جفرا نيوز- أثارت تصريحات وزير الصناعة والتجارة ووزير العمل يوسف الشمالي الأخيرة حول الحد الأدنى للأجور والمهارات، التساؤل حول مدى توافقها مع الواقع الذي يعيشه من يتقاضون الحد الأدنى، وسلامة ذلك، في ظل ارتباط الأمر بالفئات الضعيفة، ومدى إمكانية قياس المهارات، أم أن هذه الأجور تقاس فقط بتكاليف المعيشة.
وكان الشمالي، صرح الخميس الماضي في لقاء له بجامعة اليرموك، أن الحد الأدنى للأجور، قد ثبت عند 260 دينارا، لمن لا يمتلك المهارات، مع وجود زيادة مقرة في القطاعين العام والخاص.
وفي هذا الصدد، أكد خبراء وحقوقيون في قطاع العمل، أن الحد الأدنى وجد لحماية الفئات الضعيفة، حتى لا تنخفض رواتبهم عن مستواها تحت وقع الغلاء المعيشي، ولا يجوز القول إن عديمي المهارات، هم من يتقاضون هذا الحد.
وبينوا في تصريحات صحفية، أن مهمة اللجنة الثلاثية للعمل، وفقا للقانون، تتبلور في قياس تكاليف المعيشة، وتحديد الحد الأدنى للأجور بناء على توافقاتها، ولا يوجد في القانون، ما يربط الأجر بالمهارات أو بالعمر أو الجنس، مشيرين إلى أن الحد الأدنى للأجور في الأصل قليل، ويمثل نحو نصف خط الفقر للأسرة المعيارية في المملكة.
مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة، قال إنه "لا يوجد أي نص قانوني بربط الأجر الذي يتقاضاه العامل بالمهارات التي يمتلكها، فالقانون بين أن الحد الأدنى يقاس بتكاليف المعيشة، وهذا ما على اللجنة الثلاثية أن تتكفل به".
وبين أبونجمة، أن الحد الأدنى للأجور غير مرتبط بأي شروط أخرى، سوى قياس تكاليف المعيشة، كما أنه لا يرتبط بمهارات أو جنس أو عمر، موضحا بأن القول إن عديمي المهارات هم من يتقاضونه، هو غير صحيح، ففي كثير من الأحيان، نجد أشخاصا على رأس عملهم منذ سنوات طويلة، لكنهم يتقاضونه.
وبين أن طرح الشمالي، غير قابل للتطبيق، إذ كيف ستقاس المهارات، ومن سيحددها في حال كانت مقبولة أم لا، كما أنه لا توجد دولة في العالم قامت بهذا الأمر، كونه غير منطقي أو عملي.
ولفت أبو نجمة، إلى أن الحد الأدنى للأجور، هدفه حماية الفئات الضعيفة ممن أجورهم أساسا منخفضة، كي لا تنخفض رواتبهم بشكل أكبر.
أما موضوع المهارات، فمرتبط بالتعاقد بين العامل وصاحب العمل، وفق الاتفاق المدرج في العقد، والذي تتحدد فيه الخبرات والمهارات التي يمتلكها العامل، وتكون هذه المسألة وفقا للعرض والطلب.
الناشط النقابي وناشر موقع الراصد النقابي لعمال الأردن (رنان) حاتم قطيش، قال "أعتقد بأن القرارات والتصريحات المتعلقة بالحد الأدنى للأجور في الآونة الأخيرة، تدل على أن العقلية الني تدار بها اللجنة الثلاثية، وحتى التوجهات الحكومية، تهيمن عليها عقلية أصحاب العمل، ويعزز ذلك، ضعف وهشاشة النقابات العمالية، وغياب الممثلين الحقيقيين للعمال عن المشهد برمته".
وبين قطيش، أن غياب التمثيل العمالي الحقيقي وضعف الوعي العمالي، يؤثران مباشرة على ما يسمى "قوة العمال"، ما يخلق بيئة مريحة لأصحاب العمل، بفرض توجهاتهم التي تدعم مصالحهم على حساب العمال، دون توقع أي ردة فعل، وحتى دون اعتراض من المهيمنين على النقابات العمالية، أو حتى التلويح بالاعتراض، وكأن الوسائل النقابية العمالية التي أقرها القانون والدستور، كالاضراب مثلا، أصبحت مجرمة في نظر هؤلاء.
ورأى أنه لن تتوقف حالة التردي والضعف العمالي، الا بوقوف العمال مع أنفسهم واسترداد نقاباتهم عبر صناديق اقتراع حرة وشفافة، ويتوجب على المنظمات الدولية التوقف فورا عن التصرف، وتقديم نفسها على أنها تدعم تمكين العمال، حتى تترجم هذه التصريحات بمواقف فعلية على أرض الواقع، وعليها التفريق بين دعم وتمكين العمال والنقابات العمالية، وبين دعم وتمكين أشخاص محددين، يهيمنون على هذه النقابات منذ سنوات طويلة، ويعدلون أنظمتها لضمان بقائهم وإقصاء منافسيهم من الممثلين الحقيقيين للعمال.
مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، قال "لا يجوز ربط الحد الأدنى للأجور بمعدل التضخم، لأن التضخم قد يصبح في السالب، ما يعني أنه يجب تخفيض الرواتب". وأضاف أن الموضوع ليس كذلك، فمن حيث المبدأ، يعتبر الحد الأدنى أداة سياسات تستخدمها الحكومة، لتحقيق أهداف اجتماعية واقتصادية، تسهم بالحفاظ على الأمن الاجتماعي وتحفيز الاقتصاد.
وبين عوض، أن الحد الأدنى للأجور، هو الأجر الذي يدفع للعامل أو العاملة الذين يدخلون لسوق العمل أول مرة، وعادة تكون مهاراتهم محدودة، وقد وجد من أجل مكافحة الفقر، وتوفير أجر لتلبية حاجات العامل الجديد الأساسية، موضحا أن الحد الأدنى، يقاس في كل العالم بطريقتين، الاولى: قياس خط الفقر المطلق للأسرة المعيارية، والثانية: قياس معدل الإعالة في الأسرة.
وبين عوض، أنه إذا اعتمدنا المعيار الأول، فعلينا أن نرى أنه قبل جائحة كورونا، كان خط الفقر المطلق للفرد نحو 100 دينار، وخط الفقر للأسرة المعيارية المكونة من 5 أفراد يقارب نحو 500 دينار، وبالتالي فإن أرقام العام 2017 للحد الأدنى من الأجور يجب أن يكون 480 دينارا، ومن ثم يربط بمعدل التضخم أو الإعالة.
ورأى، أنه إذا افترضنا بأن كل شخص في الأردن يعيل 4 أشخاص، بالإضافة إلى نفسه، فإن الحد الأدنى، يجب أن يتراوح بين 400 و480 دينارا، ومن ثم يربط بمعدل التضخم.
وأضاف أنه اذا وضعنا الحد الأدنى للأجر وفق هذا الرقم، وقلنا لا نريد ربطه بمعدل التضخم، فبصراحة، سيكون هذا الرقم معيب جدا، ويقارب قيمة خط الفقر المطلق للأسرة المعيارية، لذا تتوجب إعادة النظر فيه جذريا، بربطه بمهارات العامل، وتاريخيا لم يربط بالمهارات.
من جانبه، قال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن مازن المعايطة، ردا على سؤال بشأن تصريحات الشمالي، إن قرار الحد الأدنى، تحكمه قرارت اللجنة الثلاثية لشؤون العمل، و"قرارها ملزم لجميع الأطراف"، بحيث تضم ممثلين عن أطراف الإنتاج الثلاثة (الحكومة، العمال، أصحاب العمل)
وأوضح المعايطة، أن اللجنة قررت الإبقاء على الحد الأدنى عند 260 دينارا للأعوام 2023-2024، مضيفا بأن القرار تضمن إعادة النظر فيه بداية عام 2025، لإعادة احتسابه، بحيث تجري زيادته بإضافة نسب التضخم تراكميا للسنوات 2024-2022.
الغد