جفرا نيوز- كثيرة هي القطاعات التي تتأثر سلبا في موضوع التغير المناخي، أو الاحتباس الحراري، لكن قطاع الزراعة والثروة الحيوانية يعدّان أكثرها تضررا، سيما ما شهدناه خلال الأيام الماضية حيث تتعرض المملكة كما العالم لموجة من ارتفاع درجات الحرارة بشكل وصفه البعض بغير المسبوق.
الناطق الرسمي باسم وزارة الزراعة لورنس المجالي بين انه يتم توجيه المزارعين وخصوصا اصحاب «الزراعات المحمية» إلى زيادة عدد مرات الري على مدار اليوم، وأن يكون الريّ في ساعات الصباح الباكر أو مع قرب زوال الشمس نهاية النهار.
ودعا المجالي إلى زيادة عدد فتحات التهوية داخل البيوت البلاستيكية وترك الأبواب مفتوحة لتخفيض درجات الحرارة بداخلها، واستخدام مادة تظليل للبيوت البلاستيكية.
وحذّرت وزارة الزراعة من استخدام مبيدات كيماوية في ساعات الظهيرة، مشيرا إلى أن ارتفاع الحرارة قد يؤدي الى تغير في تركيبة وفاعلية المبيدات، بالإضافة إلى امكانية تسببه بحروق في أوراق النبات، وفق المجالي.
وبين المجالي ان وزارة الزراعة اصدرت عدة توجيهات وكان من ضمنها لمربي الثروة الحيوانية (الدواجن، المواشي، والنحل) تدعو بها إلى ضرورة تأمين مياه نظيفة وباردة ما أمكن للدواجن والمواشي، والمحافظة على وجود المياه باستمرار، وعدم الرعي في ساعات الظهيرة، والحفاظ على المواشي في أماكن مظللة، وتغطية خلايا النحل والتظليل فوقها.
المزارع مالك ابو الهيال قال إن موجة الحر الحالية تعتبر الأصعب على المزارعين منذ سنوات حيث انها اثرت بشكل سلبي على المزروعات وعلى كلف الانتاج الزراعي، مضيفا انه على الرغم من أن حدوث موجات حر في فصل الصيف مألوف لدى المزارعين، خاصة خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن خطورة الموجة الحالية تكمن في طول مدتها، حيث بدأت منذ ما يقارب منتصف الشهر الحالي، ومؤشرات الأرصاد الجوية تؤكد أن درجات الحرارة مستمرة على هذا النحو حتى آخر الشهر الجاري، ما يكبّد المزارعين تكاليف ونفقات مضاعفة للحفاظ على مزروعاتهم، ومنها الحاجة لكميات أكبر من المياه.
وأوضح أبو الهيال أن الارض المزروعة بالخضراوات المكشوفة تحتاج في فصل الصيف العادي لكمية مياه تتراوح بين 8-10 أمتار مكعبة من المياه يوميا، ولكن مع ارتفاع درجات الحرارة لهذا الحد تزداد الحاجة لتصل إلى 15 مترا مكعبا، بينما يحتاج الدونم في الزراعات المحمية داخل البيوت البلاستيكية إلى 5 أمتار مكعبة من المياه يوميا، في حين يحتاج في كل يوم خلال موجة الحر إلى 7 أمتار مكعبة.
من جهته اشار باسل الوخيان صاحب ارض إلى أن موجة الحر هذه تزيد من حدوث الأمراض الفطرية عند النباتات خاصة داخل البيوت البلاستيكية، بسبب زيادة الري وارتفاع الرطوبة تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة، أما في الزراعات المكشوفة يزيد تأثير الحشرات على المحصول وخاصة العناكب التي تنشط بسبب ظروف الحرارة، وهذا يتطلب استخدام الأدوية الزراعية والمبيدات بشكل أكبر للتعامل مع هذه المشاكل.
ولا تقتصر خسائر المزارعين بسبب موجة الحر على هذا الحد، حيث يؤكد الوخيان أن خسائر كبيرة تلحق بهم أيضا بسبب تراجع كميات الإنتاج، لأن الارتفاع الكبير في درجات الحرارة يحول دون إثمار الخضار بسبب سقوط نسبة كبيرة من الزهر عن النبتة وتلفه قبل انعقاد الثمار.
ونتيجة لكل هذه العوامل تزداد التكاليف على كاهل المزارع، وفي المقابل تقل إنتاجية المحصول، وترتفع أسعار الخضار في الأسواق على المستهلك، وفي ذات الوقت لا يعود هذا الارتفاع بالربح على المزارع بسبب كمية الفاقد من المحصول والتكاليف المرتفعة التي أنفقها المزارعون على المياه والأدوية الزراعية.
ولا تقل معاناة مربي الثروة الحيوانية عما يعانيه المزارعون جراء استمرار موجة الحر، وفي هذا السياق يوضح مهدي خرابشة، وهو من مربي الثروة الحيوانية، عن معاناتهم في فصل الصيف بشكل عام، وخلال موجات الحر بشكل خاص، مبينا أنه خلال فصل الصيف يحتاج إلى 5 أمتار مكعبة من المياه يوميا لسقي 250 رأس من الماشية يربيها ويعتاش منها مع أسرته المكونة من 9 أفراد، لكن هذه الكمية من المياه لا تكفي في مثل هذه الأيام ذات الحرارة المرتفعة بشكل ملحوظ، حيث تحتاج مواشيه ما لا يقل عن7 أمتار مكعبة من المياه يوميا.
إلى جانب، ذلك يعتمد الخرابشة في هذه الظروف على الأعلاف المشتراة لتغذية مواشيهم بشكل كامل، بسبب عدم إخراج المواشي إلى المراعي نهائيا نتيجة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، كما أن ارتفاع درجات الحرارة بشكل ملحوظ واستمرار ذلك لأيام طويلة يقود لتخوفات كبيرة من احتمالية نفوق أعداد من المواشي خاصة حديثة الولادة، وهذا أكثر ما يؤرق مالكي الثروة الحيوانية خلال موجات الحر.
بدوره بين الخبير الاقتصادي حسام عياش أن موجات الحر، وخاصة طويلة الأمد كالتي نشهدها حاليا، تؤثر بشكل كبير على الزراعة بشقيها النباتي والحيواني وتؤدي إلى خسائر وتراجع فيها، موضحا أن الزراعة في مناطق الأغوار وشفا الأغوار تكون الأكثر تأثرا وتتعرض لخسائر أكبر جراء موجات الحر، كونها المناطق الأعلى حرارة في المملكة، فالمزارعين ومالكي الثروة الحيوانية يعانون صعوبات كبيرة في هذه الظروف، كما أنهم يتكبدون مصاريف مضاعفة في الماء والأعلاف وغيرها من النفقات.
ومن أكثر التبعات السلبية الناتجة عن موجات الحر، حسب عياش ظهور الأمراض الفطرية وانتشار الحشرات في النباتات وما يتبع ذلك من تكاليف إضافية على المزارعين لشراء الأدوية والمبيدات، بالإضافة لتكبد تكاليف أكبر بسبب الحاجة لكميات مضاعفة من المياه بالنسبة للمزارعين ومربي الثروة الحيوانية على حد سواء، بالإضافة لتكاليف الأعلاف نتيجة عدم إخراج المواشي للمراعي.
ولا تقتصر تأثيرات الموجة الحارة على محاصيل الخضراوات فقط، حيث تتأثر الأشجار بشكل ملحوظ جراء ذلك، ففي مناطق الأغوار والشفا تنتشر زراعات مثل الحمضيات والجوافة، وموجات الحر تؤثر بشكل ملحوظ على جودة الثمار في هذه الأشجار وتؤدي إلى تراجعها، كذلك تؤدي إلى فاقد فيها قد ينعكس سلبا على كميات الإنتاج عند حلول مواسم القطاف.
الدستور