جفرا نيوز -
جفرا نيوز - تتفق آراء كثيرة عند الحديث عن أسباب غياب الأمن الغذائي في العالم، لاتساع دائرة اللجوء، فأعباء اللاجئين والتي يواجهها الأردن منذ سنين، تعدّ من أهم أسباب القلق من عدم القدرة على توفير الأمن الغذائي.
وضمن ملف «الدستور» لهذا الأسبوع، بدا واضحا أن الأردن يواجه إشكاليات كثيرة نتيجة تحمّله لأعباء اللاجئين السوريين، لاسيما وأن المجتمع الدولي والدول المانحة لم تعدّ تقدّم الدعم المطلوب منها لتحقيق الأمن الغذائي للاجئين؛ مما يجعل من قلق تحقيق الأمن الغذائي مرتبطا ارتباطا كبيرا في موضوع اللجوء.
اللاجئون السوريون في الأردن، يواجهون قلق انعدام الامن الغذائي، وضعف قدرتهم في تأمين أساسياتهم الغذائية، ورغم اتباعهم أكثر من استراتيجية للتكيف السلبي إلا ان هذا لم يساعدهم في إنعاش اوضاعهم.
حديثا اتخذ برنامج الغذاء العالمي خطوة شكلت صدمة لهذه الأسر داخل المخيمات وخارجها؛ إذ عمل على تقليص المساعدات عن نحو نصف مليون لاجئ، وقال في بيان صحافي إنه سيمنح الأولوية للأسر الأشد احتياجاً لتلقي المساعدة بدءاً من الشهر الحالي، بينما سيتم استثناء نحو 50 ألف لاجئ تماماً من المساعدة الشهرية، مع خفض قيمة المساعدات النقدية بمقدار الثلث لجميع اللاجئين المستفيدين خارج المخيمات.
فيما خلصت دراسة دولية لقياس الفقر بين اللاجئين في الأردن، إلى أن 39.8% من اللاجئين في الأردن (عدا اللاجئين الفلسطينيين) يعانون من فقر الغذاء، والمحدد بأقل من 16.71 دينارا أردنيا شهريا للفرد الواحد، وأجريت الدراسة التي نُشرت مؤخرا من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن وفريق البنك الدولي المعني بالفقر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وبحسب التقديرات الرسمية فيقدر عدد اللاجئين السوريين في الأردن بنحو 1.3 مليون شخص، وهو ما يمثل 15 في المئة من إجمالي السكان، حيث يعيش أكثر من 90 في المئة منهم بين الأردنيين في المجتمعات المضيفة، فيما يقطن الباقون في المخيمات.
بينما اظهرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن في تقييمها الربع سنوي الأخير للظروف الاجتماعية والاقتصادية للاجئين في الأردن، وبينت المفوضية أن دخل اللاجئين السوريين تراجع بنسبة 12 % بينما ارتفاع دخل غير السوريين بنسبة طفيفة وصلت الى 3 %.
وأضافت أن هناك انخفاضا في متوسط الدخل الشهري للأسر السورية، وهو تراجع «متوقع» لأن الأسر كان قد زاد دخلها في الربع الرابع من 2022 بسبب المساعدة الشتوية، وقال التقييم إن نسبة الأسر الملتزمة بالديون بقيت مرتفعة، حيث إن 93 % من الأسر السورية مديونة، وذكر التقييم أن 95 % من أسر اللاجئين استخدمت استراتيجية واحدة على الأقل للتكيف قائمة على سبل العيش لتغطية نفقاتها.
إلى ذلك، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، الدكتور خالد شنيكات هنالك مجموعة من العوامل والظروف أدت الى انعدام الامن الغذائي لدى اللاجئين، فأوضاعهم في طبيعة الحال هشة ويعانون من الفقر، واغلب الاسر لديها ديون، ايضا تراجع الدعم المقدم لهم من المنظمات جعل اوضاعهم تتراجع بشكل ملحوظ، فهذا الدعم بأنواعه كان بالنسبة لهم يساندهم في ظل ارتفاع اسعار الغذاء نتيجة الحرب الروسية الاوكرانية، وقلة توفر فرص العمل، وبالتالي فإن مواردهم ضعيفة.
وبين شنيكات انه يجب اعادة النظر في الدعم المقدم لهم من قبل المجتمع الدولي، ويجب استئناف المساعدات الغذائية على وجه الخصوص لأهميتها للأسر، بالتزامن مع تهيئة الظروف المناسبة من اجل العودة الطوعية الامنة لا سيما ان بلادهم يوجد بها موارد مختلفة ومتنوعة.
واكد شنيكات ان انعدام الامن الغذائي، مسألة لها آثارها ويجب ايجاد حلول جذرية لها، ووفقا لإحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فإن 77% من اللاجئين في الاردن الذين يعيشون داخل المجتمعات المضيفة لهم (اللاجئون الحضريون) يعانون من انعدام الأمن الغذائي أو إنهم عرضة لانعدام الأمن الغذائي، فيما يعيش 49% من الأسر تحت خط الفقر المدقع.
ووفقا لبيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن فقد تم تحديد خط الفقر لأول مرة بين اللاجئين في الأردن. وباستخدام خط الفقر الدولي البالغ 5.5 دولار، أي ما يعادل حوالي 3 دنانير في اليوم، تظهر البيانات أنه بدون مساعدة، سيكون ثلاثة أرباع اللاجئين فقراء، بفضل المساعدة، تنخفض النسبة إلى 64 بالمائة، وان 90% من عائلات اللاجئين يستخدمون استراتيجية واحدة على الأقل للتكيف السلبي، مثل الحد من تناول الطعام أو شراء السلع المنزلية عن طريق الدين الآجل، من أجل الاستمرار في حياتهم اليومية، فضلا عن ان الديون تثقل كاهلهم؛ فحوالي 62 % منهم يحتاجون حالياً إلى شراء طعامهم بالدين، و11 % مجبرون على بيع أصول منتجة.
في المقابل، اشار رئيس قسم الاقتصاد في جامعة اليرموك، د. قاسم الحموري إلى أن انعدام الامن الغذائي يعني عدم قدرة الاسر على توفير احتياجاتها الغذائية، وانعدام هذه القدرة لدى اللاجئين السوريين هو امر متوقع ونابع من تخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته اتجاه ملف اللاجئين، كما حصل اخيرا في توقف المساعدات المقدمة من قبل برنامج الغذاء العالمي، وهذا يعني تحميل الاردن اعباء اللجوء السوري وحده، فتوقف الامداد الغذائي سينعكس عليهم وايضا على المجتمع الاردني.
واوضح الحموري تبعات عدم توفر الغذاء، بالقول « هنالك مجموعة من الارتدادات الناتجة عن انعدام الامن الغذائي، أبرزها ان نقص الغذاء سيؤدي الى زيادة الامراض وتفشيها، وتأثيرات على الصحة والنمو، وتأثيرات ايضا اقتصادية واجتماعية تتضمن زيادة الفقر والتشرد والجوع، واثار على الاقتصاد الاردني المثقل».
وختم قائلا « لمواجهة آثار انعدام الأمن الغذائي، تتطلب الحلول المستدامة تعاوناً دولياً وجهودًا مشتركة بين الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني يتضمن ذلك تعزيز الزراعة المستدامة، ويجب ان تواصل الدبلوماسية الاردنية جهودها من اجل الوقوف مع الاردن في هذا الملف، بالتزامن مع ضرورة التأكيد على خيار عودة اللاجئين الى بلدهم باعتباره الحل الجذري لهذه المعضلة الشائكة».
الدستور - ماجدة أبو طير