النسخة الكاملة

مئوية "عبقري الموسيقى" سيد درويش.. عمر قصير وأثر طويل

الأحد-2023-10-15 07:54 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - فنان الشعب والعمال والفلاحين والمرأة والثورة المصرية، وشكلت أعماله في عالم الموسيقى والغناء ثورة، وتربع على عرشها ورحل وهو في عنفوان الشباب وقوة العطاء في الحادي والثلاثين من عمره. فنان وموسيقار وأستاذ اسمه سيد درويش.

يقول عنه صديقه المقرب الفنان الكبير نجيب الريحاني، الذي لحن له بعض مسرحياته الغنائية؛ إن درويش استطاع أن يحول الموسيقى والغناء من بحر مياهه هادئة راكدة إلى بحر هائج متلاطم الأمواج، ووصفه بأنه كان يسابق الزمن وكان لا يغيب عنه ذكر الموت، ورغم ذلك ترك إرثا ضخما لا يمحى.

 يعتبر الشيخ درويش مجدد الموسيقى العربية والغناء وتربع على عرشها، وبات الملهم لكل الأجيال اللاحقة، ونقلها من قوالب الجمود والتحجر والممل واستقطاب فئات معينة من المجتمع، إلى التحرر من كل تلك الأشكال البالية وأنزلها من أبراجها العالية، وجعلها بين يد كل فئات المجتمع تعبر عن حاله وتنطق باسمه.
 

يقول درويش عن نفسه: "وُلِدتُ من أبوين فقيرين في مدينة الإسكندرية (عام 1892). وكان والدي نجَّارا بسيطا يعمل لاكتساب لقمته بعرق جبينه، عَلَى أنه كان كثير التقوى زاهدا قنوعا في الحياة. وكم كان يُعاقِبني منذ نعومة أظافري عَلَى ترك الصلاة، وكان لا يلذُّ له شيء أكثر من أن يراني حافظا لكتاب الله الكريم".

 الأقدار تؤدي دورها

ويضيف درويش أنه خطر له أن يحترف مهنة غير حرفة الفقهاء، يضمن من ورائها القوت لنفسه، وكان لوالده  صديق من خيرة أصدقائه، بدأ الحياة بنَّاء بسيطا ككل البنَّائين، ثم أصبح مقاولا لا بأس بثروته، وكان يأمل في أن يصبح بناء حاذقا ومن ثم مقاولا، لكن القدر كان له رأي آخر.

 لم تكن أسرة درويش ولا بيئته تشتغل بالفن، ولكن ميوله الفنية كانت أكبر من أن تظلها أي ظروف، وأدى القدر دوره عندما سمعه الأخوان أمين وسليم عطا الله، وهما من أشهر المشتغلين بالفن آنذاك، واصطحباه في رحلتين إلى الشام الأولى عام 1908 ولم يحقق المرتجى، ولكنه تأكد وركن لموهبته الفنية الكبيرة، والثانية عام 1912 وبعد عودته عام 1914 التحق بفرقة الأخوين.
 

كانت النقلة الأهم في حياة درويش عند انتقاله إلى القاهرة عام 1917 وهناك لمع نجمه أكثر وزادت شهرته، وقام بتلحين روايات الفرق المسرحية في منطقة الأزبكية شارع عماد الدين (شارع الفن في ذلك الزمان)، أمثال فرقة "نجيب الريحاني"، "جورج أبيض" و"علي الكسار".

لم ينتظر درويش كثيرا بعد أن ذاع صيته وانتشرت ألحانه انتشار الهشيم في النار بسبب تنوعها واختلافها وتحررها من القوالب الجامدة إلى الروح المنتفضة، خاصة أنها لامست قلوب المجتمع المصري بكل فئاته، وكوَّن فرقة خاصة به بالاشتراك مع صديقه الممثل عمر وصفي، أطلق عليها اسم "جوق سيد درويش"، وافتتح عملها بمسرحية شهرزاد في صيف عام 1921.

شد الحزام على وسطك غيره ما يفيدك
لا بد عن يوم برضه ويعدّلها سيدك
إن كان شيل الحمول على ضهرك بيكيدك
أهون عليك يا حر من مدة ايدك
ما تيلا بينا انت وياه
ونستعان عالشقى بالله
واهو اللي في القسمة نلقاه
واللي ميجيش انشا الله ما جاه



أغاني الوطن والكادحين

اشتهرت العديد من الأغاني التي لا تزال تتردد إلى الآن مثل "الحلوة دي" للفئات العاملة والكادحة ونشيد "بلادي بلادي" ولحنها هو لحن النشيد الوطني المصري، وقوم يا مصري التي استلهم بها همم المصريين، وكان من أول الفنانين الذين ربطوا الغناء بالحياة العامة للناس.

بلادي بلادي بلادي             لكِ حبي وفؤادي
بلادي بلادي بلادي             لكِ حبي وفؤادي
مصر يا أم البلاد               أنتِ غايتي والمرادِ
وعلى كل العباد                 كم لنِيْلِكِ من أيادِ
بلادي بلادي بلادي            لكِ حبي وفؤادي

تخطى هدف درويش من الغناء والتلحين من مجرد الطرب والتكسب إلى استخدامه للتضامن مع طبقات المجتمع والتفاعل مع فئاته المختلفة، ولكن سيد درويش جعل منها مهنة أكبر وأهم، فقد استخدمها في الجهاد الوطني والإصلاح الاجتماعي واستلهمت الهمم.
 

 وضع شيخ الملحنين في ذلك الوقت الفلكلور الشعبي نصب عينيه، ومنحه ألحانا خالدة لا تزال تتردد صداها حتى الآن مثل أغنية "عطشان يا صبايا دلوني على السبيل" وأغنية "سالمة يا سلامة روحنا وجينا بالسلامة"، وغيرها من الأغاني الشعبية.

قوم يا مصري مصر دايما بتناديك
خد بنصري نصري دين واجب عليك
يوم ما سعدي راح هدر قدام عينيك
عد لي مجدي اللي ضيعته بايديك

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير