جفرا نيوز -
جفرا نيوز - كشفت دراسة جديدة أنّ الانخراط في سلوكيات إيذاء النفس من دون نية الموت، أو إيذاء النفس غير الانتحاري NSSI، يزيد بشكل كبير لدى الأفراد في مرحلة الانتقال من الطفولة إلى المراهقة، ويستمر طوال سنوات المراهقة.
وأشارت الدراسة التي نشرت يوم 5 يناير/ كانون الثاني في مجلة بيولوجيكال سايكاتري إلى أنّه على الرغم من أنّ المشاركة في هذه السلوكيات غالباً ما ترتبط بالتفاعل العاطفي، وقد تحدث استجابة للتجارب الاجتماعية المؤلمة أو المعاملة السيئة في المحيط الاجتماعي، فإنّ بعض الشباب أكثر عرضة من غيرهم لإيذاء النفس.
والآليات التي يمكن أن تتفاعل من خلالها نقاط الضعف العاطفية والاجتماعية والبيئية داخل الأفراد التي تزيد من المخاطر المحتملة لإيذاء الذات لا تزال غير معروفة.
وفحص الباحثون الارتباطات العصبية وعوامل الخطر الأخرى للسلوكيات الضارة بالنفس، إذ إنّ فهمها يمكن أن يساعد في تعزيز مرونة الأطفال، ويمكن أن يساعد المختصين في وضع استراتيجيات المواجهة المناسبة.
وأوضحت قائدة فريق البحث في الدراسة، أوليفيا بولاك، أنّ سلوك إيذاء النفس لدى المراهقين معقد للغاية، وله العديد من العوامل المحفزة له، رغم أن العلماء ليست لديهم حتى الآن تنبؤات موضوعية قوية حول دوافعه.
وبناءً على النتائج التي توصل إليها المؤلفون، تشمل سلوكيات إيذاء النفس غير الانتحارية إصابة الجلد بجروح عمداً، وإدخال أشياء تحت الأظافر أو الجلد، وحرق الجلد وكشطه، أو نتفه لدرجة الوصول إلى الدم، وضرب الذات.
ولأغراض التحقق من الفرضية التي تطرحها الدراسة، رصد الباحثون وفحصوا التفاعلات التي تحدث لدى المراهقين في منطقة دماغية تسمى اللوزة التي ارتبطت بالتفاعل العاطفي والحساسية تجاه البيئة الاجتماعية، بما في ذلك إجراءات مثل الثواب والعقاب.
في التجارب السريرية التي أجريت على عينة ضمت 125 مشاركاً، كلف الباحثون المراهقين بأداء مهمة توقعوا فيها العقاب، وسعوا إلى تجنب هذا العقاب (أظهروا وجهاً عابساً)، وتجربة أخرى توقعوا فيها الثواب، وسعوا للحصول على مكافأة اجتماعية (أظهروا وجهاً مبتسماً)، وذلك في أثناء خضوعهم لتصوير الدماغ.
بعد إجراء هذه التجربة، أكمل المشاركون استبياناً في العام الذي أجري فيه الفحص، ثم أجريت التجربة مجدداً بعد عام واحد، لتحديد مدى نمو السلوكيات المرتبطة بإيذاء النفس، وكيفية تطور الظاهرة.
صنف المراهقون أيضاً أقرانهم (من قائمة الصف) على أنهم من أحبوا أكثر أو أقل،لأن العلاقات هذه تلعب دوراً حاسماً في تفاقم أو تحسّن هذه الظاهرة.
وفقاً للنتائج التي توصلت إليها الدراسة، وجد الباحثون أن زيادة تفاعل اللوزة الدماغية أثناء توقع العقوبة الاجتماعية تنبأت بفرص أكبر لتطور سلوكيات إيذاء النفس غير الانتحاري بعد عام واحد، وذلك بين المراهقين الذين لديهم تفضيل اجتماعي أقل من قبل الأقران (أيّ أنهم يستقبلون طاقة عاطفية إيجابية أقل). وتشير هذه النتيجة إلى أن المراهقين الأكثر حساسية لاحتمال العقاب الاجتماعي، والذين يواجهون ظروفاً اجتماعية صعبة بشكل أكبر بين أقرانهم، قد يكونون في خطر متزايد لارتكاب سلوكيات إيذاء النفس غير الانتحاري في المستقبل.
وأشارت بولاك إلى أنّ ردة فعل الدماغ القوية للعقاب الاجتماعي قد تكون علامة، وربما حتى مساهماً، في الاستجابات غير القادرة على التكيف مع الإجهاد الاجتماعي. وفي هذه الحالة تطور سلوكيات إيذاء النفس بعد رفض الأقران. قالت بولاك: "من الناحية السريرية، تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أنّ تعليم مهارات تنظيم المشاعر وزيادة تفاعلات الأقران الاجتماعية الإيجابية قد يساعدان في الحماية من الانخراط في سلوكيات إيذاء النفس في مرحلة المراهقة".
العربي الجديد