جفرا نيوز -
جفرا نيوز - لا بدّ أنك تساءلتَ يوماً: "هل السمك يعطش؟"، أو"هل السمك يشرب الماء"؟ الإجابة عن هذين السؤال تنطلق من فكرة أن العطش عند المخلوقات البحرية يختلف عن العطش عند المخلوقات البرية.
ليس هذا وحسب؛ بل إن العطش نفسه يختلف بين الأسماك التي تعيش في المياه المالحة، وتلك التي تعيش في المياه العذبة. بالنسبة إلى أسماك المياه المالحة، فهي تعالج المياه المالحة عبر الخياشيم، وتتخلص من الكمية الزائدة عبر الإخراج.
لكن هل السمك يشرب الماء فعلاً، وهل يعطش من الأساس؟
لنبدأ بالمياه المالحة.. هل السمك يشرب الماء، وكيف؟
للإجابة عن هذين السؤالين، من الضروري أولاً فهم كيفية تفاعل الماء (وهو المادة المُذيبة) مع مواد أخرى، مثل الملح (وهو المادة المُذابة في هذه الحالة) عبر غشاء الخلية.
من خلال عملية تُسمى التناضح، يتدفق الماء عبر غشاء الخلية من مناطق ذات تركيزات منخفضة من المواد المذابة، إلى مناطق ذات تركيزات عالية من هذه المواد، حتى تصل الخلية إلى نوع من التوازن مع بيئتها الخارجية.
يعتمد مقدار الماء الذي تستهلكه السمكة حقاً على كمية الملح الموجودة في بيئتها المحيطة. وبينما تشرب الأسماك بعض الماء -سواء كان مالحاً أو عذباً، اعتماداً على محيطها- من خلال أفواهها، فإنها تمتصه في الغالب من خلال الجلد والخياشيم عن طريق عملية التناضح.
لكن، هل السمك يعطش؟
تحتوي مياه البحر على 4.7 أوقية تقريباً من الملح المذاب لكل غالون (35 غراماً لكل لتر)، بينما يحتوي معظم دم الأسماك على ما يقارب الـ1.2 أوقية من الملح لكل غالون (9 غرامات لكل لتر).
هذا الخلل في التوازن يجعل السمكة مثل القارب المثقوب، أي أنه سيُفقد المياه للأسماك باستمرار في البيئة الخارجية، ويغزوها نوعاً ما بالملح في خلاياها وداخل جسمها؛ ما يعني أن سمكة المياه المالحة تشعر بالعطش دائماً، وهي تشرب طوال الوقت.
لكن، تحتاج الأسماك إلى طريقة ما للاحتفاظ بالمياه التي تشربها من المحيط، وتحتاج في الوقت نفسه للتخلص من الملح. للقيام بذلك، تمتلك الأسماك خلايا متخصصة في خياشيمها هي خلايا الكلوريد، تعمل بشكلٍ أساسي كمضخات تدفع الملح خارج جسمها.
ومن أجل الحفاظ على أكبر قدرٍ من الماء، نادراً ما تتبول الأسماك البحرية. وعندما تتبول، يكون بولها مالحاً بشكلٍ استثنائي.
ماذا عن أسماك المياه العذبة.. هل تعطش؟
تواجه أسماك المياه العذبة التحدي المعاكس تماماً لما تواجهه الأسماك البحرية؛ لأن المياه تُضخّ إليها باستمرار، ويمكن للكثير من الماء أن يكون أمراً سيئاً؛ لأنه يخفف نسبة الملح في الجسم.
والملح ضروري لتنظيم ضغط الدم ودعم وظائف العضلات لدى الأسماك، لذلك تمضي أسماك المياه العذبة كل وقتها في محاولة إبقاء الماء بعيداً عن أجسامها وعدم شربه أبداً، على الأقل عن قصد.
لذلك، وإن كنت تسأل "هل السمك يعطش؟"، فالإجابة هي على الشكل التالي: قد تدخل المياه إلى أجسام أسماك المياه العذبة بصورةٍ عرضية، وهي تتغذى مثلاً، لكنها لا تشرب الماء عن قصد أبداً.
ووفقاً لموقع American Oceans، لمواجهة هذا الوابل المستمر من المياه، تتبول هذه الأسماك باستمرار. لكن لا داعي للقلق بشأن السباحة وسط حفنة من الأسماك التي تتبول في البحيرات أو الأنهار، لأن هذا البول غالباً ما يكون عبارة عن ماء.
على غرار أسماك المحيط، تحتوي أسماك المياه العذبة أيضاً على خلايا كلوريد. لكن مضخاتها تعمل عكسياً، عن طريق سحب الملح إلى جسمها، بدلاً من طرده. ومع ذلك، فإن عمل هذه المضخات قد يتطلب الكثير من الجهد.
الماء يدخل بشكل تلقائي، لكن يحتاج إلى القوة لإزالته، خاصة بالنسبة إلى أسماك المياه المالحة التي يتعين عليها إخراج كل هذا الملح -الذي يُجلَب إلى نظامها- من خلال اضطرارها إلى شرب الكثير من الماء.
ووفقاً لموقع Live Science الأمريكي، هناك بعض الأسماك التي تتبع قواعد مختلفة تماماً في شرب المياه. على سبيل المثال، تحافظ أسماك القرش على تركيزات عالية من اليوريا -وهو منتج ثانوي مالح للأمونيا- في أجسامها.
توقف أسماك القرش هذا التدفق السلبي للمياه، عبر موازنتها مع اليوريا ومع دمها، لذا فهي في الأساس مالحة مثل المياه المالحة. وعندما تدخل مياه البحر إلى أجسام سمك القرش، فإنها تطرد الملح الزائد من خلال خلايا الكلوريد في إحدى غدد الشرج.
باختصار، وللإجابة عن أسئلة من نوع "هل السمك يعطش"، و"هل السمك يشرب الماء"، فالأمر يحتاج إلى الفصل بين أسماك المياه المالحة وأسماك المياه العذبة.
ولكن، بغض النظر عن الآلية، يحافظ السمك على رطوبة جسمه عن طريق إيجاد التوازن الملحي المثالي؛ إن كان داخل المياه العذبة، أم المياه المالحة.