النسخة الكاملة

الأردنيون أمام تفكيك لغز التعديل .. والمشهد السياسي يتجه للمبالغة إلى حد الدراما

الخميس-2022-10-26 10:56 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز- لا أحد حتى اللحظة سياسياً على الأقل يمكنه تفكيك ألغاز المعادلة التي تظهر شغف الأردنيين بصفة خاصة ضمن الطبقات السياسية بالاسترسال بالتكهنات والشائعات والاهتمام بمن سيحضر أو يغيب من موظفي وسكان طبقات الوظيفة العليا.

للأسبوع الثالث على التوالي، تدخل البلاد في المشهد السياسي الداخلي في نفس المفارقة التي أصبحت مضجرة عموماً، وتعكس حتى في رأي سياسي مثل مروان الفاعوري، ضحالة في التفكير داخل الصف النخبوي عموماً أحياناً، كما تعكس اهتماماً بالقضايا المظهرية أكثر من الاهتمام بالجوهر والبرامج، مع أن البلاد عموماً تتجه نحو رؤية مرجعية شاملة عنوانها التحديث السياسي والتمكين الاقتصادي.

يلاحظ الجميع اليوم أن حالة الانشغال بالفرق ما بين التغيير الوزاري أو التعديل الوزاري وبصرف النظر عن التواقيت الدستورية والسياسية، ذهبت في اتجاه مبالغات إلى حد ما درامية، وتصبح ساخرة مادام الحديث فقط عن أشخاص أو موظفين يحضرون أو يغيبون دون تسجيل أو تحقيق إنجازات حقيقية، خصوصاً على صعيد التشكيلات الحكومية غير البرامجية التي لا تترك فيها هوامش حقيقية أمام رئيس الوزراء لاختيار من يريد فعلاً.

ملف التعديل الوزاري أو التغيير الوزاري أو إعادة التشكيل الوزاري، بات مرهقاً ومضجراً للغاية لأوساط النخبة والصالونات السياسية، وتنشغل به التنبؤات والتكهنات على منصات التواصل الاجتماعي، كما تنشغل به المؤسسات نفسها.

وهو أمر يرهق الجميع خصوصاً مع عدم وجود مبرر مفهوم وواضح لانطلاق هذه التوقعات وحمى الانتظار والترقب، وأيضاً مع عدم وجود مبرر وطني منتج حقيقي يفسر هذا الاهتمام بقشريات المسألة مع أن المرحلة مرحلة تحديث وتمكين وبرامج عموماً. في كل حال، لا يبدو الرأي العام الأردني أو الشارع مهتماً بكل ما يدور أو يتم تداوله تحت عنوان التعديل والتغيير الوزاري. وبوضوح، يشغل هذا الاهتمام العشرات فقط من المنشغلين بالحياة السياسية والإعلاميين، بينما على مستوى الشعب نفسه فالاهتمام الحقيقي بالرزق وبالملف الاقتصادي وبالاحتقان المعيشي وبالتوقعات التي تبدو سلبية حتى الآن للموضوع الاقتصادي رغم جرعات الأمل التي تنفخ فيها الحكومة بين الحين والآخر.

لكن الانطباع يتكرس مجدداً بأن إشغال الناس والرأي العام بالاستطلاعات التي تحاول إما تقليص حظوة وشعبية الحكومة وسط الناس عبر الأرقام أو رفع نسبة الرضا العام عن الحكومة نفسها لا تبدو عملية منتجة أو مفيدة.

بالنسبة للسياسي الدكتور رامي العياصرة، لا بد من إعادة الاعتبار للقيم السياسية والوطنية الحقيقية، ليس في تشكيل الحكومات فقط لكن في التركيز على البرامج، وليس على هوية الأشخاص دون الاستمرار في توجيه اللوم للأردنيين على تلك الأخطاء التي ترتكبها الحكومات المتعاقبة.

في رأي الدكتور العياصرة، وهو أحد القيادات الشابة في الحركة الإسلامية الأردنية، لا بد من إعادة الاعتبار لقيم الاهتمام بالناس والتركيز على وجود أدوات تمثلهم أو على الأقل تفهم لهجة المواطنين الأردنيين وتتقرب منهم وتحاول بناء خطاب إيجابي بالاشتراك معهم، بدلاً من التركيز على خطاب منفر ينشغل مرة بتعديلات وتغييرات وزارية لا أحد من الناس على الأقل يهتم بها أو بملامحها، أو تنشغل مرة أخرى بكيل الاتهامات للمواطنين واتهامهم بالسوداوية وبالسلبية وبترويج الإحباط، في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون واجب النخب الرسمية تشبيك العلاقات مع الناس لخدمة البرامج والرؤية المرجعية وتحقيق معدلات إيجابية في المناخ العام.

يحصل العكس، برأي العياصرة وآخرين، عبر التأسيس لتوزيع الاتهامات ضد المواطنين فقط ودون مسوغ أو مبرر واضح. ومن هنا تزداد صعوبة تلك الحسابات المتعلقة بتوقيت أو شكل أو هوية الفارق ما بين تعديل وزاري واضح أنه طال انتظاره على الحكومة الحالية التي يترأسها الدكتور بشر الخصاونة، أو سيناريو تغيير وزاري بطريقة لم تحسم بعد، الأمر الذي ينتج عنه المزيد من التكهنات والتسريبات والسيناريوهات والفرضيات، مما يقود إلى حالة قد تكرس السلبية والسوداوية التي ينتقدها كبار المسؤولين.

وهو أمر يعيد إنتاج النقاش إلى المربع الأول الأساسي والمفصلي، وفقاً للفاعوري، وهو الحديث عن آلية اختيار كبار المسؤولين وبرامج الحكومات وكيفية تشكيلها بناء على برامج تليق بالخطاب المرجعي وبطموح الرؤية المعلنة للرأي العام، لأن النخب الرسمية لا ترقى في الأداء والأدبيات والخطاب لمثل الطرح الذي يسمعه الناس مرجعياً، مما يعني في النتيجة الاسترسال في جدل التغييرات والتعديلات الوزارية وبصيغة تؤدي إلى تراكم الإحباط وسط الناس ما دامت التراكيب المتتابعة لمجالس الوزراء لا تحدث فارقاً أساسياً على مستوى البرامج، أو تحسين خدمات القطاع العام، أو إعفاء الناس من تداعيات اقتصادية متدحرجة صعبة، خصوصاً مع أزمة مالية يقر بها الجميع.

ورغم كل ذلك، تنشغل النخبة الرسمية نفسها بنفسها، ويبدو أنها تتعرقل بقدميها كلما زاد انتظار تعديل أو شائعة تغيير وزاري، وهو أمر يقر حتى أعضاء بارزون في مجلس الوزراء اليوم بأنه يحصل دوماً ويؤدي اليوم للأسبوع الثالث على التوالي إلى تأزيم العمل وتأجيله وإرهاق الوزراء، لا بل منعهم من التعامل بجدية مع الملفات الأساسية بين يديهم، خصوصاً وسط الانطباع بأنهم قيد الرحيل أو التغيير وبسبب تأخر حسم مثل هذه الملفات

القدس العربي 
 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير