جفرا نيوز -
جفرا نيوز– د. محمد أبو بكر
أكثر من عشرين حزبا من الأحزاب القائمة جرى تصويب أوضاعها وبما يتوافق مع قانون الأحزاب الجديد ، حيث نجحت في عقد مؤتمراتها التأسيسية بنصف عدد المؤسسين زائد واحد .
كنّا نتوقع القيام بتغييرات جذرية في بنية هذه الأحزاب ، غير أن توقعاتنا لم تكن في محلّها أبدا ، ويبدو أن القائمين على الأحزاب المذكورة مصممون على بقاء الأمور على حالها دون تغيير ، وهذا يعني بأننا لن نشهد واقعا جديدا لهذه الأحزاب والتي يفترض فيها تغيير جلدها .
كل الأحزاب في العالم الديمقراطي تقوم بين الحين والآخر بعمليات نقد ذاتي ، فالظروف مدعاة للتغيّر ، والواقع السياسي يفرض الكثير على الأحزاب ، فما كان يصلح لما قبل عشرين عاما ، قد لا يتوافق أحداث اليوم وتطوراته .
الأحزاب القائمة في غالبيتها أعادت إنتاج نفس القيادات السابقة ، فالأمين العام هو نفسه ، والمكاتب التنفيذية في معظمها بقيت كالسابق ، وهذا يوحي بأن العديد من الأحزاب ترفض التغيير والتعاطي مع المرحلة القادمة بصورة ديمقراطية ، حتى الشباب غابوا عن التوليفة القيادية ، رغم وجود نسبة كبيرة منهم كأعضاء مؤسسين ، في حين استمرّت المرأة في القبول بوجودها كديكور تجميلي .
لا يمكن أن يستقيم العمل الحزبي على هذا النحو ، ولا أعتقد بأننا سنشهد ما هو جديد ، ربما نشهد ذلك في الأحزاب التي تأسست حديثا والتي تحاول فرض معادلات مختلفة وواقع جديد ، إلّا أن استمرار الوضع على ما هو عليه في الأحزاب القائمة المرخّصة لا يبعث على أيّ تفاؤل أبدا .
وهناك مسألة هامة يجب على الأحزاب أن تعيها جيدا ، فعدد المؤسسين الألف لا يعني شيئا ، والكثير من هذه الأحزاب تعرف جيدا كيف تمكّنت من جمع هذا العدد والذي لا يسمن ولا يغني ، لأنّ المرحلة القادمة تحتاج منها للعمل الدؤوب نحو صناعة القاعدة الشعبية المؤثّرة ، ولا يمكن صناعة هذه القاعدة دون إقناعها بأفكار الحزب وأهدافه ، وهذه القاعدة هي الوحيدة القادرة على إيصال الحزب للسلطة التشريعية ، وربما لاحقا للسلطة التنفيذية .
الكثير من الأحزاب الحالية تفتقر للقواعد الشعبية ، وهناك عجز واضح لدى القائمين عليها في إيصال الرسالة الحزبية ، وهذا يشير إلى افتقار الأحزاب للفكر ، والذي يجب أن يبنى عليه الحزب السياسي ، وإذا ما دققنا في أدبيات الأحزاب المختلفة ، فلن نلحظ وجود تغيير جوهري ، ووحدهم الإسلاميون الذي يتمتعون بقواعد شعبية ، وربما نجد ذلك لدى بعض الأحزاب المؤسسة حديثا .
المرحلة المقبلة ، أو تلك التي ننتظر فيها الإنتخابات النيابية ، سنشهد فيها ما يشبه كسر العظم بين عدد محدود من الأحزاب ، في حين ستقف أحزاب عديدة موقف المتفرّج ، لأنها تعرف حجمها ومدى تأثيرها .
التغيير سنّة الحياة ، عبارة يجب أن تفهمها كافة الأحزاب ، والديمقراطية الداخلية غائبة تماما ، والوجوه القديمة ما زالت تمسك بزمام القيادة دون أن تقدّم ما يشفع لها ، افتحوا الأبواب للتغيير ، فربما نشهد جيلا قادرا على العمل والعطاء بدلا من الإنزواء خلف جدران المكاتب وإحتساء الشاي والقهوة ، وربما الزهورات والنسكافيه أيضا .