النسخة الكاملة

المتألّقة رزان جمّال.. نجاحها وانطوائيتها وغياب أمّها

الخميس-2023-05-16 10:42 am
جفرا نيوز -

جفرا نيوز - بيتي كان حيث كانت أمي. لقد اعتدت أن أعمل وأكدّ وأتعب، ثم أعود إليها، وأجلس في سريرها، ونشاهد فيلماً معاً، في حضن أمّي، كنت أحصل على أفضل نوم، لا أشعر بعدها أن لديّ مكاناً أسمّيه "بيتي".

جميلة وذكيّة وناجحة، خصوصاً بعدما تركت بصمتها المميّزة في الدراما العربية في مسلسل "الثمن" الذي حقّق نِسب مشاهدة فاقت كلّ التوقّعات… تبدو رزان جمّال مثالية منطلقة، مع شيء من الحزن. رحيل والدتها تركها وحيدةً ودفع بها الى الغوص أكثر في العمل وتفاصيله. هنا حوار مع رزان تتكشّف فيه ومضات من شخصيتها الشيّقة.



من هي رزان جمال؟

أنا امرأة انطوائية ومنطلقة في الوقت نفسه… هذا أفضل وصف لمن أكون.



لماذا اخترت التمثيل وكيف صنعت طريقك الخاص في هذا المجال التنافسي الصعب؟

أؤمن بقوّة بأنني لم أختَر هذه الحياة، حياة التمثيل والشهرة، بل هي مَن اختارتني. بدأ الأمر برغبتي الجامحة في سنّ مبكرة في أن أصبح ممثلة، وقد عملت لبلوغ هدفي ببطء، خطوة خطوة، ولكن بثبات. التمثيل هو الأسلوب الذي أعبّر فيه عن نفسي، وهو يعكس خيالي النابض والفضول الحقيقي الذي يحرّكني في طريقي لفهم "الآخر".

لقد عرفتِ الكثير من النجاح أخيراً، بفيلمك مع مروان حامد باعتباره الفيلم الأكثر ربحاً في تاريخ السينما المصرية، كذلك حقّق مسلسل "الثمن" المرتبة الأولى على "شاهد"، وانتشرت أغنيتك "زهرة هي" بشكل فيروسي! هل كنت تخطّطين للغناء؟

لطالما أحببت الغناء، ولكن لم يكن لدي الثقة للقيام بذلك! لذلك عندما أُتيحت لي فرصة الغناء مع عسيلي في حملة معمار مرشدي الرمضانية "زهرة هي"، قررت أن أغتنمها رغم أنني كنت مرعوبة منها. كان الأمر شاقّاً للغاية، لدرجة أنني حاولت الهرب مرات عدّة! لكن أعتقد أن المكتوب لنا سيصيبنا مهما حاولنا أن نهرب منه. اليوم أشعر بأنني محظوظة لأنني حاولت وغنّيت ونجحت في ذلك. لقد كانت تجربة ممتعة، وكان عليّ فيها أن أواجه مخاوفي وجهاً لوجه! كان من الرائع أيضاً التواصل مع قاعدة واسعة من المعجبين المصريين، وهي قاعدة أعتبرها خاصة جداً بالنسبة إليّ.





مع كل الشهرة والحبّ المحاطة بهما، كيف تتعاملين مع التعليقات السلبية التي تصدر من هنا وهناك؟

عندما بدأتْ تردني تعليقات سلبيّة بأنني باردة في أداء دور "سارة"، كنت في حيرة من أمري. أتذكر أنني عرضت التعليقات على والدي الذي قال بتعجّب: "أنتِ؟ باردة؟". كنا جميعاً في حيرة من أمرنا، لأن ذلك مختلف تماماً عما أنا عليه وعن شخصيتي الحقيقية. ثم مع مرور الوقت، فهمت الأسباب التي دفعت البعض لوصفي بـ"الباردة". فشخصيّة "سارة" التي أؤديها في "الثمن" هي شخصيّة امرأة انطوائية وتميل إلى قمع عواطفها، لذلك فهي تبدو باردة للبعض. والواقع أن الأحداث مفصّلة على هذا النحو، كذلك الشخصيّات. فلو كانت "سارة" مشاكسة أو حادة المزاج أو أكثر تصادمية، لكانت سرقت مصرفاً أو مؤسّسة لتحصل على المال الذي تحتاج إليه لعلاج ابنها، وبهذا تنتفي الحاجة الى قصّة المسلسل القائمة على الثمن الذي دفعته من أجل ابنها! كما أن أسلوبي مختلف عما قد يستخدمه البعض، إنه أكثر من رحلة داخلية كممثل. وأنا لا أرى أن هذا أمر جيد أو سيئ، بل إنه مختلف تماماً، وأشعر أن هناك متسعاً لكل شخص ليكون له أسلوبه الخاص! وهو ما يجعل كل شخص فريداً بطريقته الخاصة.






إذاً، أنتِ لا ترين أن الانتقاد هذا سببه الغيرة ومحاولات إحباطك بعد النجاح الكبير الذي حققته عربياً؟

أبداً على الإطلاق. وبالمناسبة، الغيرة ليست بالأمر السيئ. الغيرة هي مجرد مؤشر على أن شخصاً ما لديه شيء تريدينه لنفسك. وهذا هو المكان الذي تحتاجين فيه إلى الاختيار: إما أن تحطّي من قدر الشخص الآخر لتشعري بتحسّن وتُعلي من شأنك، أو تعملي على تطوير مهاراتك وتجتهدي لتتجاوزي بالعمل ما حققه الآخر. شخصياً، أميل إلى الاحتمال الثاني، واستخدام أي شيء سلبي كوقود يدفعني إلى الأمام نحو تحقيق الأفضل.



نحن نعلم أنك لستِ متزوّجة وليس لديك أطفال، هل كان من الصعب أن تلعبي دور الأم؟

أنا محاطة بصديقات متزوّجات لديهنّ أطفال ويتابعن حياتهنّ المهنيّة بزخم وعزيمة. أنظر إليهنّ برهبة. أنا مندهشة حقاً ممّا يمكن أن تفعله الأمهات. لن أتظاهر كما لو كنت أعرف تماماً ما هو شعور الأم الحقيقية، لكنّ هذا الدور قمت به في الواقع عندما كانت والدتي مريضة، وانقلبت أدوارنا فصرت أهتمّ بها كما لو كنت أنا الأم وهي ابنتي. أشعر أيضاً بغريزة الأمومة تجاه أطفال صديقتي، وأطفال آخرين ألتقيهم في حياتي اليومية. لذا، حتى لو لم يكن لديّ أطفال، فأنا أشعر بالأمومة. فضلاً عن ذلك، لقد عملت بجد للتأكد من أن "هادي" (الممثل الذي يلعب دور "إبراهيم") كان مرتاحاً معي لدرجة أنه لا يزال يتصل بي حتى يومنا هذا ويناديني "ماما".





عملتِ مع مخرجين أجانب وعرب، هل أثّر ذلك في خبرتك وأسلوبك في التمثيل؟

قطعاً! أشعر وكأنني خلاصة هذه التجارب المتنوّعة والتقنيات التي تعلّمتها من كل تجربة تمثيلية مررت بها! بالطبع، تأثّر أسلوبي بالأساليب التمثيلية الغربية، والعربية أخيراً. كانت أكبر تجربة خضتها هي تصوير مسلسل "الثمن" لمدة سبعة أشهر، طوال 6 أيام في الأسبوع، والذي استوجب حضوراً قوياً منّي في كل لحظة! كان هذا أعظم معسكر تدريب تمثيلي لي على الإطلاق!.



لماذا؟ ما الذي كان يمثّل تحدياً كبيراً في تصوير "الثمن"؟

شعرت أنها فرصة لي، وكان من الممكن أن تكون ضربة حظ أو فشلاً كبيراً. كنتُ بمثابة رهان كبير في هذا المسلسل. لقد حصلت حقاً على فرصة ذهبية، وشعرت أن عليّ أن أنجح. كان عليّ الارتقاء بالمعايير التي درستها بغض النظر عن الظروف الصعبة، لم يكن هناك مجال للفشل! ويزداد الضغط عندما تكونين محاطة بمثل هذه النخبة من الممثلين الأيقونيين المحترفين، وخاصة باسل خيّاط، فهو خبير في حِرفته ويأخذ عمله على محمل الجد. كان عامل الوقت تحدّياً، حتى اللغة كانت تحدّياً، لكنني لم أسمح لنفسي بتقديم أيّ شيء، لذا سعيت لأقدّم أفضل ما عندي. أنا مرتاحة جداً لردود فعل الجمهور الذي أَحبّ أدائي وتعلّق بالشخصيّة التي رسمتها لـ "سارة". لديّ حقاً أفضل المعجبين في العالم، ومنهم أستمدّ قوّتي للاستمرار.



هل توقعتِ أن يسجّل "الثمن" أرقاماً قياسية على "شاهد" في العديد من البلدان؟

بصراحة، لم أكن أتوقع كلّ هذا النجاح!! لقد تعاملت مع هذا الدور بالطريقة نفسها التي أتعامل فيها مع كلّ الأدوار التي ألعبها: أغوص في عمق الدور وأعطيه من ذاتي وروحي وإحساسي. وبمجرد الانتهاء من المهمة، لا يسعني إلا أن أتمنى الأفضل وأن يتردّد صدى الشخصيّة التي لعبتها في نفوس المشاهدين. لم أتوقّع أن يكون العرض ناجحاً إلى هذا الحد، وأنا سعيدة لأنني لم أتوقع ذلك لأنه كان سيضيف المزيد من الضغط عليّ! في النهاية، لقد فرحتُ بالتعرّف إلى المعجبين وهويّاتهم.



ماذا تقصدين؟ كيف تتعرفين إلى المعجبين؟

يمكنني معرفة هوية هؤلاء المعجبين بناءً على كيفية تفاعلهم مع سلوك الشخصيات. على سبيل المثال، توقعت أن يكون قبول "سارة" بعرض "زين" المشبوه إشكالية. لكن الجمهور كان يشعر بالكثير من التعاطف مع "سارة"، بمعنى أنه جمهور متفهّم. وهو كذلك جمهور متسامح جداً لأنه سامح "زين" على أفعاله في بداية المسلسل وأَحبّه في الحلقات التالية. "سارة" تخطئ مثل أي شخص آخر، وليست مثالية كما نحبّها دائماً أن تكون. هذا هو المكان الذي ينقسم فيه الناس، مَن يدينون أفعالها، وأولئك الذين لا يزالون يشعرون بالتعاطف معها. هناك مَن يقول إنها تستحق العقاب، وهناك مَن ينجح دائماً في التسامح. من المثير للاهتمام رؤية ردود الفعل المختلفة. أنا شخصياً أحب "سارة" أكثر لأنها تخطئ ولأنها إنسانة. وعلى الرغم من أنها قد ترتكب أخطاءً، إلا أن قلبها نقي ونيّاتها طيبة دائماً. من الواضح أيضاً أنها عاشت حياة مؤلمة أثّرت سلباً في صحتها العقلية، وأنا متعاطفة معها بسبب ذلك، بالطريقة نفسها التي سأكون فيها متعاطفة مع أي مشاهد يمر بالظروف نفسها.





بالحديث عن الصحة النفسية، كيف تعملين على تحقيق التوازن بين حياتك العملية وتلك الشخصيّة؟

من المضحك أنكِ ذكرتِ ذلك، لأن بعض الأشخاص نبّهوني أخيراً من أنني أعمل طوال الوقت، وقد أفقد توازني بين العمل والحياة! قد يصفني البعض بالأنانية. ولا أعتقد أن السبب وراء ذلك هو الأنانية، فالأنانية تعني أنك تمضي قُدماً أو تقوم بأشياء على حساب شخص آخر. أنا لا أؤذي أحداً من خلال رغبتي في تحقيق ذاتي والتركيز على عملي. وربما نعم! قد تكون العقارب مالت أكثر في الفترة الأخيرة الى الجانب العملي، لكن هذا طبيعي. لقد عملت سنوات عدة للوصول إلى ما أنا عليه اليوم، وأصبحت في مرحلة أجد فيها الفرص أمامي مفتوحة وعليّ أن أقطفها وأحصد ثمار تعبي. إن لم يكن الآن، فمتى؟! أعتقد أيضاً أن فقدان أمي ورحيلها عن هذه الدنيا لهما علاقة بانغماسي الشديد في العمل، لأنني لم أتوقف عن العمل منذ أن فقدتها. إنه أسلوبي الشخصي للتأقلم مع غيابها.



هل غيابها أثّر فيك وفي حبّك للحياة والبحث عن شريك؟

بالطبع أنا منفتحة على مقابلة شخص يكون لي شريكاً. ولا أحب أن أسمع من أحدهم اتّهاماً بأنني لستُ جادّة بشأن علاقاتي العاطفية بسبب طموحاتي المهنيّة. الواقع أنني وبدلاً من أن أكون دائماً في حالة بحث عن الحبّ، أركز على الاحتفاظ بمشاعري في الداخل، مع شريك أو بدونه. لذلك عندما يأتي الشريك المناسب، وأنا واثقة من أنه سيأتي ذات يوم، سأكون معه بالاختيار والحب، وليس للضرورة.



اليوم أين هو المكان الذي تقولين إنه بيتك؟ الى أيّ مكان تعودين في أوقات التعب والحزن والضياع؟

بصراحة، بيتي كان حيث كانت أمي... لقد اعتدت أن أعمل وأكدّ وأتعب، ثم أعود إليها، وأجلس في سريرها، وأشاهد فيلماً معها. هناك في حضن أمّي، كنت أحصل على أفضل نوم. كنتُ قريبة جداً منها! لذلك لا أشعر اليوم أن لديّ مكاناً بعدها أسمّيه "بيتي". أعلم أن من الصعب جداً فهم ذلك! في الوقت الحالي، أنا مرتاحة جداً لكوني دائماً في حالة تنقّل وليس لدي منزل واحد. ربما مع مرور الوقت أستقر وتكون لي عائلة خاصة بي. وإلى أن يحدث ذلك، سأستمر في التمتع بالحرية التي أمتلكها.