جفرا نيوز- تجدهم يلبسون ثيابًا نظيفة تُظهر طابعًا دينيًا ملتزمًا، ويؤم بعضهم المصلّين في بعض المساجد، ويقرأون القرآن بحرفية تجويدية ولغوية واضحة، ولكنّك لا تجدهم إلا في صلاتي المغرب أو العشاء فقط.
يترجلون من باصات خصوصيّة صغيرة قبيل موعد آذان المغرب، وينتشرون بطريقة هادئة بين مساجد في مناطق مختلفة بمحافظة الطفيلة، وينهون صلاتهم، ويقفون أمام المصلّين ليخبروهم أنهم طلبة مغتربون يدرسون في جامعات رسمية، وغير قادرين على توفير أجور السكن والطعام وبحاجة للمساعدة والدعم.
يقول أحدهم: أنا أدرس حاليّا تخصّص الشريعة في إحدى الجامعات الرسمية الأردنية، وجئت من دولة غير مسلمة لا تقبل دعم الطلبة الذين يدرسون مثل هذه التخصصات، مما وضعني في حالة مالية سيئة جدًا بسبب نفقات أجرة السكن والطعام واللباس، وهذه النفقات غير متوفرة من خلال أي دخل مالي، مما أجبرني على جوب المساجد في محافظة الطفيلة تحديدًا بحثًا عن الدعم المالي.
وأضاف: لقد نال الجوع والفقر من جسدي ما تنال النار من حطبها.
وأكد أن مجموعة من زملائه الذين يدرسون تخصّصي اللغة العربية والشريعة يستقلّون باصّات خصوصيّة من إحدى المحافظات القريبة من الطفيلة، ويسافرون إلى محافظة الطفيلة بحثّا عن الدعم المالي في المساجد، وبعدها يعودون إلى مناطق سكنهم.
يقول جعفر الطراونة: تلحظ في حديثهم طغيان النكهة اللغوية الأسيوية، لكنك لا تعرف من أي البلاد هم، فيقومون بعد حديثهم مع المصلين، ويفترشون الأرض لجمع المساعدات، ثم يستقلّون الباصات ذاتها، ويرحلون.
وأوضح جبريل المسيعديين أنه يساعدهم تبرعًّا في المسجد الذي يُصلّي فيه بمحافظة الطفيلة، فيما يُقدّمهم مصلّون ليؤمّوا صلاتهم، حيث تشعر في حديثهم الصدق بواقع حالهم، لكنّ لا يوجد أي معلومات رسمية فعلية حولهم، مما يجعلنا منقسمين داخل المسجد الواحد ما بين داعم لهم وداعٍ لعدم تقديم أي نوع من أنواع الدعم المالي لهم، وذلك لعدم معرفة نواياهم، وصدق ما يدّعون.
ودعا أحمد الرفوع إلى ضرورة التريّث في تقديم الدعم لمثل هذه الفئات، حتى لو كان بينهم من هو بحاجة حقيقية للدعم، إلا أنه لا يمكن السيطرة على بعض أصحاب النفوس الضعيفة الذين قد يمتهنون التسوّل خلف غطاء هؤلاء المحتاجين من طلبة العلم، مما سيكونون فريسة سهلة لبعض أصحاب النفوس الرديئة الذين قد يستغلونهم في تطوير هذه السلوكيات وتحويلها إلى امتهان دائم مقابل حصولهم على نسبة من هذه النقود.
وأضاف أن المتبرعين يستطيعون إرسال تبرعاتهم لهؤلاء الطلبة عبر حساباتهم المالية في جامعاتهم التي يدرسون فيها من خلال البنوك والمحافظ المالية المنتشرة في الأردن، دون الحاجة إلى قدومهم للمساجد لطلب المساعدة التي قد تكون طريقًا لأصحاب النفوس المريضة لاستغلالهم ماليًّا عبر امتهان التسوّل بطرق مقبولة شعبية كونهم طلبة علم، وبالتالي خلق مشكلة مجتمعية نحن بغنى عنها.
من جانبه، أكد مدير أوقاف الطفيلة الدكتور محمد المجالي أن التعليمات تمنع مثل هذه السلوكيّات داخل المساجد، حتى لو كانت بغية البحث عن دعم مالي لدراسة أو سكن أو غيرها، وهذا ما يتم توجيه أئمة المساجد ومشرفيها لمتابعة أي أشخاص يقومون بالوقوف داخل حدود المساجد أو خارجها طلبًا للدعم والمساعدة، وبأي طريقة كانت.
وأكد مصدر موثوق في وزارة التعليم العالي أن عدد الطلبة الوافدين من دولة أسيوية إلى إحدى الجامعات الأردنية في إقليم الجنوب،العام الماضي، بلغ حوالي 217 طالبا وطالبة.
وأضاف المصدر ذاته أن بعض هؤلاء الطلبة جاءوا من مناطق فقيرة جدًا، مما جعلهم مجبرين على البحث عن تمويل مالي لدراستهم الجامعية من خلال المحسنين وأهل الخير، وذلك ما يقوم بعضهم بفعله من خلال طلب المساعدة في المساجد.
وأوضح أن هؤلاء الطلبة يستطيعون استلام التبرعات المقدمة لهم من قبل مالية الجامعة المتواجدين فيها وفق وصولات رسمية من قبل الجامعة.
الرأي