جفرا نيوز -
جفرا نيوز - تعدّ كرة القدم من الرياضات الأكثر شعبية في العالم، فهي اللعبة التي يمارسها الصغار والكبار، ويتعلقون بها ويعشقونها، ولو قررنا أن نقوم بإحصاء عدد الكرات في بلد معين لبدا الأمر صعباً جداً، ففي أقل تقدير أن الكرة التي تلعب فيها هذه الرياضة مرت على معظم البيوت.
تطورت الكرة واستخدمت مواد مختلفة لتصنيعها في مصانع مخصصة، لكن السؤال البديهي أي مصنع قادر على تصنيع آلاف الكرات، لا بل عشرات الآلاف منها، وهنا نتحدث عن الكرات المعدّة للبيع، وأين تصنع الكرات المخصصة للعب في البطولات الاحترافية، ومنها كأس العالم، الذي سيقام بنسخته الـ 22 في قطر.
سيالكوت في باكستان.. هنا وطن الكرة
كانت مدينة سيالكوت مستعمرة بريطانية في القرن الـ 19، إذ احتلها الإنكليز وأنشأوا فيها قاعدة عسكرية، ولكن ما علاقة ذلك بكرة القدم؟ هذه المدينة اشتهرت بعمّالها ومهارتهم، وكان من بينهم فازال إيلاهي، الذي طلب إليه، في أحد الأيام، رقيب في الجيش البريطاني إصلاح كرته المثقوبة، كي لا يضطر إلى الانتظار أشهراً قبل عودته إلى وطنه ليحصل على كرة جديدة.
نجح إيلاهي في إصلاح الكرة، ومن هنا بدأت القصة ونسجت العلاقة بين سيالكوت في باكستان وصناعة الكرات.
أصبحت المدينة اليوم تضم أكثر من 1000 شركة متخصصة في صناعة الكرات وتصديرها، فضلاً عن تعامل هذه المصانع مع أشهر شركات المنتجات الرياضية، ولعل أهمها شركة Adidas الألمانية، التي قدمت كرة "الرحلة"؛ الكرة الرسمية لكأس العالم "قطر 2022" والتي صنعت في باكستان.
Bola Gema هو أحد مصانع الكرات في سيالكوت، ينتج أكثر من 160 ألف كرة يومياً، أما سيالكوت، وبحسب الإحصائيات والتقارير، فيصنع 70% من كرات العالم أجمع، وبالاطلاع على التقارير الصحافية التي صورت في باكستان في بعض المصانع، يتبيّن أن الكرات تصنع بأعلى التقنيات وتنطبق عليها أعلى المعايير، وهذا ما توضحه الفيديوهات. وأصبحت هذه الصناعة متوارثة من الأجداد إلى الأبناء فالأحفاد.
ساهمت الحكومة في باكستان في تطوير هذه الصناعة في سيالكوت، ولكن المفارقة المؤسفة أن الاستعمار كان سبباً في تطور هذه الصناعة، لأن سيالكوت كانت تعمل لتلبية الحاجات البريطانية في البداية، لكنها أصبحت تلبي نسبة كبيرة من احتياجات العالم.
وتمثل دور الحكومة في عملية التطوير بإنشاء منطقة صناعية متخصصة في سيالكوت، بالإضافة إلى عرضها الأراضي على المستثمرين بنسبة 50% من القيمة الفعلية للأرض.
وقامت الحكومة بتحفيز الصادرات غير التقليدية، من خلال السماح للشركات المحلية باسترداد الرسوم الجمركية، ورسوم الإنتاج وضرائب المبيعات، على المواد الخام التي تم استخدامها كمدخلات للصادرات.
ولعلّ أكثر ما يميز كرات سيالكوت الخياطة اليدوية، وهو الأمر الذي يشكل تهديداً لاستمراريتها، إذ يقلل من كمية الإنتاج، ما يدفع المستثمرين في هذا المجال إلى التوجّه نحو الصين التي تملك المكننة بدلاً من العمالة اليدوية، ما يتيح لها تصنيع كميات أكبر في وقت أقل، وهذا الأمر حفّز باكستان على مكننة مصانعها، ولو في نطاق أضيق من تلك المصانع الصينية.
كيف تطورت الكرة؟
تطورت الكرة مع مرور السنوات، فتغيّر وزنها وشكلها وطريقة تصنيعها، في البداية، صنعت من جلد بعض الحيوانات لتشهد تطوراً في ما بعد تمثل في ابتكارات مختلفة من حيث الشكل والوزن. وتمّ نفخها لأول مرة باستعمال الهواء في العام 1900.
كذلك استخدم المطاط المقوّى في صناعة الكرات، لكونه يتحمّل ضغط الركل في الهواء ويعدّ أقل تأثيراً على الرأس وأخف ضرراً باللاعبين، إلى أن ظهرت الكرة البيضاء للعب تحت الأضواء الكاشفة في العام 1951.
ومع التقدم العلمي، ظهر اكتشاف جديد ساهم في تطوير كرة القدم بشكل كبير وهو الجلد الصناعي، وفي العام 1960 تم إنتاج أول كرة صناعية كلياً بواسطة الجلد الصناعي، الذي يحاكي الجلد الطبيعي مع امتصاص أقل بكثير للمياه، وراحة أكبر للأقدام وسرعة ارتداد أعلى.
ظهرت أول كرة قانونية من إحدى الشركات الرياضية، في بطولة كأس العالم في المكسيك.
ساعدت الجلود الصناعية في سهولة إيجاد تصميم جديد لكرة القدم، إذ قام المهندس المعماري الأميركي ريتشارد بوكمينستر فولر بإعداد تصميم لكرة القدم عندما كان يحاول العثور على طريقة لتشييد المباني باستخدام الحد الأدنى من المواد؛ وكان الشكل الذي توصل إليه عبارة عن سلسلة من الشكلين خماسي الأضلاع وسداسي الأضلاع، والتي يمكن تركيبها معاً لتكوين سطح كروي.
بعد العام 2000 وحتى العام 2009، استخدمت طريقة أخرى لصناعة الكرة، وظهرت شركات متعددة متخصصة في فعل ذلك، وفي العام 2010 ومع انطلاق بطولة كأس العالم في جنوب أفريقيا، أعلن عن كرة "الجابولاني"، وهي الكرة التي أجريت دراسات عليها بالتعاون مع الأكاديميين في جامعة لوبورو، وكانت الكرة الرسمية لنهائيات مونديال 2010، وكانت الكرة تتكوّن من سطح مركب من 8 لوحات مصبوبة حرارياً تهدف إلى تحسين الديناميكا الهوائية، في تسخير لآخر ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة.