النسخة الكاملة

أردنيتان.. تعرف على أول سائقتي خلاط اسمنت في الشرق الأوسط

الخميس-2023-05-22 09:42 am
جفرا نيوز -
- اللبدي: قيادة الخلاط مليئة بالتحديات بدءاً من ثقافة العيب إلى مخاطر الشارع

- رواجبة: رأيت الخوف بعيون العمال ولكنهم عندما شاهدوا قيادتي أشادوا بقدراتي

- الجبالي: التحدي الأكبر هو تقبل السائقين والعاملين بالمصنع لوجود سائقات

- سائق الآلية الثقيلة لا يرى النقاط العمياء بصورة واضحة

جفرا نيوز - سطرت ريم الرواجبة ونسرين اللبدي اسميهما بصفتهما أول سيدتين أردنيتين تجتازان برنامج «نساء خلف المقود» (Women on Wheels) بنجاح لتصبحا بذلك أول سائقتي خلاط اسمنت في منطقة الشرق الأوسط.

وهذا البرنامج هو الأول من نوعه على مستوى المنطقة، الذي يهدف إلى توفير فرص جديدة لتمكين المرأة الأردنية ودمجها في قطاعات مختلفة والخوض في تجارب غير اعتيادية للعمل في الأردن.

وعبرت سائقة الخلاطة نسرين اللبدي ومدربة السواقة عن حبها للقيادة وشغفها لتعلم قيادة المركبات، وهو ما جعلها تثابر لتحصل على رخصة القيادة من الفئة السادسة عام 2018 (رخصة قيادة القاطرة والمقطورة)، ما أهّلها لتكون سائقة مؤهلة لقيادة شاحنة الخلاط ضمن البرنامج الذي أطلقته شركة لافارج باطون الأردن «نساء خلف المِقود» (Women on Wheels) التي أتاحت لها، كما تقول، فرصة رائعة ومميزة؛ وهي تجربة اكتساب مهارة قيادة آلية كبيرة مع حمولة متحركة في نفس الوقت..

تقول اللبدي: «كمدربة سواقة أسعى دوما لتطوير نفسي وكلما انتهيت من تعلم قيادة آلية وحصلت على رخصتها طمحت لتعلم قيادة آلية أخرى جديدة»، ولم تمنعها نظرة المجتمع السلبية من أن تصبح سائقة شاحنة خلاط اسمنت، خصوصا وأنها حصلت على الدعم من عائلتها وزوجها.

وتعرب اللبدي عن حماسها واستمتاعها بهذا العمل، خصوصا أن الشركة قد وفرت بيئة آمنة لمساعدة السائقات.

وعن التحديات التي واجهتها وتواجهها، تقول اللبدي إن قيادة الخلاط مليئة بالتحديات؛ ففي كل مرة تخرج لتشغل الآلية تواجهها تحديات؛ بدءاً بالاستنكار الناجم عن ثقافة العيب في مجتمع يستهجن قيادة المرأة للخلاط ويرفضها، إلى مخاطر الشارع التي «أنا على علم بها لأني مدربة سواقة»، إلى صعوبة قيادة آلية كبيرة مع حمولة متحركة.

وترى اللبدي أن قيادة خلاط الاسمنت تختلف عن قيادة السيارة بكثرة «النقاط العمياء» التي تزيد كلما ازداد حجمها، حيث «يجب الانتباه لأبعادها الخلفية الجانبية وبخاصة مع وجود حمولة متحركة كالخلاط الذي يرغمك على القيادة بحرص شديد وأسلوب مختلف على المرتفعات والمنحدرات والازدحامات المرورية وبخاصة بوجود المشاة».

وتشير اللبدي إلى افتقار سائقي السيارات الوعي المروري الذي يخص التعامل مع الآليات والمركبات الكبيرة؛ فيقترب منها كثيرا دون أن يعي أن هناك العديد من النقاط العمياء لهذه الآليات الثقيلة التي لايراها سائق الآلية.

ومن التحديات أيضا: التعامل مع الباطون والاسمنت والعمال والورشات وحالة الطرق أكانت معبدة أم لا، أو على منحدر أو منخفضات.

وتلفت اللبدي إلى أن «التقبل من زملائنا السائقين كان رائعا، في البداية كانوا متفاجئين، كما تفاجأ العمال وأصحاب الورشات والمهندسون والمقاولون، لكن عندما رأوا مهاراتنا بالقيادة وتعرفوا علينا أبدوا إعجابهم بقدراتنا».

ريم تروي حكايتها..التحديات كثيرة ولكنها مليئة بالفرح

من جهتها، تؤكد سائقة الخلاط ريم رواجبة، الحاصلة على رخصة القيادة للفئة الخامسة منذ خمس سنوات، أهمية تجربتها في قيادة خلاط الباطون، وتؤشر إلى أن التجربة كانت «رائعة مليئة بالتحديات» وخاضتها بنجاح، وأنها دعمت المرأة ومنحتها الجرأة للدخول إلى مهنة جديدة.

و تقول الرواجبة: «كنت أرى خوف العمال، إذ كانوا فور أن يروا أن السائق أنثى يركضون مبتعدين، لكنهم عندما شاهدوا مهارتي شهدوا لي أنني أبرع من بعض السائقين الرجال».

يوضح مدرب السائقين في شركة لافارج الأردن أحمد الجبالي أن البرنامج قسّم إلى تدريب نظري وآخر عملي مكثف بإشراف فريق تدريب متخصص لضمان سلامتهما أولاً وسلامة كل من حولهما أثناء القيادة، لتحقيق هدف الشركة الأسمى وهو الوصول إلى «صفر أذى» في جميع المواقع.

اقتصرت مرحلة التدريب النظري على القيادة الدفاعية السلوكية على الطريق، وكان التدريب لثلاثة أيام متتالية بشكل مكثف واجتازت المتدربتان المرحلة بنجاح.

ثم، والحديث للجبالي، انتقلتا إلى المرحلة العملية، وكان الدور الأصعب في تعليمهما على قيادة خلاطات بهذا الحجم الكبير، «لكننا اجتزنا المرحلة بنجاح وذلك للرغبة القوية عند المتدربتين بالتعلم وتطلعهما للتعلم.

ويشير إلى أن التدريب بدا على الخلاط وهو فارغ، ومن ثم تدربنا على تحميل الخلاط وتفريغه في المواقع، وكان التدريب مكثفاً بشكل يومي لمدة ستة شهور وبمعدل سبع ساعات يوميا.

ويلفت الجبالي إلى أن الرواجبة واللبدي احتاجتا وقتا أطول من الرجال في التدرب؛ «لأن سائقينا لديهم خلفية بقيادة الآليات الكبيرة، فمعظمهم سائقو شاحنات».

ولكن التحدي الأكبر الذي واجه المدربين، وفق الجبالي هو «تقبل السائقين والعاملين بالمصنع لوجود سائقات».

من جانبها، تقول مديرة برنامج السلامة على الطرق في مجموعة هولسيم العالمية، أستريد فان ديربورت: «نحن نؤمن بشدة بالتنوع والشمول، وفي العام الماضي قمنا رسميا بإطلاق برنامجنا (النساء خلف المِقود) على مستوى العالم».

وفي حديثها إلى «الرأي»، تشير فان ديربورت إلى إجراء بعض التجارب الأولية للبرنامج في دول مثل أوغندا وجنوب أفريقيا، مشيرة إلى أن النساء في تلك البلدان كنّ أفضل أداءً من السائقين الرجال، من حيث استهلاك أفضل للوقود، وتقليل نسبة تآكل وتلف المركبات وعمليات التصليح، وكذلك عدد أقل من الحوادث، والتزامهن بالسرعة المحددة، وتؤكد أنه بشكل عام «كانت جميع مؤشرات الأداء الرئيسية للسلامة أفضل».

ورحبت العضوة المؤسسة في مؤسسة صداقة سهر العالول ببرنامج نساء خلف المقود الذي ضم ودمج سائقات ضمن فريق سائقي الخلاطات والحمولة المتحركة، وهو ضمن ما تعمل عليه مؤسسة صداقة من تطبيق «الإطار الوطني للنقل من منظور النوع الاجتماعي لإدماج سياسات النوع الاجتماعي في سياسات النقل العام» الذي أُطلق عام 2020 بالتعاون مع وزارة النقل ومنظمة الأمم المتحدة للمرأة.

وتنص أهم بنود المشروع على إدخال النساء للعمل في قطاع النقل، ويطالب الإطار كذلك بأن تكون هناك بيئة عمل ملائمة للنساء في قطاع النقل العام تناسب وتدمج سياسات النوع الاجتماعي، إضافة إلى رفع مستوى كفاءة العاملين والعاملات والجهات المعنية وتفهمهم لضرورة وجود أنظمة داخلية مناسبة لاحتياجات المرأة العاملة.

كما يهدف الإطار الوطني إلى إدماج النوع الاجتماعي في سياسات الموارد البشرية وزيادة عدد العاملات في القطاع وتمثيلهن في مواقع صنع القرار ووضع السياسات.

وتفتت العالول إلى أن شركة لافارج باطون الأردن طبقت أحد أهم البنود، وهو تدريب الكوادر، إضافة إلى تهيئة بيئة عمل مناسبة، وهو بمستوى أهمية التدريب، كتوفير المرافق المخصصة للنساء وغرف استراحة للعاملات.

وتؤكد العالول أن على المجتمع أن يتحمل جانبا من مسؤوليته الاجتماعية في توظيف النساء كما عملت شركة لافارج باطون الأردن بتوظيف امرأتين في هذا القطاع.

وتشدد على أنه إذا حافظت الشركة عليهن في القطاع سيزداد عدد النساء العاملات في قطاع النقل، حيث ستكون الشركة مثالاً لبيئة العمل الصديقة للمرأة وسيكون هناك عدوى إيجابية لدى مؤسسات وشركات أخرى، وإن نجحت الخطوة ستؤثر بشكل كبير وستغير من انطباع المجتمع حيال عمل النساء وتغير الصورة النمطية وتغير الفكرة السلبية السائدة في عمل المرأة في مجال النقل.

وتتمنى العالول أن تحذو شركات النقل العام حذو لافارج عن طريق تهيئة بيئة عمل نقل الركاب والمواصلات العامة لتكون مناسبة لعمل المرأة؛ حيث أنها أحد أنواع تغيير الفكر المجتمعي من جانب وتشجيع النساء على دخول قطاعات جديدة.

الرأي - خولة ابو قورة