جفرا نيوز- بعد 3 عقود على توقيع اتفاق "إعلان المبادئ الفلسطيني الإسرائيلي" المعروف "باتفاق أوسلو"؛ حول قيمة الاتفاق في القانون الدولي، وكيف خالفه؟ وهل الاتفاق قائم قانونيا؟ وأي مستقبل للسلطة الناشئة بموجبه في ظل غياب أفق سياسي يقود إلى دولة فلسطينية مستقلة؟
قال الدكتور معتز قفيشة مؤسس والعميد السابق لكلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الخليل، وشغل سابقا مناصب في الأمم المتحدة، منها نائب مدير منطقة الشرق الأوسط في مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في بيروت، وعمل مستشارا لمنظمة التحرير وعدد من المنظمات الدولية.
ووُقع اتفاق أوسلو في 13 سبتمبر/أيلول 1993 من قبل ممثلين عن منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، بحضور الرئيس الأميركي بيل كلينتون بحديقة البيت الأبيض
في القانون الدولي اتفاق أوسلو هو اتفاق بين دولة الاحتلال وممثلي شعب يعيش تحت الاحتلال تمثله منظمة التحرير الفلسطينية، وينص على تأسيس سلطة "حكم ذاتي"، لكن لفترة مؤقتة تقود إلى إقامة دولة فلسطينية. لكن هل أحكام الاتفاق صحيحة أو غير صحيحة وفقا لأحكام القانون الدولي؟ هذا يتوقف على التفاصيل.
في الاتفاق، هناك أحكام تعارض القواعد الأساسية في القانون الدولي، نسميها "القواعد الآمرة في القانون الدولي"؛ مثل الحقوق الأساسية للشعب الذي يعيش تحت الاحتلال، والتنازل عن أراض وثروات طبيعية مثل المياه وتضييق الصلاحيات الفلسطينية في بحر غزة، هذه موجودة في الاتفاق وهي غير صحيحة وفقا لأحكام القانون الدولي، فاتفاقية القانون البحري تعطي الفلسطينيين 360 كيلومترا في عمق البحر، أما أوسلو ففي أحسن الأحوال لو طبقت كانت ستعطيهم 220 ميلا؛ يعني تقريبا 10% مما يوفره القانون الدولي.
من المخالفات أيضا، سحب الصلاحية من المحاكم الفلسطينية في محاكمة الأجانب والإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية، وهذه مخالفة لقواعد أعلى وأسمى، خاصة اتفاقيات حقوق الإنسان واتفاقية جنيف الرابعة التي تعطي حقوقا للشعب تحت الاحتلال.
أي بنود تمنح شرعية للاحتلال أو حقوقا دائمة في الأرض المحتلة تعد باطلة، والاتفاق تضمن مجموعة من المخالفات للقانون الدولي؛ ومنها سيطرة إسرائيل على الموارد الطبيعية وإعادة بيعها للفلسطينيين.
ما فرص نجاح أي تحرك قانوني فلسطيني لمحاسبة إسرائيل على اختراق الاتفاقية؟
الموضوع ليس قانونيا؛ فالقانون موجود وواضح لكن ما إمكانية تطبيقه؟ نحتاج إلى جهود دولية، وهذا يتطلب إرادة سياسية.
على الصعيد القانوني البحت، يمكن أن تنجح المساعي في المحكمة الجنائية الدولية في إصدار قرارات اعتقال بحق مسؤولين عن المخالفات في الأراضي الفلسطينية، كالمسؤولين عن بناء المستوطنات أو تدمير البيوت أو القصف، لكن من الناحية الواقعية أي تحركات لن يكتب لها النجاح التام إلا بوجود إرادة دولية، وهي حاليا غير متوفرة.
إسرائيل أعادت احتلال مناطق "أ" التي تديرها السلطة الفلسطينية، هل يمكن محاسبة إسرائيل على احتلالها؟
كل احتلال غير قانوني بما في ذلك الاقتحامات وبناء المستوطنات في الضفة بما فيها القدس الشرقية، واتفاق أوسلو لا يعطي شرعية لهذه الأفعال.
كما أن الاتفاق انتقالي ومؤقت يفترض أنه انتهى في مايو/أيار 1995؛ وبالتالي فإن النظام القائم وكل ما يقيد الحقوق الفلسطينية يصبح غير قانوني ومخالفا للقانون الدولي.
بالنسبة للسؤال عن إمكانية محاسبة إسرائيل، فالأراضي الفلسطينية أصلا مناطق محتلة وفق القانون الدولي، وحسب اتفاق أوسلو فإنها تدار من قبل السلطة الفلسطينية، أما إعادة الاحتلال أو التنسيق الأمني وغير ذلك من المصطلحات الشائعة، فكلها سياسية وليست قانونية.
ماذا عن الوضع القانوني لأسرى ما قبل اتفاق أوسلو وعددهم حاليا 22 أسيرا؟
حسب القانون الدولي، يجب إطلاق سراح كل الأسرى فور توقف الأعمال العسكرية، وليس فور التوصل لاتفاقية سلام؛ وهذا يعني إطلاق سراحهم في أي مرحلة هدوء بوصفهم أشخاصا يقومون بعمل وطني وليس جريمة، بل إن مقاومة الاحتلال من الأعمال المشروعة.
ما جدوى التوجه الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية؟
منذ عام 2015 والمحكمة تحقق لكنها لم تصدر حتى الآن أي قرار بإلقاء القبض على أي مسؤول عن الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، لكن في أي لحظة يمكن للمدعي العام أن يصدر أوامر قبض بحق مسؤولين إسرائيليين سواء كانوا سياسيين أو عسكريين أو غيرهم.
هنا يجب أن نستحضر دور التمويل والضغط السياسي، فحتى الآن المدعي العام للمحكمة كريم خان متردد ولم يقم بالتحقيق في قضايا أخرى مثل أفغانستان والعراق لأسباب سياسية، وعوامل أخرى منها تمويل المحكمة والضغط السياسي من قبل الدول الأطراف في المحكمة.
كيف تفسر سرعة تحرك المحكمة في الحرب الروسية الأوكرانية؟
في القضية الأوكرانية وفرت الدول الأعضاء في المحكمة للمدعي العام عددا كبيرا من الموظفين والمختصين، لكن في فلسطين لم يحدث هذا لعدة أسباب؛ منها اعتراض بعض الدول على توجه الفلسطينيين إلى المحكمة، وعدم اعتراف بعض الدول الكبرى بالمحكمة أصلا أو لقلة الإمكانات، أو لأن بعض الدول تنظر إلى القضية الفلسطينية على أنها قضية سياسية تحل بالمفاوضات وليست قانونية مثل الدول الأوروبية.