جفرا نيوز -
جفرا نيوز - وقعت الكاتبة فوز أبو سنينة، المقيمة في إيطاليا، بتاريخ 24/7/3023 ، في مقر رابطة الكتاب الأردنيين مجموعتها القصصية "كِسرة من روح" .
وادار الحفل الروائي والشاعر جهاد أبو حشيش، مدير دار فضاءات للنشر والتوزيع، الذي قدم الكاتبة قائلا: وحيدة إلا مِنْ إيمانِها بالوطِن، تَمضي فوز، وَقدْ صمّمتْ أن تنتصرَ، لا يَثنيها شيء عن هدفِها، وحيدةً تصرُّ على البقاءِ تحتَ قهرِ جنودِ الاحتلالِ؛ لأنها ترفضُ أنْ تتركَ بلادَها وهُويتَها، لا بدَّ أنْ أحاولَ،تقول، وتظلّ ترتجلُ الحجارةَ، طفلةٌ لم تتعدَّ السادسة عشرة، وتجابِهُ رصاصَ العدوِّ، خائفةً مثلَ معظمِكم، لكنَّ خوفَها كان يمدُّها بالإصرارِ على البقاءِ، إلى أن ينتزعَ المحتلُّ منها أوراقَها ولا يبقى لها سوى الوطنِ فتحملُه وتغادرُ إلى بيروتَ لتدرسَ الهندسةَ، وكأيِّ فتاةٍ، أردنيةٍ فلسطينيةٍ تحفر ُصخرةَ العلمِ وحيدةً لتمتلكَ رايتَها التي يمكنُ أن تذودَ بها في القادمِ عن وجودِها، وفجأةً ومِنْ منفًى إلى منفًى تجدُ نفسَها في إيطاليا وحيدةً غريبةً، لا لغةً، ولا أصدقاءَ، ولا وطنًا، تلوذُ بدمعِها، وسكونِها. لكنَّ البلادَ تستنهضُ فيها أمهاتِنا، وتحارُ تلكَ الرقيقةُ كيفَ لَها أن تزرعَ شجرةَ البلادِ في غربةٍ موحشةٍ كهذِهِ، لكنّها تخجلُ من ارتجافةِ الطفلةِ فيها، ومِن انكسارِ المرأةِ وضعفِها، فتتسلّحُ بإصرارِ جداتِها، تنفضُ غبارَ الصمتِ عن هشاشتِها، وتصرُّ على تعلمِ كلِّ ما يمنحُها فرصةً في أن تقولَ حكايتَها، إلى أنْ تتقنَ اللغةَ، لكنْ، ورغمَ كلِّ شيءٍ، ظلّ المنفى يسكنُها وتسكنُه، إلى أنْ تعثّرتْ بما يمسحُ دمعَها، الكتابةِ، فكتبتْ تقولُ نفسَها وحالاتِها وكلَّ النساءِ اللاتي اضطرتهُن الغربةُ إلى أن يعشْن بذاكرةٍ مثقوبةٍ، ذاكرةٌ يجترُّها المنفَى وتجترُّه، لكنَّها تحاولُ أنْ تتنفسَ في الكتابةِ لعلَها تلتقي بالوطنِ.
وقدمت الكاتبة فوز أبو سنينية شهادة إبداعية جاء فيها: رحلتي معَ الغربةَ كانتْ منذُ زمنٍ طويلٍ، منذُ الطفولةِ، منذُ بدأتُ أشعرُ بالغربةِ عن نفسي وفي نفسي. فلقدْ تنقَّلْتُ حاملةً روحي بين البلاد، فعشتُ في فلسطينَ، فتاةً صغيرةً ووحيدةً، فرافقني صوتُها في قلبي كلّما امتدتْ أرضُ حُلمٍ أينما حللت.ُ
وعشت في الأردنِّ سنواتِ الطفولةِ والشبابِ، فكانَ البيتَ والعائلةَ. عشتُ في لبنانَ لأدرسَ فكانَ القلبَ بتعبِهِ و فرحِهِ، وأعيشُ اليومَ في إيطاليا، في هالةٍ من التناقضاتِ، شرقيةً بقالبٍ غربيٍّ، كهلةً في مقتبلِ العمرِ، ووطنيةً تبحثُ في داخلِها عن وطنٍ.
هذهِ التقلباتُ بينَ جنباتِ الغربةِ جعلتْ مقياسَ جهازِ الإحساسِ عندي مضاعفًا، أحبُّ بقوةٍ وأكرهُ باندفاعٍ، وأشتاقُ بألمٍ، وأذكرُ حتى الموتِ كلَّ ما يسهلُ نسيانُهُ. فكانتْ كلُّ هذه الأحاسيسِ المتلاطمةِ في بحرِ نفسي بيئةً صالحةً للكلماتِ، فقررتُ أنْ أكتبَ عن الغربةِ، عنِ البُعدِ، عنِ الوجعِ، عنِ اللغةِ والشَّوقِ والموتِ والفرحِ.. جلستُ على قارعةِ طريقٍ أرقبُ الوجوهَ والعيون وأستشفُّ من بريقِها قصصًا، علَّها تعطي مَن لا صوتَ له صورةً، وتؤنسُ مَن في معتركِ حياةِ الغربةِ بالأمل، إذْ تَهُونُ الصعابُ بالمشاركةِ. فكتبتُ في كسرةٍ من روحٍ كلماتٍ اقتطعتُها مِن روحي لتهبَ حياةً "لسما" في فرنسا، وعائشةَ في إيطاليا، ومريمَ في السويدِ، وناديةَ في اليونانِ، وشروقَ التائهةِ في عالمِها، وهو وهي وهما يتقارعانِ بينَ سهولِ سويسرا في مشاهدَ مِن صراعٍ أزليٍّ لا زمانَ له و لا مكان.
سكبتُ مشاعرَ كثيرةً بينَ الصفحاتِ لعلَّها ترسمُ ابتسامةً أو تمحو دمعةً، أو تمنحً فكرةً أو تكونُ المؤنسَ في ليلةٍ موحشةٍ لمن لا أنيسَ لهُ إلا نفسُه. أتمنى أن أكونَ قد وُفقتُ وأن يكونَ لكلماتي رجعُ صدًى في قلوبِكم، وأن ترمِّمَ كسرةُ روحي النائمة في هذا الكتابِ صدعَ روحٍ متعبةٍ بأحمالِ الغربةِ الممتدةِ على طولِ الحياة.
ثم قدم الروائي، عبد السلام صالح، قراءة نقدية حول المجموعة، جاء فيها:جاءت لغة المجموعة متدفقة،وعفوية،ورقيقة، وعالية،بعيدة عن التكلف، أو الافتعال، مما يدب على أن الكاتبة تمتلك ناصية السرد، بتلقائية واقتدار واستطاعت تحميل النص تلقائيتها المثقلة بالمشاعر، عبرت بصدق عن كل ما يدور في عوالم شخصياتها، وفي واقعها المعيش.
وامتازت المجموعة بالقدرةعلى المحافظة على خط السردودفقه، وحافظت على عنصر التشويق،والقدرة على الإمساك بالقارئ، الذي ما أن يتوغل في مجاهيل سردها، حتى يبدأ بتلمس صوت سردي خاص يشق طريقه وسط عتمات الكتابة.
امتازت القصص إيضا، بالقدرة على الإمساك بوحدة الموضوع، فأبتعدت عن التشتت والتشتيت، فجاء بناء القصة متماسكا وملتزما بوحدة الموضوع، في كل قصة، واستطاعت ان تنقلنا معها إلى العديد من الاطلالات الإنسانية على جوانيات النفس البشرية بكل مافيها من غربة وضعف وانكسارات.
وفي الختام، أفتتح باب النقاش، ثم وقعت الكاتبة مجموعتها القصصية للجمهور.