطبيق تيليغرام) لأنه بهذه الطريقة، سيجدها وسيسمعها أي شخص وسيطلب بدوره المساعدة".

وفي الساعة 8:08 مساء كتبت ثلاث رسائل في تتابع سريع، اختلط فيهن ترتيب الحروف ذلك لأن أصابعها كانت ترتعش على الهاتف.

كان نص هذه الرسائل المتتالية "من فضلكم اتصلوا بالشرطة... قاعة كروكوس سيتي... هناك إطلاق للنار".

وفي ذلك الوقت، تمكنت الصديقتان من الخروج من القاعة لكنهما كانتا لا تزالان محاصرتين داخل المبنى. ثم توقف إطلاق النار وظهر خطر آخر.

وفي الساعة 8:17 مساء، نشرت رسالة صوتية من كلمة واحدة وهي "حريق!"

استخدم المسلحون البنزين لإشعال حريق في قاعة الحفلات الموسيقية الضخمة. لاذت الصديقتان بالمرحاض وكانت الأدخنة تتصاعد في كل مكان وحاولتا الخروج ست مرات لكنهما لم تتمكنا من رؤية أي شيء بسبب الدخان واضطرتا للتراجع في كل مرة.

وبدأت كازينسكايا في فقدان الأمل.

تركت كازينسكايا رسالة صوتية مدتها أربع ثوان في الساعة 8:23 مساء واعتقدت أنها ستكون الأخيرة.

وقالت في الرسالة "أحبكم. وداعا".

وفي وسط هذه الفوضى والارتباك وجدتا نفسيهما في مرحاض آخر حيث اختبأ الكثير من الأشخاص وكان هناك رجل يقول إنه يعتقد أن باستطاعته إيجاد سبيل للخروج، فسارتا خلفه حتى تمكنتا من الخروج من المبنى ولكن حتى هذه اللحظة لم تشعر كازينسكايا بالأمان.

وقالت "جالت في خاطري فكرتان. الأولى هي أنني أحتاج إلى إسعافات أولية لأنني لا أستطيع التنفس، كنت أشعر بألم في رئتيي وتعرضت لنوبة ربو. والفكرة الثانية هي أنني أريد الابتعاد عن المبنى قدر الإمكان".

وفي الساعة 8:31 مساء، تركت كازينسكايا رسالة صوتية جديدة تقول فيها "ما زلت على قيد الحياة وأتلقى الإسعافات الأولية. وخرجت (من المبنى). شكرا لكم".

وقالت كازينسكايا إنها "عانقت الجميع" عندما عادت إلى المنزل. وأضافت أنها لن تذهب إلى النوادي أو الحفلات الكبيرة مجددا قبل مرور وقت طويل على هذا الحادث لكنها تشعر بالراحة بسبب الدعم الكبير الذي حظت به.

وتابعت "أعتقد أن المجتمع بحاجة إلى أن يكون أكثر لطفا. فنحن لا نتذكر أننا بشر (ونتعامل بلطف) إلا عندما يحدث أمر سيئ، لكن علينا أن نكون بشرا كل يوم".

رويترز