جفرا نيوز -
جفرا نيوز - الناطق الإعلامي للحزب المدني الديمقراطي "تحت التأسيس" المهندس عامر البشير
الحزب مشروع سياسي شرعي، يُمارسَ حقَّه المشروع على مساحةِ الوطن وله الحقُّ في تقديمِ رؤيته وبرنامجه السياسي
الاعتراف بالحُريات الفردية والمساواة الكاملة، لا يعني بالضرورة تغريبَ المجتمع أو تقويضَ القِيم الأساسية فيه
الديمقراطية لا تعني الإجماعَ المُطلق، ولكنها تعني الحقَّ في التعبير عن الاختلافِ والقدرة على التعايش معه
النقاشُ الحقيقي يتجسّدُ حولَ كيفية تحقيق الحرية الفردية والمساواة في ضوء القيم الأخلاقية والثقافية والدينية لمجتمعنا
الهدف النهائي هو تحقيقُ مجتمعٍ مدنِي، يتمّ فيه الاعترافُ بحقوق الجميع؛ الفردية والجمعية والاقليات واحترامها، مع الحفاظ على الثقافة والهوية الوطنية
على المقتنعين بالدولةِ المدنيةِ ودُعاتها إيضاحَ أنّ الحوارَ الفعّال والمفتوح هو جوهرٌ الديمقراطية
________________________________________
مقال الدكتور طلال الشرفات؛ الذي نُشر يوم أمس عبرَ قنوات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية تحت عنوان (حزب الدولة المدنية نوايا صادمة)، احتوى كثيراً من المُغالطات والتشويشِ على فكرٍ سياسيٍ يعبر عن قناعات تمثل وجهة نظر شريحة واسعة من المجتمع، خرجت للعلَن كمشروعٍ سياسي شرعي، ليُمارسَ حقَّه المشروع على مساحةِ الوطن.
يمكن تصنيفُ ما تفضّل به الكاتب ضمنَ مفهوم "التضليل السياسي"، إذ لم يُوفّر فرصةً للتجريح أو التشويه أو النيلِ من المشروع الحزبي الجديد إلاّ ومارسَه، بأسلوبٍ غير حميد واستنتاجات غير علمية، ومن باب الالتزام بنهجِ طرح الرأي واحترام الرأي الاخر، يرُدّ الحزبُ المدني الديمقراطي على إدّعاءات وجّهَها الدكتور الشرفات في وقت نتفيّأ فيه ظلالَ الانفتاح السياسي والرغبةً الحقيقية في التنمية والاصلاح السياسِي، وهو ما كان جَلياً في مُخرجات عملِ اللجنةِ الملكية لتطوير المنظومة السياسية، والتي كانت أهمّ مُخرجاتها تلازمُ مسارَي قانونَي الانتخاب والأحزاب وإصلاحهما وتناغمهما بصورةٍ غير مسبوقة.
ملخّص القولُ أننا على أعتاب أن تكون مُدخلات الانتخابات البرلمانية هي مُخرجات قانون الاحزاب، وسنشهدُ في البرلمان القادم 41 عضواً حزبياً فرزَتهم أحزابٌ شرعية وطنية تشكّلت من رحِمِ القوانين الأردنية، وصولاً لحالةٍ برلمانية مُشتركة، وانتقالٍ تدريجِيّ للبرلمانات الحزبية، وممارسة التعدّدية الحزبية قولاً وعملاً، وسيشهدُ الجيلُ الحاليّ والاجيال القادمة تداولاً للسلطة، لنَنعمَ بمُخرجات جهدٍ أطلقهُ جلالة الملك المفدّى دونَ أي توجسٍ أو خوفٍ من نتائجها المحسوبة والتي ينظمها الدستور، إلا أننا ما زلنا نشاهِدُ فئةً ما زالت تتمسك بمفاهيم لا تتناسب مع واقعنا، ولسانُ حالها يتغنّى بالأحكامِ العرفية وقمعِ الافكار التقدّمية، ربما لعدم إنتمائِهم لهذا العهد، وهنا يجبُ أن لا يغيبَ عن أبناءِ شعبنا الأردني العظيم أنّ الديمقراطية تعتبرُ نظاماً يحترمُ الاختلاف والتنوع داخل المجتمع، وهو يتطلب بالضرورة وجود وعيٍ بذلك وتنافسٍ برامجيّ بمعنَى آخر.
الحزبُ المدنيّ الديمقراطي -مثلُ أيّ حزبٍ آخر- له الحقُّ في تقديمِ رؤيته وبرنامجه السياسي، ويحقُّ لجمهورٍ واسعٍ من الأردنيين والأردنيات الانضواءَ تحتَ مظلّته، ولهم الحق أيضاً في المُشاركة والمُساهمة في صياغة برامجه وأدبياته، والتمسك بمبادئه التي يرَون فيها الأكثر تعبيراً عن فِكرهم وحمايةً لمواطنَتِهم، في وقت يتم فيه العمل على صياغة سياساته المنبثقة عن مبادئه لإشهارها تمهيداً لطرحِها كبرنامج مُتكامل للانتخابات التشريعية القادمة، وأيّ انتخابات محليّة ووطنية، والمشاركة بشتّى مناحِي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والطلابية والشبابية.
نتوجّهُ لبنات وأبناء شعبنا الأردني العظيم أن لا تَنطَلِي عليهم اتهاماتُ كاتب المقال؛ بأنَّ الحزبَ المدني الديمقراطي يهدّدُ الهويةَ الوطنية أو الثوابت الراسخة، فهذا من نسجِ خياله وحده، ناهيكم عن إقحام مصطلحاتٍ ذات دلالات ليس لها أيّ ربطٍ في سياق برامج وأدبيات الحزب، كمحاولةٍ يائسة لإثارةِ البلبلة وخلط الأوراق، بهدف الابتعادِ عن أهداف ومنطلقات الحزب، إذ سجّلَ كاتبُ المقال أكثرَ من مرّة تناقُضاً فيما يكتبه واختلاف المواقف باختلافِ الظروف، الأمرُ الذي يبتعدُ عن المبادئ والموضوعية، فمارَسَ التضليلَ باستخدام مُصطلحات أسقطها على مبادئ الحزب لإيهام القارئِ بهذا، والذي من المُفترض كونه مرفوضاً أخلاقياً قبلَ رفضه حِزبياً واجتماعياً، في أسلوبٍ يُضفي اللّبسَ والإلهاءَ والابتعادَ عن المضمون الحقيقي.
أسلوبٌ كهذا غيرُ بنّاء وغيرُ مُنصف، يشوّشُ على الحوارِ العام والانفتاح على الآخر، ويزيدُ من التوتر والانقسام بدلاً من تعزيزِ الفَهم المُشترك والحوار البنّاء المتصدّي للتحدّيات التي تواجِهُ وطنَنا وشعبَنا، فالنقدُ المبنِيّ على الحقائق والأدلة لا يصُبّ في خانةِ تحريض العواطف أو الاستقطاب الرخيص أو التحيّز، بل يسعى للحفاظ على احترامِ وتقديرِ مشاعر الآخرين ووجهات نظرهم، حتى وإن كانت مُختلفةً عن وجهات نظر الطرفِ الآخر.
نؤكّد لأبناءِ شعبنا العظيم أنّ هناك رغبةً واسعةً للاعتراف بالحُريات الفردية والمساواة الكاملة، وهذا لا يعني بالضرورة تغريبَ المجتمع أو تقويضَ القِيم الأساسية بالعكس، فهذه القيم هي جزءٌ أساسيّ من الديمقراطية الحقيقية، مُؤكدين أنّ الدستور وقيم المجتمع وتقاليده وإرثه الفِكريّ والعقائدي، يمكنُ أن يتطوّرَ ويتغير مع الوقت، وهذا ليس تقويضاً لهذه القيم، بل تحديثٌ لها كي تتناسبَ مع المعاصرةِ والحداثةِ وتحدياتِهما، والتي ستُبقي أصحابَ العقول المتكلّسة والقلوبَ المتحجّرة ومن ترفضها وتنكرها، خارجَ منظومة الزّمن، ومغرّدين خارجَ السّرب لتُبقينا في ذيلِ قائمةِ الشعوب المتحضّرة.
لا يخفى على أبناءِ شعبنا حقُّ الحزب المدني الديمقراطي تقديمَ برنامجه ورؤيته للباحث والناقد والمتلقي للعلنِ وبشفافيّةٍ مسؤولة، وأنهم كجمهورٍ مُتلقّي وناخبين لديهم الحقّ في الاختيار بين هذا البرنامج عند الانتهاء من صياغته وطرحه، كما هو الحال للبرنامج الحزبية الأخرى، فالديمقراطية لا تعني الإجماعَ المُطلق، ولكنها تعني الحقَّ في التعبير عن الاختلافِ والقدرة على التعايش معه.
القلقُ حول "تغريب المجتمع" ليسَ بالأمر الجديد، ولكن لا يوجد ما يبرره في موضع الحزب المدني الديمقراطي، لتأكيده على أن الحرية الفردية والمساواة ليست قيماً "غربية" بحد ذاتها، وليست ايضاً حاجة غريزية يُمكن تهذيبها، وكذلك الحياةُ الحزبية والتعددية، كونها قيمٌ عالمية وإنسانية، ومنصوصٌ عليها في الدساتير السماوية والدساتير الوضعية والدستور الاردني خاصّةً وفي قوانين دول غربية وعربية وإسلامية، فالديمقراطيةُ لا تعني التخلّي عن الثقافة أو الهوية الوطنية أو القيم الأخلاقية، بل تعني قدرةَ التعبير عن هذهِ القيم والثقافة بحريّةٍ وبدون خوف.
النقاشُ الحقيقي يتجسّدُ حولَ كيفية تحقيق الحرية الفردية والمساواة في ضوء القيم الأخلاقية والثقافية والدينية لمجتمعنا، وليس تصوير هذه القيم بأنّها متناقضةً بالضرورة أو حالةً من التغريب، فالحزبُ المدني الديمقراطي، كباقي الأحزاب، من حقّه تقديمُ رؤيته لكيفية تحقيق هذا الهدف، ولأعضائه دورٌ في صياغةِ أدبياته، وللناخبين حريةُ الاختيار وفصلُ القول والحقّ في القرار.
إذاً، الهدف النهائي هو تحقيقُ مجتمعٍ مدنِي، يتمّ فيه الاعترافُ بحقوق الجميع؛ الفردية والجمعية والاقليات واحترامها، مع الحفاظ على الثقافة والهوية الوطنية، الأمر الذي يتطلّبُ حواراً موضوعياً مفتوحاً وشاملاً بين جميع مكوّنات المجتمع وأطيافه السياسية، ويتطلب أيضًا الاعترافَ بأنّ التغيير هو جزءٌ طبيعي من الحياة الاجتماعية والسياسية، ويمكن حدوثه بطرقٍ تحترمُ الهويّةَ والقيمَ الأساسية للمُجتمعات.
الديمقراطيةُ ليست فقط حقّ الأغلبية في الحكم، بل هي أيضًا تحمي حقوق الأقليات والأفراد، وحقّ الاختلاف والتعبير عن الآراء بحريّة، بينما جاءت الاتهامات التي وجهّها كاتب المقال تغفَلُ عن هذا الجانب الأساسي من المُمارسة الديمقراطية، لذا فإننا في الحزب المدني الديمقراطي نعتبر أنه قد فات على الكاتب أهمية الانفتاح على الآخر وتعزيز الحوار بين الأحزاب المختلفة والمجتمع بأسره، فاهتمَّ بكيلِ الاتهامات وقمعِ الحريات، متناسياً أنّ النقاشَ العميق والبناء هو الطريقةٌ الوحيدة لتحقيق توافق بين الحريات الفردية والقيم الاجتماعية، ولضمان أنّ الديمقراطية والحريات تعملُ بشكلٍ مُتناغم وغير متناقض.
إنّ نهجَ الحزب المدنيّ الديمقراطي شفافٌ وواضح، ولكن هناك توجّهات من فئةٍ نصّبت نفسَها حاميةً للدستور وحارسةً على القيم المجتمعية، أرادت أن يظهرَ الحزبُ غامضَ المبادئ بما يثيرُ القلق، وهنا على المقتنعين بالدولةِ المدنيةِ ودُعاتها إيضاحَ أنّ الحوارَ الفعّال والمفتوح هو جوهرٌ الديمقراطية، الأمرُ الذي يتطلّبُ التفاعلَ الجادّ مع النقد، وعدم الاستجابة لقلقِ فئاتٍ تُصنّف بفئةِ المتخوّفين، ونستثني هنا منهم الحاقدين وغير الموضوعيين، لأنّ الخوف من التغيير أمر طبيعي وشائع، ولكن إن حدث بطريقة منظمة ومدروسة وبالتدريج، فسيصبح مفيداً بل وضرورياً للنمو والتطوّر، وبناءً عليه فالحزبُ المدني الديمقراطي ملتزمٌ بالتغيير، ويجبُ أن يُعطى فرصةً لتقديمِ خطابهِ السياسي وبرامجه الاقتصادية والاجتماعية، وتُترك للناخب كلمةُ الفصل في ذلك.
ختاماً، نلفتُ أنَّ الديمقراطية تعتمدُ على التنوّع والنقاش والتعبير عن الآراء المختلفة، إلاّ أنّ اتهامات وانتقادات الدكتور الشرفات للحزبِ المدني الديمقراطي تخلُو من الموضوعيّة وأسسِ الحوار البنّاء، وإنّنا في الحزب نرحّبُ بكافّة الاستفسارات أو الانتقادات البنّاءة، التي لا تأخذُ طابعَ الشخصنةَ والتجريح والتشويه، لذا فإنَّ الردَّ عليها يقعُ على عاتقِ الحزب أولاً، وعلى الدُعاة المُبشرين بالدولة المدنية، على اعتبارِ أنّها الحلُّ والسبيلُ الوحيد لمعالجة التحديات التي تُواجه الدولةَ الأردنية في المئوية الثانية، وهي نتاجُ أخطاء وممارسات تمّت في فترةِ نهج المئوية الأولى التي حمّلتنا إرثاً ثقيلاً... والله المُوفّق.