النسخة الكاملة

هل اختفت عادة استقبال الحجاج بالزغاريد والرايات البيض والزينة؟

الخميس-2023-06-25 10:38 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - تباينت العادات والطقوس المتبعة لدى أبناء محافظة الكرك، خصوصاً في ألويتها ومناطقها النائية، حيث أخذت تتقلص وتتركز على ما يناسب تطور الحياة وأدواتها ومعطياتها التي باتت أكثر مواكبة للتطور التكنولوجي ومتطلبات العصر، وفقا لفعاليات مهتمة بالشأن الاجتماعي والثقافي استمزجت  » آراءهم حيال هذه القضية.

ويؤكد عبدالحميد المواجدة في حديث إلى  »، أن الموروث الاجتماعي والمجتمعي لمناطق محافظة الكرك جميعها كانت تركز في السابق على عادات وتقاليد وأعراف تناقلتها الأجيال بوصفها جزءا من ثقافة تناسب طبيعة الحياة الاجتماعية وحالة التطور الطببعي التي كانت سائدة آنذاك.

ويرى أن العديد من هذه الأعراف والتقاليد تقلصت وجرى اختصارها واختزالها مع الوقت ليحتفظ المجتمع وأبناؤه بما يناسب طبيعة حياتهم التي أخذت تتغير بتسارع ومعطياتها التي باتت أقرب للاختصار بالوقت والجهد لتتوافق مع عصر التطور والتكنولوجيا.

ويستذكر أن أداء فريضة الحج وزيارة بيت الله الحرام كانت في الماضي من المناسبات التي تشهد طقوسا وعادات يتبعها ابناء مجتمعات الكرك احتفالا منهم بالحج والاحتفاء بالحجاج في ذهابهم وإيابهم من أداء الفريضة، إذ، كانت قوافل من الناس ترافق الحجاج وتشيعهم حتى محافظة معان لغاية وداعهم، وهم يرفعون رايات بيض يرددون أناشيد وابتهالات دينية ومجتمعية يعبرون من خلالها عن فرحتهم بقدوم موسم الحج ومتغنين بالحجاج.

ويستكمل بالقول إن تلك الطقوس كانوا يستكملونها عند عودة الحجاج من أداء الفريضة، باجتماع المئات لاستقبالهم من حيث تم وداعهم، كما كانوا يقيمون احتفالات في الأحياء بتزيين مداخلها ومنازل الحجاج بجذوع من شجر الزيتون والتين لاعتبارات مردّها أن هذه الأشجار مباركة، مع رايات بيض للدلالة على الطهارة وغسل الحجاج ذنوبهم بهذه الزيارة.

ويلفت إلى أن أهالي القرية أو الحي كان يأتي كل منهم بالقهوة والحلوى وبخاصة الكعك وتقدم إلى الحجاج والمهنئين الذين يتم استقبالهم من الحجاج بالهدايا المرتبطة بشعيرة الحج وبخاصة «المسابح وسجاجيد الصلاة وماء زمزم والتمور.

ويستذكر كذلك أن النساء كنّ في الأيام الأولى من عودة الحجاج يُقِمن احتفالا يتضمن أناشيد وأغاني شعبية مرتبطة بالحج والحجاج.

ويقول الباحث في التراث الشعبي الدكتور راكز الحباشنة: إن الحجيج في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كانوا يمرون عبر الكرك إلى الديار الحجازية عبر الطريق الملوكي إلى الطفيلة ومعان قبل أن يكملوا مسيرهم عبر الطريق الصحراوي، فيما كان يسمى بـ"المحمل الشامي».

ويشير إلى أنه كانت تنصب بيوت الشعر على الطرقات ويقدم فيها الطعام والشراب للحجيج، إضافة إلى الحماية، كجزء من تراث تقليدي عند أهالي الكرك في تقديم الخدمات للحجيج.

ويوضح أن الرحلة في قوافل كانت على الجمال، وكانت تستغرق ستة شهور ذهابا وإيابا، ولذلك كانت الخدمات توفر لهم لنيل الأجر والثواب.

واشار صالح الطراونة إلى أن الأعراف والعادات والتقاليد التي أخذت تنتشر بين الناس في وداع الحجاج واستقبالهم في الوقت الحالي تتمثل بتزيين مداخل منازلهم واستقبال الزوار والمهنئين وتقديم القهوة والتمر والهدايا.

ولاحظ أن بعضهم صار يختصر التكاليف والسلوكيات ويكتفي بالاتصال الهاتفي أو من خلال مواقع التواصل المختلفة على الإنترنت التي باتت وسيلة في التعبير والمشاركة الاجتماعية والمجتمعية عند الكثير من الناس.

ويعتقد الشاب أنس القرالة أن تباين وتقلص واختزال العديد من الطقوس والأعراف والعادات الممارسة في المناسبات الاجتماعية، بما فيها الحج، يعود إلى تغير أدوات ومعطيات الحياة وطبيعة الحياة الاجتماعية بشكل عام، حيث لم يعد الاختلاط والتواصل كما كان سابقا، وبات الناس أكثر انغلاقا واختصارا في علاقاتهم.

وهو لا يرى أن هذا بالأمر المستغرب؛ تماشيا مع زمن السرعة والتكنولوجيا.

ويبين الناشط المجتمعي مؤنس الحوراني أن طقوس وداع الحجاج وأعرافها لها خصوصية تتعزز من خلالها قيم التعايش والعيش الديني بين المسلمين والمسيحيين في محافظة الكرك بخاصة والوطن بعامة، من خلال وفود المسيحيين التي تشارك الأصدقاء هذه المناسبة بوداع الحجاج واستقبالهم، إضافة إلى التهنئة بحلول عيد الأضحى (يوم النحر) ومشاركتهم الطقوس الاحتفالية بهذه المناسبة بما فيها شرب ماء زمزم وتلقي هدايا الحج التذكارية التي يحتفظون بها تعبيرا عن احترامهم للأخوة المسلمين ولأعرافهم ومناسباتهم الدينية.

وحول نظرة الشريعة الاسلامية إلى طقوس وعادات وداع الحجاج واستقبالهم يبين أستاذ الشريعة في كلية الشريعة بجامعة مؤتة الدكتور عبدالله فواز أن هناك أحكاما متعلقة بالعبادات وأحكاما متعلقة بالعادات.

ويشرح بالقول إن الأولى لا يجوز الزيادة فيها ولا النقصان؛ لأن الأمر فيها «توقيفي»، بمعنى أننا مأمورون أن نعبد الله عز وجل فيها كما أمر، أما الشق الآخر، المتعلق بالعادات، فهي «تخضع لأعراف الناس وعاداتهم و أحوالهم وبيئاتهم وأزمنتهم وغير ذلك».

ولا يرى الفواز ضيراً في استقبال الحجاج بالأهازيج والزغاريد والرايات البيض وإقامة الزينة، ويشير إلى أنه لا يوجد ما يمنع شرعا ولا يوجد ما يدل على استحبابه أو ندبه، وبالتالي هو أمر متروك للعرف والعادة فيجوز تجهيز مدن لاستقبال حجاج بيت الله المغادرين أو القادمين من الحج أو إكرامهم بالضيافة وتقديم الغداء لهم مثلا أو بناء الخيام لاستقبالهم أو ترديد الأهازيج والزغاريد والشعر الشعبي أو النبطي او الموزون أو غير ذلك، حيث كل هذه الأمور تعد من المستحسنات أو التحسينات لأنها تدخل من باب إكرامهم وبيان فضلهم ومكانتهم وقدرهم عند الناس باعتبارهم ضيوفا على الله عز وجل في بيته الحرام.

فهي، والحديث للفواز، تعتبر من الناحية المعنوية لهم أننا نستقبلهم ونرحب بهم ونسأل الله عز وجل لهم بقبول الأعمال الصالحة.
ويشير الفواز إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم في أحد أفراح المدينة كانت هناك جاريتان صغيرتان تغنيان أمامه عليه الصلاة والسلام ولم ينهَهُما عن ذلك. 

الرأي
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير