جفرا نيوز -
جفرا نيوز - بقلم الدكتور رافع شفيق البطاينة
تحدثت في مقالي السابق عن تصريح دولة فيصل الفايز بخصوص الجبهة الداخلية، واليوم سأتحدث عن تصريحه الثاني بشأن الأحزاب السياسية، حينما قال دولته أن الأحزاب الجديدة غير قادرة على حمل المرحلة القادمة، وأنها إلى 12 سنة حتى تتمكن من تشكيل الحكومات البرلمانية والحزبية، ولهذا التصريح آثار سلبية على الحياة الحزبية، وعلى اندفاع المواطنين للانخراط بها، حيث أن هذا التصريح هو الثاني من نوعه يصدر من رئيس وزراء سابق، فقد سبق وأن صرح أحد رؤساء الوزراء السابقين كلاما شكك في إمكانية نجاح الأحزاب الحالية، بقوله أن ما يحصل هو عملية لملمة للأعضاء.
كما سبق وصرح إثنين من نواب رؤساء وزارات ضد الأحزاب الجديدة، والعديد من التصريحات لمسؤولين كبار يشككون في نجاح الحياة الحزبية بموجب القانون الجديد، وأنا أقول ما أشبه الأمس باليوم، فالتاريخ يعيد نفسه، أتذكر عندما صدر أول قانون للأحزاب السياسية عام 1992 وبدأت رجالات الدولة، ورجالات السياسة والاقتصاد بتشكيل الأحزاب، انتعشت الحياة الحزبية في تلك الفترة، وكان هناك زخم حزبي سواء من حيث عدد الأحزاب التي رخصت، أو من حيث إقبال الناس على الانضمام إليها، وتفاءلت الناس بإمكانية نجاح الحياة الحزبية، كون الناس كانت متعطشة للحياة الحزبية وتواقة للديمقراطية، وبعد ذلك بدأت سهام النقد توجه للأحزاب إما لأهدافها أو اتهامها بالولاء للخارج، أو الحصول على تمويل مالي من بعض الدول الخارجية، أو لكثرتها وتشابه أهدافها وبرامجها وخصوصا بالنسبة للأحزاب الوسطية، وبعد ذلك أقدمت حوالي عشرة أحزاب وسطية على الإندماج تحت مسمى الحزب الوطني الدستوري، ورغم ذلك لم تسلم الأحزاب من استمرارية توجيه النقد لها، ومحاولة إحباطها، فتارة يخرج علينا مسؤول يقول أن بعض الأحزاب أعضاؤها لا يغطون منسف، وآخر يقول أن بعض الأحزاب ما بعبوا بك أب، وآخر يسميها دكاكين حزبية، وهناك من يقول أن الزحام يعيق الحركة، أو أحزاب عائلية، وهكذا دواليك من تصريحات محبطة للعمل الحزبي بقصد إفشاله، وأعاقة تقدم الحياة الحزبية ونجاحها، ووضع العصي بالدواليب، وها هو التاريخ بعيد نفسه، ولا أعلم إن كان تصريح دولة ابو غيث عفوي أم مقصود وأن وراء الأكمة ما ورائها، وإلى متى سيبقى التشكيك بقدرات الأحزاب السياسية، ومحاولة إعاقة نجاحها وتقدمها لتولي زمام السلطة التنفيذية من خلال بوابة مجلس النواب، والكوتا الحزبية التي أقرت لهم، لقد مضى لغاية الآن ثلاثون عاما على استئناف الحياة الحزبية.
وإذا افترضنا أننا نحتاج كمان 12 عام حتى تنضج الأحزاب والحياة الحزبية وتصبح قادرة حمل المرحلة القادمة، أي حتى عام 2035 ، ما يعني اننا نحتاج إلى 45 عاما تقريبا منذ استئناف الحياة الحزبية، هذا إذا ما طرأت ظروف أو تحديات تعيق نجاحها في المستقبل، أو أن تقدم الحكومة على حلها كما حصل في عام 1957، وختاما أقول هل أن الدولة الأردنية شجعت الأحزاب السياسية على الدخول من الباب ومن ثم تسعى إلى إخراجهم من الشباك، بطريق وأسلوب دبلوماسي، إذا ما القصة؟ فلننتظر الجواب غدا، وأن غدا لناظره قريب، وللحديث بقية.