جفرا نيوز -
جفرا نيوز - يفتقر كثير من المراهقين إلى مهارات الحوار الهادئ والبنّاء مع والديهم، ويبحثون عن ثغرات للتحرر من سلطتهم، لذلك يلجؤون إلى تشويه الحقائق، والتلاعب بعقول الأهل، من أجل كسب بعض السيطرة، وتخطّي القواعد المفروضة، وضمان يأس الأهل من السعي خلف هدفهم الأساسي.
تتكرر تلك المواقف، ويستخدمها المراهقون ضد أوامر أمهاتهم، باعتبارهن الحلقة الأضعف، والأشد عاطفية، والأكثر وجودًا في المنزل. وفي المقابل، تشعر الأمهات بالصدمة، إذا استغل أبناؤهن عاطفتهن، فينسجن مبررات لسوء سلوكهم، ويسئن التصرف.
ماذا يعني التلاعب بالعقل؟
عرفت الرابطة الأميركية لطب النفس مصطلح "التلاعب بالعقول- Gaslighting" بأنه "دفع شخص للتشكيك في تصوراته، أو ذاكرته، أو فهمه للأحداث. ورغم شيوع استخدام المصطلح أخيرًا، فإنه موجود في الأدبيات السريرية، في إشارة إلى تكتيكات متلاعبة يتبعها المصابون باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، من أجل إصابة الضحية بمرض عقلي، أو تبرير حجزها في مصحة نفسية".
ويختلف التلاعب النفسي عن التلاعب العقلي، فيهدف الأول إلى تغيير نظرة الآخرين أو سلوكهم، من خلال خداعهم بأساليب واضحة أو مخفية، لتحقيق مصلحة المخادع، وهو أسلوب شهير يتبعه الأطفال في سن مبكرة، أو البائعون، ويعدّ جانبًا شائعًا من التلاعب العقلي، أما التلاعب العقلي فيتضمن أيضا نمطًا من السلوك المسيء، ليس بقصد التأثير على قرار شخص ما، لكن بغرض السيطرة عليه، وهدم ثقته بنفسه.
علامات تلاعب ابنك بعقلك
تتأذى مشاعر الأمهات إذا سمعن من أبنائهن عبارات مثل "أنت تستحقين تلك المعاملة"، أو "أنت حساسة ودرامية"، أو "أنت دمرت حياتي"، أو "أنت تتخيلين أحداثًا لم تقع، وهذا ليس ما حدث"، وربما تدفع تلك العبارات الأم نحو لوم نفسها، أو الدفاع عنها، لذلك عليك ملاحظة العلامات التالية خلال صراعاتكما، قبل التسرع في رد الفعل:
يغير ابنك الحقائق، ويسلط الضوء على نقاط ضعف روايتك، ويتمسك بروايته الجديدة، ويقنعك بها.
يقلل ابنك من أهمية مشاعرك، فيتهمك بالحساسية المفرطة تجاه أفعاله، ومن ثم يدفعك إلى تخفيف عقابك له.
يتهمك ابنك بتدمير حياته، ودفعه إلى ارتكاب الأخطاء، ويعلق أخطاءه على شماعة أخطائك.
يشكك ابنك في اتباعك أفضل طريقة لتحقيق مصلحته.
يتجاهل ابنك محاولاتك للنقاش، ويتهمك بمحاولة إرباكه، والتطرق إلى تفاصيل غير مهمة.
كيف تواجهين السلوك المتلاعب؟
الآن، بعدما استعدت بعض الثقة بنفسك، فلا ينقصك سوى فهم أسباب سلوك ابنك، وتشجيعه على تطوير مهارات التواصل الفعال، بتطبيق الخطوات الآتية:
ابحثي عن أسباب مقاومة طفلك للأوامر، فربما يكون السبب نزاعًا أو مرحلة انتقالية في حياة ابنك، مثل: انفصال الوالدين، أو ولادة أخ جديد، أو صراع مع زملاء الدراسة، أو التعرض للتنمر.
أما إذا فشلت في كشف السبب، فعليك التحدث مع معلم الفصل الدراسي، والمدرب الرياضي، وأي شخص مسؤول في حياة ابنك.
يقترح عالم النفس جيفري بيرنشتاين، في مقالة عبر موقع "سيكولوجي توداي"، ألا تشعر الأم بالذنب، أو تبرر سوء سلوك ابنها بتقصيرها في تربيته، لأن كلنا يخطئ ويصيب في تربية أولاده، لكن لا يعني التعاطف مع المراهق أن نصير فريسة له، ولا يبرر ألمه الصراخ بكلمات بذيئة، ولن يدفعنا ذلك إلى التخلي عن مصلحته الفضلى من وجهة نظرنا.
إذا لاحظت أن ابنك يكذّب روايتك للأحداث، فقولي له "لا بأس في أن نرى الأشياء بشكل مختلف، لكن احترام ذلك الاختلاف سيفيد كلانا"، أما إذا اتهمك بأنك حساسة ودرامية، فقولي "نعم، لدي مشاعر قوية تجاه هذا الموقف، ومشاعري جزء مني، وأود أن أسمع اقتراحك، للتعبير عن قلقي بطريقة تناسبك"، أو "مشاعري حقيقية، وسأكون ممتنة لو احترمتها، حتى لو لم تكن مقتنعًا بها".
لكن إذا ألقى ابنك عليك مسؤولية أخطائه فقولي له "أتمنى أن يتحمل كل منا مسؤولية أفعاله، وألا نتبادل الاتهامات".
تحدثي مع زوجك أو أحد والديك، ووضحي رغبتك في حل المشكلة، والاتفاق على تعريف واضح لواجبات الابن، وعواقب سوء سلوكه، كي لا يستغل الابن كلمات أحد الوالدين ضد الآخر، أو يقنع أحدكما بتشكيل حزب ضد الآخر.
إذا حاول ابنك التلاعب بك وابتزاز عواطفك، لاختبار مدى تمسكك بالقواعد المفروضة عليه، فحاولي أن تكوني هادئة ومهتمة بسماعه، لكن لا تتخلّي عن حزمك ووضوحك بشأن سلوكه وعقابه، وواصلي تنفيذ عواقب سوء سلوكه.
ضعي في اعتبارك عقد اجتماع عائلي، لوضع عقد توافقي بين أفراد المنزل، واختاري عواقب بنّاءة للسلوك المستغل، مثل منع مشاهدة التلفزيون أو ركوب سيارة الأسرة، لمدة أسبوع واحد.
يعدّ تعزيز السلوك الإيجابي وإقامة علاقة صحية مع ابنك منهجًا أسهل من معاقبته على السلوك السيئ، ويمكنك تحقيق ذلك من خلال الاستمتاع معا بممارسة هوايات مشتركة، وقضاء بعض الوقت في ممارسة أنشطة تدعم احترام المشاعر والحدود، واتباعك لنموذج السلوك الجيد الذي تودّين منه اتباعه.