جفرا نيوز -
جفرا نيوز - في وقت يتطلب أن تكون المستشفيات على أهبة استعدادها خلال الحروب والأزمات، تتعرض في قطاع غزة لاستهداف إسرائيلي بشع، يزيد من عدد الوفيات بين المدنيين بشكل أكبر، في مخالفة علنية للقرارات الدولية التي تمنع استهداف المؤسسات الصحية.
منذ بدء الحرب التي تشنها قوات الاحتلال على القطاع في 7 أكتوبر 2023، كانت المستشفيات والكوادر الصحية من بين أبرز المستهدفين.
عدد المستشفيات في غزة، بحسب وازرة الصحة الفلسطينية، يبلغ 35 مستشفى، بعضها عامة وأخرى متخصصة، ومجمل عدد الأسرة في جميع هذه المستشفيات يبلغ 3412، من بينهم 2011 سرير مبيت.
خلال مدة قصيرة من بدء القوات الإسرائيلية حربها على غزة أعلن القطاع الصحي امتلاء أسرة جميع المستشفيات بالجرحى، وأخذوا يفترشون الأرض بداخلها.
ذلك يكشف عن حجم القصف الذي توجهه القوات الإسرائيلية لغزة، وهو ما دعا جهات محلية ودولية إلى أن توجه نداءات إلى العالم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذا المكان من العالم الذي يشهد مجازر بشعة.
دور المستشفيات في الحروب
في الحروب يكون المستشفيات دوراً حيوياً في الحفاظ على حياة الأفراد، وتقديم الرعاية الصحية الضرورية؛ ما يجعل البنية التحتية الصحية بالغة الأهمية؛ لا سيما للمجتمعات المتضررة من الحرب.
ومن أبرز المهام التي تؤديها المستشفيات، هي توفر الرعاية الطبية للجرحى والمصابين، وإجراءات حياتية لإنقاذ الأرواح وتقديم العلاج اللازم للحالات الحرجة.
وهناك مهام كبيرة تمارسها المستشفيات بمنع انتشار الأمراض المعدية، وتقديم اللقاحات والعناية الصحية الوقائية لمنع انتشار فيروسات وأمراض معدية.
والمستشفيات مصدر رئيسي للإمدادات الطبية المهمة، مثل الأدوية والأجهزة الطبية والدم والمستلزمات الطبية الأخرى؛ وهذا يساهم في توفير الرعاية الصحية الفعالة خلال الحروب.
وبالإضافة إلى الرعاية الطبية يمكن للمستشفيات تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمصابين وأسرهم؛ ما يساعد في التعافي النفسي من تجارب الحروب الصعبة.
محمية بقوانين دولية
المستشفيات تعد أماكن آمنة للمصابين والأفراد الذين يبحثون عن الحماية من الأضرار الناجمة عن الحروب؛ لكونها محمية بموجب القوانين الدولية التي تحظر استهداف المؤسسات الطبية.
لكن القوات الإسرائيلية لا تبالي بالقوانين الدولية؛ بحسب ما تظهره من استهداف للمستشفيات والكوادر الطبية منذ بدء حربها على غزة.
قطاع غزة المحاصر منذ 2006 أوقف الاحتلال تزويده بالكهرباء والماء، وتعتمد مستشفيات القطاع على المولدات للتزود بالكهرباء، لكن الوقود أخذ ينفد، وستفقد المشافي الكهرباء، ما يعني أن الشلل سيصيبها ولن تكون قادرة على أداء واجباتها.
علاوة على هذا أخذ الاحتلال ينذر مستشفيات في القطاع بإخلائها استعداداً لقصفها.
و قالت إدارة مستشفى العودة الحكومي في شمال قطاع غزة، إنها تلقت بلاغات رسمية من جيش الاحتلال بضرورة إخلاء كامل للمستشفى حتى المصابون والمرضى.
وقال مصدر مسؤول في مستشفى "القدس" في مدينة غزة، التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطينية، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنذرهم بإخلاء المستشفى فوراً.
وحسب وزارة الصحة الفلسطينية، أدت هجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى إخلاء مستشفى الدرة للأطفال شرق غزة، ونقل المرضى والطواقم إلى مستشفى النصر للأطفال، وذلك بعد استهدافه بقنابل الفوسفور.
وهذا هو المستشفى الثاني الذي يخرج عن الخدمة في قطاع غزة بسبب الاستهداف الإسرائيلي، بعد مستشفى بيت حانون.
ومع ازدياد القصف الإسرائيلي على المدنيين في غزة، يرتفع عدد المصابين الذين باتوا لا يجدون مكاناً داخل المستشفيات لتلقي العلاج، ما جعلهم يفترشون ساحات المستشفيات.
وفي أحدث إحصائية أعلنتها وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفعت حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة إلى 2450 شهيداً و9200 مصاباً، معظمهم من الأطفال والنساء.
رفض فلسطيني بإخلاء المستشفيات
الهلال الأحمر الفلسطيني ونتيجة للكارثة الكبرى الجارية في القطاع، طالب المجتمع الدولي بالتدخل لوقف القرار الإسرائيلي بإخلاء مستشفى القدس في غزة، كما طالب مستشار الأونروا "إسرائيل" بوقف الإخلاء القسري ووقف إنذاراتها للمستشفيات.
مدير مستشفى الكويت في غزة رفض الإنذار الإسرائيلي بإخلاء المستشفى، قائلاً في حديث لقناة "الجزيرة": "العالم كله خذلنا ولن نترك أهلنا وحدهم".
وأضاف: "لن نغادر إلا إلى الجنة، ولن نتخلى عن مرضانا"، مشيراً إلى أن المستشفى هو الوحيد الموجود في رفح ويعمل بإمكانات بسيطة.
في المقابل، طالبت وزارة الصحة بغزة الطواقم الطبية في المستشفى الميداني الأردني بعدم مغادرة القطاع وعدم التخلي عن دورهم الكبير.
المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، قال في تصريحات صحفية، إن 70% من سكان منطقتي غزة وشمالي غزة يحرمون من الخدمات الصحية بسبب العدوان الإسرائيلي.
وأضاف القدرة: "نحصي كل 5 دقائق شهيداً جراء القصف الصهيوني على القطاع"، مؤكداً أن مستشفيات غزة لا تجد الوقود لتشغيلها ولا تستطيع مواكبة أعداد المصابين.
وأكد القدرة أن "خطوات الاحتلال هي حكم بالإعدام على سكان القطاع"، وتابع في تصريحات لاحقة: "المستشفيات باتت تلفظ أنفاسها أمام المجازر التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة".
أزمة كبيرة
ومع ازدياد القصف وارتفاع عدد الضحايا، تواجه الكوادر الصحية ضغطاً كبيراً يجعلها غير قادرة على تلبية احتياجات جميع المصابين، لكن وعلاوة على هذا فقد القطاع الصحي عدداً من كوادره.
وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، قالت إن 28 من كوادر القطاع الصحي استشهدوا، وأصيب العشرات منهم.
وأضافت الكيلة، في بيان صحفي، أن 15 مركزاً طبياً تضررت من جراء القصف، كما تسبب بتعطل 23 مركبة إسعاف عن العمل.
ووفق مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أمجد الشوا: فإن "انقطاع التيار الكهربائي عن غزة أدخل القطاع الصحي في أزمة كبيرة".
بدوره، أكد المتحدث الرسمي باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، محمد أبو مصبح، في حديث لإذاعة محلية، أن القيود على غزة أنهكت وأضعفت كامل القطاع الصحي، بما فيه الهلال الذي يعمل بـ 40 مركبة إسعاف فقط.
وأشار أبو مصبح إلى أن "الاستهدافات الإسرائيلية المباشرة لمحيط المستشفيات والمراكز الصحية دمرت الألواح الشمسية المعدة مسبقاً لتوليد الكهرباء من خلال مشاريع تعزيزية للصمود".
ولفت إلى أن ذلك الاستهداف جاء ليفاقم الأزمة مع نفاد الوقود المشغل لمولدات الكهرباء بالمستشفيات.
تلك البشاعة كلها لا تجري على أرض دولة شاسعة المساحة بل في مدينة تبلغ مساحتها 362 كم مربعاً، يقطنها نحو مليوني نسمة، بكثافة سكانية تقدر بـ 6 آلاف شخص في الكيلومتر المربع؛ ما يجعل غزة من المناطق الأكثر اكتظاظاً في العالم.