النسخة الكاملة

لماذا كان زلزال "تركيا وسوريا" مدمراً إلى هذا الحد؟

الخميس-2023-02-08 11:46 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - خلّف زلزال تركيا وسوريا آلاف الضحايا بين قتيل وجريح وعالق تحت الأنقاض، مما جعله ضمن أكبر الكوارث الطبيعية التي عصفت بالمنطقة منذ عقود، فما أسباب هذا الزلزال، ولماذا كان مدمراً إلى هذه الدرجة، وهل كان بالإمكان التنبؤ به والتقليص من عواقبه؟

في يوم الإثنين 6 فبراير/شباط 2023، ضرب زلزال مدمر جنوبي تركيا وشمالي غرب سوريا مخلفاً آلاف الضحايا ما بين قتيل وجريح. بلغت قوة هذا الزلزال غير المسبوق 7.8 درجة، وقد أعقبه زلزال آخر بعد ساعات قليلة بلغت قوته 7.5 درجة.

أما مركز الزلزال فقد كان يقع على بعد 17.9 كيلومتر تحت سطح الأرض بالقرب من مدينة غازي عنتاب التركية، وفقاً لجمعية المسح الجيولوجي الأمريكية.

وبعد 12 ساعة من الزلزال الأول، ضرب زلزال آخر شمالي مدينة غازي عنتاب، بنفس الشدة تقريباً، وعلى مقربة من مركز الزلزال الأول. كذلك أطلق الزلزال موجات باتجاه الشمال الشرقي؛ مما تسبب في حدوث دمار في وسط تركيا وسوريا، ووفقاً للناجين فقد استمرت الهزات الزلزالية قرابة الدقيقتين.

ولم يضرب زلزال كهذا منطقة مأهولة بالسكان في تركيا منذ عام 1939، لذلك يعتبر زلزال 2023 أعنف زلزال يضرب المنطقة منذ عقود.

لماذا كانت آثار الزلزال مدمرة إلى هذا الحد؟
هناك العديد من العوامل التي ساهمت في جعل هذا الزلزال مدمراً إلى حد كبير منها:
قوة الزلزال: كما أشرنا بلغت قوة هذا الزلزال 7.8 درجة على مقياس ريختر، وتصنف الآثار التدميرية للزلازل تبعاً لقوتها كالآتي:

الزلازل التي تتراوح شدتها بين 1 و4، وهي زلازل من الممكن الإحساس بها، لكن قد لا تحدث بسببها أية أضرار.

الزلازل التي تتراوح شدتها بين 4 و6، وهي زلازل تحدث بسببها أضرار متوسطة للمباني.

الزلازل التي تتراوح شدتها بين 7 و10، وتعتبر زلازل من الدرجة القصوى، تستطيع تدمير مدينة بأكملها مخلفة العديد من الوفيات والأضرار المادية.

موقع الزلزال: تقع المناطق التي تأثرت بالزلزال ضمن نطاق ما يسمى "فالق الأناضول" الواقع في منطقة شرق البحر المتوسط في منطقة تلاقي صفيحة قارة إفريقيا وصفيحة أوراسيا أو قارة أوروبا، إذ يتكون الغلاف الصخري للأرض من 12 لوحاً تعرف باسم الصفائح التكتونية التي تطفو فوق النواة المنصهرة للأرض وتكون مناطق تلاقي أو اصطدام هذه الصفائح ببعضها بعضاً أكثر عرضة لحدوث الزلازل من غيرها، وتعرف هذه المناطق باسم الفوالق أو الصدوع، حيث يعتبر فالق الأناضول واحداً من أشهرها، لذلك لاحظنا تأثر تركيا عموماً بالزلازل أكثر من غيرها.

تراكم الطاقة: وفقاً للعلماء لم تشهد المنطقة زلزالاً عنيفاً بهذا الشكل منذ مدة طويلة تراكمت خلالها الطاقة في باطن الأرض على طول فالق الأناضول؛ مما أدى إلى حدوث هزات ارتدادية عنيفة بعد الزلزال الرئيسي.

بنية المساكن: بالنسبة للشمال السوري فالبنية التحتية ضعيفة أصلاً ومدمرة بسبب سنوات طويلة تعرضت المنطقة خلالها لقصف قوات الأسد وحلفائه، وحتى في تركيا لم تكن الأبنية مجهزة لتقاوم الزلازل، فانهار معظمها بسرعة.

ومن الجدير بالذكر أن الحكومة التركية كانت قد أصدرت تشريعات في عام 2004 تلزم جميع المباني الجديدة بالامتثال لمعايير مقاومة الزلازل، وذلك على خلفية زلزال عام 1999 المدمر، لكن من الواضح أن الكثيرين لم يمتثلوا لهذه القوانين، فخلال زلزال عام 2023 هناك العديد من الأبنية التي انهارت بالكامل بسبب سوء بنائها وتصميمها، فيما صمدت أبنية أخرى مجاورة لها بسبب بنائها المتين.

كذلك فإن الأبنية المصنوعة من مواد بناء رديئة تنهار على شكل طبقات، إذ ينهار كل طابق عمودياً على الطابق الذي يليه مما لا يتيح فرصة كبيرة للسكان بالنجاة.

لم يتم تحديد عدد الضحايا الكلي لزلزال تركيا وسوريا، حيث إن الآلاف لا يزالون عالقين تحت الأنقاض، كما أنه يتعذر إحصاء عدد الضحايا في سوريا على وجه التحديد بسبب ضعف الإمكانات وعدم وجود جهات قادرة على تقديم إحصائيات دقيقة.

لكن، بعد مرور يوم على انقضاء الزلزال قدر عدد الضحايا بما يزيد عن خمسة آلاف قتيل وأكثر من 34 ألف جريح.

وقد قدرت منظمة الصحة العالمية احتمال تضرر ما يصل إلى 23 مليون شخص من هذا الزلزال المدمر، فمنهم من فارق الحياة ومنهم من بقي عالقاً لفترة طويلة تحت الأنقاض، ومنهم من أصيب بجراح بليغة ومنهم من تكبد خسائر هائلة في الممتلكات.

إعلان حالة الطوارئ

تحركت فرق الإنقاذ على الفور لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض على الرغم من نقص المعدات وسوء الأحوال الجوية التي عطلت جهود المنقذين.

وقد عرضت 70 دولة المساعدة على الحكومة التركية وفقاً لتصريحات رسمية، فيما بدأت الحكومة التركية بالتخطيط لفتح فنادق في منطقة أنطاليا السياحية للنازحين المتضررين من الزلزال خاصة أنه قد تم إعلان المناطق العشر التي تأثرت بالزلزال على أنها مناطق كوارث، كما أعلنت الحكومة حالة الطوارئ فيها لمدة ثلاثة أشهر.

هل كان من الممكن التنبؤ بزلزال تركيا وسوريا؟
مع الأسف فإن الزلازل كارثة طبيعية لا يمكن للعلماء التنبؤ بها للحد من آثارها المدمرة، بل يعتقد العلماء أن عملية التنبؤ بالزلازل لن تكون أمراً متاحاً في المستقبل القريب، وفقاً لما ورد في موقع usgs.

إذ لم يتطور العلم لدرجة يستطيع معها الخبراء تحديد موعد وموقع ودرجة قوة الزلزال بدقة قبل حدوثه، لأنهم ببساطة غير قادرين على التنبؤ بالطريقة التي ستستجيب بها الصخور للحرارة والضغط الهائل في باطن الأرض.

ولدراسة التصدعات الموجودة في باطن الأرض والتي تؤدي إلى حدوث الزلازل يحتاج العلماء للحفر إلى مستويات عميقة جداً، وهذه العملية صعبة ومكلفة للغاية، لذا يكتفي العلماء بدراسة عينات مخبرية، الأمر الذي لم ينجح كما هو واضح في تحديد أماكن الزلازل، وفقاً لما ورد في موقع forbes.

على الرغم من أن زلزال تركيا وسوريا 2023 كان الأعنف منذ عقود، إلا أنها ليست المرة الأولى التي تحدث فيها زلازل مدمرة في نطاق فالق الأناضول.

خلال القرن العشرين، لم يتسبب فالق الأناضول في نشاط زلزالي كبير، وفقاً للباحث الفخري في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية روجر موسون. ولم تسجل المنطقة سوى ثلاثة زلازل فقط بقوة ست درجات منذ عام 1970 وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكي، بالإضافة إلى زلزال كبير ضرب البلاد عام 1999 وأسفر عن مقتل 17000 شخص في المنطقة الشمالية الغربية من تركيا.

أيضاً في عام 1822 تعرضت المنطقة لزلزال في 13 أغسطس/آب 1822 قُدرت قوته بنحو 7.4 درجة، وتسبب هذا الزلزال بدمار هائل فقد هدم مدناً بأكملها وراح ضحيته عشرات الآلاف.

عربي بوست 
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير