النسخة الكاملة

مروان موسى... كأن الأغاني حديث بين شخصين

الخميس-2023-03-20 09:54 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - سيطرت موجة أغاني الراب على المشهد الغنائي في مصر منذ ما يقارب خمس سنوات، حين ظهر جيل جديد من مغني الراب من أبناء المدرسة الجديدة في هذا المجال، وقدموا معادلة فنية جديدة معتمدة على قاموس غنائي أقرب إلى لغة الشباب والشارع، وموسيقى جديدة استفادت من السيطرة السابقة لموسيقى المهرجانات، وأنتجت هذه الموجة بعد استقرارها عدداً من الأصوات الجديدة والثنائيات المتنافسة، ومن أبرزها مثلاً ثنائية ويجز مع مروان بابلو، إضافة إلى أبناء الجيل السابق، مثل شاهين وأبيوسف. ووسط هذه المنازعات الفنية والتجارية، خرج نموذج آخر إلى الواجهة بهدوء، ليضيف تجربة من نوع مختلف في موسيقى الراب، وهي تجربة المغني والمنتج الموسيقي مروان موسى، التي اتضحت معالمها في عام 2022.

عاش مغني الراب المصري مروان موسى عاماً نشطاً فنياً في 2022، واختتمه بحصد عدة جوائز في مجال الراب، مثل جائزة أفضل مغني راب في أفريقيا، المقدمة من مهرجان جوائز AFRIMA. وكانت جائزة مستحقة بالفعل لما قدمه موسى طوال العام الماضي من تجارب مختلفة، تلفت الانتباه إلى تجربته الموسيقية المختلفة، وطريقته في الصعود بهدوء وثبات بعيداً عن اللهفة التجارية، واختلافاً عن بعض زملائه الذين اتجهوا في ما بعد إلى الاهتمام بالترويج لذاتهم وتعزيز نجوميتهم ومكانتهم السوقية، في الوقت الذي لا يزال مروان موسى يعمل كأنه فنان هاوٍ وغير مكترث، وهي الصفة التي تمثل جزءاً كبيراً من تجربته الموسيقية الصاعدة.

"لسه بحاول أعمل أجمد أغنية راب، بحب أحافظ إني مكونش شاب تجاري بزيادة.. محافظ على حتة إني أفضل رابر". هكذا لخص مروان موسى أسلوبه في إطلاق أغاني الراب منذ بدايته إلى اللحظة الحالية. وتدل الطريقة التي يطرح بها موسى أعماله الغنائية على عدم إعطائه الأولوية للجوانب التسويقية والتجارية. فهو يبدو كأنه الأكثر استقلالية بين زملائه، يطرح الأغاني بشكل منفرد، وأحياناً بشكل متتالٍ، وفي أوقات غير منتظمة، وألبومات مصغرة وكليبات في ذات الفترة، وجميعها من دون دعاية مسبقة أو تسويق إلكتروني، يضمن لها تحقيق ملايين المشاهدات ونسب الاستماع على "يوتيوب" مثلاً.

وأصبح من الواضح أن هذا المقياس لا يشغل بال مروان موسى كثيراً، فأرقام أغانيه الشهيرة على يوتيوب تبدو متواضعة مقارنة بحجم تأثيرها وانتشارها، ومقارنة بأغاني زملائه التي لم تحقق ذات الضجة.


فأغنية "شيراتون" التي كانت نقطة تحول في مسيرة مروان موسى، وسبب شهرته الكبيرة خارج حيّز جمهور الراب، حققت فقط 22 مليون مشاهدة على "يوتيوب" في عامين، وأغنيته الضاربة العام الماضي "بطل عالم" حققت 14 مليوناً فقط، جعلت هذه الطريقة نجاح مروان موسى يبدو حقيقياً ومبنياً بالكامل على العوامل الفنية، فهناك أغانٍ لم تتجاوز المليون من الأساس بعد شهور من طرحها، وهناك أغانٍ ساهم الجمهور العادي في انتشارها والترويج لها من خلال تفاعلهم معها على "تيك توك"، مثل أغنية "حدوتة ألماني"، التي صنع لها الجمهور صوراً موازية من خيالاتهم الخاصة، لدرجة أنها جعلت بعض مستخدمي تيك توك مشاهير بسببها بعد مشاهدات مليونية فاقت نسبة استماع الأغنية الأصلية التي لم تتجاوز 12 مليوناً على "يوتيوب".


العامل الآخر في تجربة مروان موسى الموسيقية، يتمثل بتكوينه الشخصي كفنان، فهو قادم من خلفيات فنية متعددة، إذ إنه كاتب كلمات أغانٍ مميز، إضافة إلى أنه منتج موسيقي ومهندس صوت لأغانيه، وهي مجالات اتجه إليها بعد دراسته السينما. انعكست هذه الاهتمامات التقنية في تجارب مروان موسى، التي تعتمد على الصوت والصورة في المقام الأول، حتى قبل الكلمات والألحان مثلاً، فرغم تميزها، إلا أن نقطة قوة موسى تكمن في تجربته الصوتية في أعماله. قد يقيس الشاب نجاح أعماله أو اختلافها بعضها عن بعض بالطريقة التي ينفذ بها الإخراج الصوتي والصورة. لذلك، لا عجب أن أغاني مروان موسى القليلة التي لم يصورها، مثل "حدوتة ألماني"، جاء نجاحها من قدرتها على إثارة التفاعل البصري معها من المستمعين.

لم يتولّ مروان موسى إخراج أي من كليباته، لكن الاهتمام بالصورة كان واضحاً في أسلوبه، مثل فيديو كليب "تيسلا"، الذي قدم به صورة سينمائية أشبه بفيلم هوليوودي. والأمر نفسه في كليب "سحمد" الذي مزج به بين مرحلة السبعينيات وألوانها وبين المؤثرات البصرية الحديثة. فعل ذات الأمر أيضاً في أغاني ألبوم "فلوريدا"، لإضفاء المزيد من حالة القتامة في الإخراج الصوتي للأغاني، في حالة صوتية مختلفة تماماً عن تجاربه التالية لأغنية "شيراتون"، التي استلهم منها بعض الأصوات الشرقية والمهرجانات، مثل صوت "الصاجات" في معظم الأغاني.