النسخة الكاملة

كيف تعاملت الحكومة و"النواب" مع أزمة النقل؟

الخميس-2022-12-18 09:37 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - حزن الاردن رسميا وشعبيا على استشهاد العقيد عبدالرزاق الدلابيح برصاص الغدر، وكان جلالة الملك عبدالله الثاني الاكثر غضبا وحزنا باعلانه في بيت العزاء » ان الشهيد هو ابني وابن كل الاردنيين، ولن يهدأ لنا بال حتى ينال المجرم عقابه أمام العدالة على جريمته النكراء».

السؤال الذي يدور اليوم في خلد النخب والاوساط الشعبية والحزبية، هو كيف تعاملت الحكومة ومجلس النواب مع الاحداث منذ بدايتها لغاية اليوم؟.

الازمة نتجت عن قرار لجنة تسعير المشتقات النفطية بزيادة اسعار المحروقات وفق الآلية المتبعة منذ سنوات التي تستند الى اسعار النفط عالميا صعودا ونزولا، فالاسعار عالميا ارتفعت بسبب الحرب في اوكرانيا، وكان القرار وفق هذه الاسعار، بل ان الحكومة حرصت على عدم رفع سعر اسطوانة الغاز وابقاء الدعم المقدم للغاز بعيدا عن ارتفاعه في الاسواق العالمية وهو قرار اتخذته ايضا جميع الحكومات السابقة، وهذا له التزامات مالية دائما تتحملها الدولة بهدف التخفيف على المواطنين.

الاحتجاجات انصبّت في قطاع النقل من اصحاب الشاحنات والباصات والتاكسي الاصفر، وشكلت الحكومة منذ البداية فريقا للتفاوض مع المحتجين.

وكان وزير النقل وهيئة النقل البري يجريان مفاوضات مع النقابات التي تمثل قطاع الشاحنات والحافلات، بل استجابت الحكومة الى مطالب النقابات للتخفيف من اثار زيادة المحروقات، وهنا كانت الاستجابة الحكومية واضحة وهي تقديم مبالغ نقدية شهرية لكل باص او تاكسي لمدة ثلاثة شهور ومن ثم تخضع هذه المبالغ للتقييم، وفعلا توقف الاضراب في قطاع الباصات والتاكسي الاصفر، وعادت الباصات للعمل في الاماكن التي اضربت فيها باستثناء بعض محافظات الجنوب وخاصة معان والطفيلة، كما رفعت الحكومة اثمان التحميل للشاحنات في الفوسفات وغيرها ولكن اصحاب الشاحنات رفضوا هذا الاتفاق واصروا على اضرابهم بعدم التحميل والتنزيل من ميناء العقبة، الامر الذي ادى الى تعطل الحركة التجارية في الميناء وتوقف سلاسل التوريد الى جميع مدن الاردن.

ورافق الاضراب في قطاع النقل احتجاجات في محافظة معان والطفيلة ومطالبات بتخفيض اسعار المحروقات، والتزمت الحكومة والاجهزة الامنية بالسماح بحق الاحتجاج والتعبير السلمي وعدم استخدام القوة ضد المتحجين بل كان الحوار هو السبيل الوحيد للتعامل مع الاحتجاجات وممثلي القطاعات المحتجة.

رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة كان على تواصل مع الوزراء المعنيين ومع رئيس مجلس النواب والنواب بهدف ايجاد حل للازمة وانهاء الاضرابات وعودة الحياة في قطاع النقل الى ما كانت عليه قبل الاضراب.

واجرى رئيس الوزراء مباحثات مهمة في المملكة العربية السعودية، والتقى ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، وكانت الاوضاع وارتفاع الاسعار والتخفيف على المواطنين في صلب مباحثاته في السعودية، وهنا طالب الوفد الوزاري المرافق للرئيس من الوزراء السعوديين باستثناء الشاحنات الاردنية من الشروط المتعلقة بدخول الشاحنات الى الاراضي السعودية وخاصة العمر التشغيلي للشاحنات بهدف ابقاء دخول جميع الشاحنات الاردنية الى السعودية للعمل، ووعد الجانب السعودي باتخاذ قرار باستثناء الشاحنات الاردنية من العمر التشغيلي، كما قدم رئيس الوزراء الخصاونة والوفد الاردني مقترحات لمشاريع استراتيجية بين الاردن والسعودية بهدف توفير فرص عمل للاردنيين في جميع المجالات.

وفي ظل الاضراب تدخل مجلس النواب في محاولة لايجاد حل توافقي، وهنا كانت جلسة مجلس النواب التي طالب فيها النواب من الحكومة باتخاذ قرارات بخفض اسعار المحروقات، ثم قاد رئيس مجلس النواب تحركا واسعا مع الحكومة للمساهمة في الحل وعقد اجتماع بين الفريق الوزاري برئاسة نائب رئيس الوزراء توفيق كريشان ومجلس النواب برئاسة رئيس المجلس احمد الصفدي واعضاء المكتب الدائم ورؤساء الكتل وعدد من رؤساء اللجان النيابية وتم التوافق على تشكيل لجنة مشتركة لايجاد حل يرضي جميع الاطراف وينهي الازمة، وقدم النواب العديد من المطالب والمقترحات ابرزها تخفيض اسعار المحروقات من خلال اجتماع لجنة التسعيرة وشمول جميع طلبة الجامعات المتقدمين للمنح من صندوق الطالب وتقديم دعم مالي اضافي للمستفيدين من صندوق المعونة الوطنية، وفعلا وافقت الحكومة على مطالب توسيع قبول الطلبة في المنح من صندوق الطالب، وتوزيع مبلغ مالي للاسر المستفيدة من صندوق المعونة الوطنية، وتثبيت سعر الكاز لنهاية الشتاء حتى لو ارتفع السعر عالميا وخفضه في حال انخفض سعره عالميا، ومناقشة الابقاء على امر الدفاع المتعلق بعدم حبس المدين، كما وافقت جمعية البنوك على تأجيل اقساط ديون البنوك لهذا الشهر بدون اية غرامات.

الحكومة قدمت دعما ماليا لقطاع النقل والفقراء المستفيدين من صندوق المعونة الوطنية بهدف التخفيف من اثار زيادة الاسعار في محاولة لتحقيق توازن بين التزاماتها للهيئات الدولية المالية بالابقاء على التزامها بان تكون اسعار المحروقات وفق الاسعار العالمية والتخفيف على المواطنين والقطاعات من خلال دعم مالي، وبالتأكيد هذه ليست صيغة مثالية ولكنها ضمن المتاح خاصة وان المعطيات تؤشر على ان اسعار المحروقات ستنخفض الشهر المقبل بسبب الانخفاض العالمي في سعر النفط وهو ما تحاول الحكومة شرحه للمعنيين، الا ان هناك مطالبات بان تجتمع لجنة التسعيرة فورا قبل موعدها لاتخاذ قرار بخفض اسعار المحروقات، ولكن الحكومة تؤكد انها ملتزمة بالالية المتبعة في التسعيرة ولا حاجة لتقديم موعد الاجتماع للجنة كون المتبقي اقل من اسبوعين وعندها اللجنة صاحبة القرار في خفض الاسعار وفق الاسعار العالمية للنفط.

القضية الاخرى التي تحتاج الى نقاش معمق هي الضريبة الخاصة على البنزين والتي تثار بين الفينة والاخرى ولكن دخل هذه الضريبة بالنسبة لجميع الحكومات تذهب للخزينة وتغطي الرواتب والنفقات في المؤسسات الحكومية.

قضية ارتفاع اسعار المحروقات هي مسألة عالمية بل ان اسعار السلع في العالم ارتفعت بسبب الحرب في اوكرانيا وتوقف سلاسل التوريد العالمية، وعلينا ان نعترف ان حكومة بشر الخصاونة بتوجيهات من جلالة الملك استطاعت ان تحمي الاردن من الارتفاع العالمي في السلع وخاصة الزيوت النباتية والمواد الغذائية والطحين عبر تقديم الدعم لهذه السلع او تخفيض الضريبة على الزيوت النباتية للتخفيف من ارتفاع اسعارها.

بالمحصلة اليوم الجميع امام مسؤولياته سواء الحكومة او مجلس النواب والاعيان والاحزاب والنقابات واصحاب الشاحنات والمجتمع بان يبقى الحوار ومصلحة الاردن هي الاساس في اي قرار علاوة على محاربة التخريب او قطع الطريق او اجبار صاحب شاحنة على الاضراب، كما ان الجميع يرفض الاعتداء على رجال الامن الذين يحمون الامن والحياة والممتلكات العامة والخاصة.

الرأي - ماجد الأمير