النسخة الكاملة

كيف واجه الأردن الإعلام المنفلت؟

الخميس-2024-02-22 10:04 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - تجلت أهمية التربية الإعلامية بوضوح بعد الحرب الأخيرة على غزة حيث عمدت قوات الاحتلال الاسرائيلي الى تزييف وفبركة الحقائق وهي المشكلة التي تنبّه إليها الأردن منذ سنين حين استبق ذلك بإدراج مفاهيم التربية الإعلامية والمعلوماتية في النظام التعليميّ الأردنيّ في المدارس والجامعات ومؤسسات المجتمع المدنيّ، ونشر الوعي بوسائل الإعلام بأهمية التحقق مما ينشر ويُشاع تحصينا للنشء ودرءا للفتن والإشاعات المغرضة.

خبراء بينوا، إلى أهمية الدور الاستباقي للأردن في نشر مفهوم التربية الإعلامية في المدارس، وتعزيزه لدى الطلبة خاصة في زمن الإعلام الرقمي، ومنصات التواصل الاجتماعي وخطورة التسليم بما يبثه وترك المواطن عرضة لمحتوى إعلامي غير منضبط، قائم على التضليل والحجج الواهية خاصة في زمن الحروب والكوارث، مؤكدين أهمية تحصين النشء من أية أجندات مسمومة قد تحاول المس به أو التأثير عليه.

ولفتوا إلى أن الشباب هم الفئة الأكثر استهدافا وعرضة لما تبثه وسائل الإعلام الجديد حيث برزت التربية الإعلامية كضرورة ملحة لتوعيتهم كونهم المستقبل الذي يبني عليه المجتمع أماله، ليكونوا أكثر وعيا ومهارة في التعامل مع الأخبار المضللة، ولتعزيز قدراتهم على إغناء محتوى رقمي أخلاقي ومدروس.

واعتبر هؤلاء الخبراء أن صناعة الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة، خاصة في ظل الحرب، تعد من أخطر الأسلحة فتكا بالأفراد والمجتمعات والدول، وهو ما يتطلب حزما في مواجهتها وتوعية المتلقين بكيفية التعاطي معها.

وكان الأردن أطلق الخطة الوطنية للتربية الإعلامية والمعلوماتية عام 2020، وتتضمن أهدافا تركز في جزء كبير منها على تثقيف وتحصين المجتمع في تعامله مع التكنولوجيا الرقمية والاتصال والإعلام المعاصر، ومحو الأمية الإخبارية والرقمية والمعلوماتية، في ظل التعاطي مع الانترنت.

ويبلغ عدد الاشتراكات ‏المتعلقة بخدمة الهاتف المتنقل الفعال بحسب آخر بيانات صادرة عن هيئة التنظيم قطاع الاتصالات للعام 2022 أكثر من 7.5 مليون وإجمالي اشتراكات خدمة الإنترنت الثابت والمتنقل عريض النطاق نحو 8.5 مليون اشتراك.

المستشارة الإعلامية والخبيرة في التربية المعلوماتية بيان التل أشارت الى أن المملكة كانت رائدة وسباقة في إدماج التربية الإعلامية والمعلوماتية في الكتب المدرسية واعتمادها كأولوية وطنية لأهمية ذلك في ترسيخ مفاهيم فلترة الكم الهائل من المعلومات الملفقة التي تتدفق في الفضاء الإعلامي.

وأكدت التل أن أهمية التربية الإعلامية تتجلى أكثر وقت الحروب والأزمات لتمكين الأفراد من تحليل الأخبار والتحقق من مصدرها في ظل المعايير المزدوجة والانحياز لرواية بعينها كما يجري الآن خلال حرب الإبادة التي يتعرض لها أهلنا في فلسطين.

والتزم الأردن بالخطة الوطنية للتربية الإعلامية التي تتضمن أربعة محاور: المدارس والجامعات؛ ومراكز الشباب والمؤسسات المعنية بالشباب؛ والفضاء العام، والذي يشمل الإعلام، ومؤسسات المجتمع المدني حيث قامت وزارة التربية والتعليم والمركز الوطني لتطوير المناهج منذ نحو ثلاث سنوات بإدماج مفاهيم وكفايات التربية الإعلامية في الكتب المدرسية الجديدة ضمن مباحث محددة هي اللغة العربية والتربية الإسلامية واللغة الإنجليزية والاجتماعيات والتربية الوطنية، بحسب التل.

وتتركز الخطة الآن، كما تقول التل على إدماج مفاهيم التفكير الناقد والتحليل والتحقق والإنتاج في الكتب المدرسية، بالإضافة الى الابتعاد عن الصور النمطية والعنصرية وخطاب الكراهية من خلال تدريبات عملية، لإيصال الرسالة بشكل أفضل"، مشيرة الى أنه يتم العمل على عدد من الوحدات في بعض الكتب المدرسية ولجميع المراحل، ابتداء من رياض الأطفال ولغاية المرحلة الثانوية، بهدف تمكين الطلبة من الاستدلال على كيفية صناعة الخبر، ومن وراء الخبر أو المعلومة أو الصورة أو الفيديو وما الهدف من نشرها وليصبحوا منتجين ومشاركين للمعلومات بمعايير مهنية وأخلاقية.

كما تهدف الخطة الى تمكين وتدريب المعلمين بما يتماشى مع التعديلات القانونية الحديثة التي تدعم المشاركة السياسية، والتطوير الإداري والاجتماعي في المجتمع، وبما يؤدي إلى إيجاد جيل أكثر وعيا ونضوجا، متسلحين بالمعرفة الإعلامية الكافية لكشف المعلومات المضللة والمزيفة والحسابات الوهمية التي يقف خلفها مؤسسات لها أجندات غرضها التضليل.

وكانت وزارة الاتصال الحكومي أطلقت مؤخرا برنامجا تدريبيا متخصصا في "التربية الإعلامية والمعلوماتية" في محافظات إربد والكرك والعقبة، بالشراكة والتعاون مع صندوق الحسين للإبداع والتفوق ومعهد الإعلام الأردني، ومؤسسة ولي العهد وصندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية.

كما أطلق صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية مشروع التربية الاعلامية والمعلوماتية ضمن برنامج التواصل والتوعية المجتمعية في اطار التمكين المستمر للشباب الأردني وتعزيز قيم المواطنة الرقمية لديهم ومحاربة الإشاعة والتزييف والتصدي لخطاب الكراهية، ويهدف المشروع الى بناء قدرات نوعية لدى الشباب في مجالات التعامل مع وسائل الإعلام الحديثة والوصول إلى المحتوى المعلوماتي والإعلامي الأكثر موثوقية، اضافة الى التحقق من المعلومات .

أستاذ الإعلام الرقمي في جامعة الشرق الأوسط الدكتور محمود الرجبي قال، إن وتيرة الإشاعات تزداد في أوقات الحروب والكوارث، حيث يستغل البعض هذه الأحداث لبث رسائل إعلامية قد تكون خبيثة ومضرة بأي بلد، مشيرا أن قدرة التربية الإعلامية على بناء تفكير ناقد، والتعامل مع وسائل الإعلام والمحتوى الإعلامي يساعد في تجنب الأخبار المضللة.

وأشار الى أن الأردن كان من أوائل الدول في تضمين المناهج الدراسية بمساق عن التربية الإعلامية من أجل بناء عقل قادر على التعامل مع المعطيات بذكاء وبعقل ناقد، وعدم الارتهان للآخر.

ورأى الرجبي أن أساس المشكلة هي في استهلاك المحتوى الإعلامي بدون تفكير، وهذا يجعل المواطن ناشرا للإشاعات دون وعي، مبينا أن التربية الإعلامية الصحيحة الناقدة القادرة على تغيير طريقة تفكير المواطن تحمي الوطن من مخاطر الإشاعات الداخلية والخارجية.


مدير إدارة الاشراف والتدريب بوزارة التربية والتعليم محمد المومني، أشار الى أن برنامج التربية الاعلامية والمعلوماتية يستهدف أيضا المشرفين والمعلمين بكافة التخصصات، ومعتمد لكافة الرتب بواقع 25 ساعة تدريبية وذلك لبناء قدراتهم في تنشئة الطلبة في هذا المجال.

وأوضح أنه يتوقع من المتدربين في هذا البرنامج تعميم الفهم بالتشريعات الناظمة للعمل الإعلامي مثل حق الحصول على المعلومات، والقدرة على تقييم المعلومات والأخبار والتمييز بين الخبر والإشاعة والتحقق من المعلومات والأخبار وتطوير مهارات البحث، وإعداد المواد والمحتوى المناسب المراعي للأخلاقيات الإعلامية ونشرها ومشاركتها في الوسائل المتاحة، وربط التربية الإعلامية بالمهارات الحياتية والاستخدام الأمثل لتكنولوجيا الاتصال الحديثة، وتوظيف التربية الإعلامية في العملية التعلمية التعليمية لدى المعلم والإداري التربوي للمدرسة والأسرة والإعلام، وتثمين أهمية التربية الإعلامية والمعلوماتية في العملية التعليمية التعلمية.

وعن مسوغات إطلاق البرنامج التدريبي، أوضح المومني أن المتلقي يتعرض عادة لكم كبير من المحتوى الإعلامي الذي ينتجه مستخدمو منصات التواصل الاجتماعي، يتضمن العديد من المضامين الضارة، أهمها التطرف والعنف والغزو الثقافي والصبغة التجارية للرسائل الإعلامية، بالإضافة لتشكيل صور نمطية خاطئة تتعلق بالنوع الاجتماعي والعرق والجنس، عدا عن الأخبار غير الدقيقة والخاطئة والمضللة، مشيرا الى أن أهمية البرنامج تكمن في نشر وترسيخ أسس.

مواجهة تلك المخاطر وتمكين الجمهور من فهم المضمون الإعلامي وطريقة بنائه، وتسليح المتلقي بالوعي الإعلامي الذي يمكنه من التعامل مع الرسائل الإعلامية واختيار الوسيلة الإعلامية الأكثر صدقا وشفافية.

بترا - بشرى النيروخ