جفرا نيوز -
جفرا نيوز - الوظيفة العامة والتوظيف، والبطالة، واحتياجات سوق العمل، الدور التنافسي للتعيين بأحد أجهزة الدولة، الإدارة العامة وتراجعها، تطوير الأداء الحكومي، وإيجاد حلول عملية لكل ما يعانيه من تشوهات تراكمت عبر سنين، وغيرها من العناوين التي تبحث عن تفاصيل في أذهاننا جميعا ونحن نقف أمام واقع القطاع العام، عناوين تحيطها الأسئلة برسم الإجابات تزداد فضولا وتشعّبا عندما نتصفح ملفات ديوان الخدمة المدنية الذي ستتسع مهامه قريبا على ضوء مخرجات لجنة تحديث القطاع العام.
ديوان الخدمة المدنية، هو حالة شاملة بالإدارة والتوظيف والتخطيط للموارد البشرية، يضع كافة ملفات الوظيفة والإدارة العامة على طاولة بحثه ومتابعاته المستمرة، ويستعد لتحوّل جذري في دوره بناء على توصيات لجنة تحديث القطاع العام حيث سيتم إجراء تغييرات جذرية بعمله وحتى في تسميته، والمهام الموكلة له، والتشريعات الناظمة له، بشكل سيوسع من مهامه، ويعيد لها مهاما كانت قد سحبت منه في وقت سابق، ويبقي على بعض مهامه التي يقوم بها حاليا وفقا لنظام الخدمة المدنية، ليعاد تنظيم دوره باتجاه توسيع صلاحياته، وينسحب من مهام أخرى كموضوع التوظيف تدريجيا.
اليوم، ديوان الخدمة المدنية يسير وفق خارطة واضحة رسمتها باقتدار وكفاءة الحكومة من خلال لجنة تحديث القطاع العام، وقطع شوطا كبيرا في الترتيبات الجديدة التي عليه انجازها لغايات بدء مرحلة التحوّل والتي سيصبح بموجبها مسؤولا عن عملية التطوير في الإدارة العامة بشكل شمولي (التطوير المؤسسي، الموارد البشرية، خدمات المواطنين)، فيما سيتغير مسماه ليصبح «هيئة الخدمة والإدارة العامة»، اضافة للمهام التي يقوم بها، والتركيز بشكل رئيسي على ادارة رأس المال البشري بشكل منظم ووفق خطط ورؤى تعنى في موضوع التدريب والتأهيل ونظام المحاسبة والمكافأة، وتعزيز ثقافة الانتاج.
الحديث عن ديوان الخدمة المدنية وخططه المستقبلة في اطار توصيات لجنة التحديث الإداري، والرؤية العامة من خلاله للإصلاح الإداري الذي دخل حيّز التنفيذ منذ أشهر عندما أطلقت الحكومة خارطة طريق تحديث القطاع العام، ومع تغيير آلية التقييم للموظف الحكومي كيف سيكون شكل الترفيع في أجهزة الدولة، تحديدا الوجوبي منه، والابتعاد عن مهمة التوظيف تدريجيا كيف سيتعامل معها الديوان، وما هي طبيعة التعديلات الأخيرة على نظام الخدمة المدنية وتأثيرها على الوظيفة والموظف العام، كثيرة هي الملفات المرتبطة بالحديث عن ديوان الخدمة المدنية والتي تحدّث بتفاصيلها مع «الدستور» رئيس ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر.
عند التوجّه لمبنى ديوان الخدمة المدنية، تحتاج بحثا في مواضيع كثيرة كون رئيس الديوان سامح الناصر الذي تدرّج بعمله في الديوان حتى وصوله رئيسا له، يعرف جيدا أدق التفاصيل والمعلومات، ويفاجئك بالإجابات على أسئلة ربما غير مكتملة، فلا بد من التسلّح بمعلومات دقيقة، والابتعاد في حواره قدر الإمكان عن كلمات «سمعنا، وقيل لنا، وأثيرت مؤخرا»، فهو يجيب على الحقائق، متمنيا الابتعاد عن الإشاعات والفرضيات، فلا أوراق مخفية في أجندته، ولا مجال للإشاعات في ملفات الديوان، فلا مخفي لديهم.
مع رئيس ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر ليس الأول، لكنه يتضمن معلومات جديدة بالكامل، من اجاباته على أسئلتنا التي لم يخف بها أي معلومة، محللا، وناقدا، مشخّصا، مقدّما تفاصيل كاملة عن عمل الديوان وخططه القادمة، ومشاريعه التي ينفذها بتمويل من جهات داعمة ومانحة، كاشفا ما وراء تراجع الإدارة العامة، وتفاصيل هامة نقرؤها في الحوار التالي نصّه:
تعديلات نوعية على نظام الخدمة
لنبدأ من الأحدث بعمل ديوان الخدمة المدنية، حيث أقر مجلس الوزراء مؤخرا تعديلات على نظام الديوان، ما الجديد بهذه التعديلات، وأثرها على الوظيفة العامة؟.
- الناصر: التعديلات الأخيرة على نظام الخدمة المدنية نوعية وخطوة مهمة جدا في ادخال الادارة الأردنية باتجاه آفاق جديدة في ادارة مختلف مكونات الموارد البشرية في الخدمة المدنية، باعتبار ان تحديد الاطار العام الذي يحكم الوظيفة العامة من حيث علاقة الموظف مع الحكومة فيما يتعلق بطبيعة سلّم الرواتب والأجور، من أهم القضايا التي تبنى عليها القضايا المرتبطة في الحوافز والعلاوات وكافة الأمور المهمة بهذا الشأن، بالتالي القرار الأخير الذي اتخذه مجلس الوزراء جاء ضمن مخرجات خارطة الطريق لتحديث القطاع العام.
الجديد في نظام الخدمة المدنية يهدف للانتقال من الأسلوب الحالي في تصنيف الوظائف المبني على التصنيف الشخصي، بمعنى تحديد الأجر والراتب على ضوء المواصفات الخاصة بشاغل الوظيفة من حيث خبرته ومؤهله وهكذا يتم احتساب الراتب الأساسي بناء على ذلك.
تغيير نظام الراوتب الأساسية مبني على العدالة وليس المساواة
بمعنى أن الراتب الأساسي سيصبح مختلفا بين الموظفين بناء على تحديده وفق خبرات ومؤهلات الموظف؟.
- الناصر: الوضع الحالي جميع المعلمين رواتبهم متشابهة، وكذلك الامناء العامين،كون المبدأ الأساسي الذي يتم اعتماد الراتب عليه واحد هو المؤهل العلمي، ولكن بعد التعديلات الأخيرة التي أقرها مجلس الوزراء انتقلنا بالنظام بمجمله لشكل جديد، واصبح الان الراتب يحسب على طبيعة الوظيفة وليس على طبيعة المؤهل الذي أمتلكه، بمعنى الراتب للوظيفة، طبيعتها وخصوصيتها، والعوامل المكونة لها، خصوصيتها ندرتها، علاقتها مع الوظائف الأخرى، أثر قراراتها، أثره على المجتمع، شروط الإشغال المطلوبة.
باختصار، ما نسعى لتحقيقه بالانتقال من النظام الحالي المبني على التصنيف الشخصي، إلى التصنيف الوظائفي والكمي أن تكون هناك عدالة في الرواتب وليس المساواة، كونها الآن مبنية على المساواة، وهذا يصعّب علينا استقطاب كفاءات، لعدم وجود رواتب مناسبة لهم، فالراتب سيكون وفقا لطبيعة الوظيفة ومبنيا على معايير يتم اعتمادها واجراء عمليات تحليل بشأنها، يؤخذ بعين الاعتبار الوظيفة، يمكن أن تكون ستة معايير وربما عشرة ربما اكثر حسب طبيعة الوظيفة وتوزين الوظيفة بشكل دقيق.
هذا النظام المعدّل سيتم بموجبه اعادة النظر بكل ما يتعلق بموضوع الحوافز، والمكافآت، لم تعد آلية التعامل مع مجموعة التعويضات والأجور والعلاوات كما هي عليه الآن.
الغاء الترفيع الوجوبي قريبا
يرد سؤال عن موضوع الترفيعات تحديدا الوجوبي منها، ما هي الصيغة المنتظرة لهذا الجانب؟.
- الناصر: بناء على كل ما سبق سيلغى مفهوم الترفيع الوجوبي ، وننتقل إلى مفهوم الترقية، وتكون على أساس الوظيفة الشاغرة يتنافس عليها الموظفون لاشغال الوظيفة.
وما ضمانات عدم تدخّل الواسطة في هذه الإجراءات؟.
- الناصر: وظيفة واحدة لها شروط محددة، يتم التنافس عليها، ويعيّن بها من يستوفي الشروط ومن ثم يخضع للاجراءات التي لا يمكن أن يكون بها واسطة، ومن ثمّ يكون التقييم الأخير لديوان الخدمة المدنية.
وهنا يجب الإشارة إلى أن هذه الخطوات هي جزء من خطة متكاملة تأتي ضمن مكوّن الرقابة الادارية والتفتيش التي أوكلت للديوان ضمن خارطة تحديث القطاع العام، من مهام كبيرة أوكلت له، تغيير من طبيعة شكله التنظيمي، وحتما الديوان يستجيب لهذا التغيير النوعي وهو الشكل الذي يجب ان يكون على أساس محاور واضحة، تعيد للديوان مهامه التي استهدفها البعض في فترات محددة لتسحب منه، وهي اليوم تعود له.
لهذه الأسباب فشلت الإدارة العامة
منذ سنين بتنا نسمع عن تراجع الإدارة العامة الأردنية، وتشوه جوانب متعددة بها، برأيكم وأنتم عاصرتم مراحل كثيرة بتاريخ ديوان الخدمة المدنية، ما هو السبب الحقيقي وراء هذا التراجع؟.
- الناصر: السبب الحقيقي غياب جسم حقيقي يتابع شؤون الإدارة الأردنية، بعدما تم سحب كل هذه المهام من ديوان الخدمة المدنية، والذي تنبهت له الحكومة وأعادت له هذه المهام، ويمكن القول أنها أعادت له هيبته، بعدما تم اغفاله وابعاد واقصاء الديوان وكذلك معهد الادارة العامة، هذا ادى الى تراجع الإدارة الاردنية وهذا هو السبب الحقيقي للتراجع وتشوهات القطاع العام.
معهد الإدارة العامة يقوم بدور غاية في الأهمية يرتكز على التدريب الذي يعد جزءا اساسيا لتعزيز قدرات الموظف، وتقديم اشكال وانواع عديدة من التدريب، لكن تم العمل على اضعاف هذه المؤسسة الرائدة المشهود لها في مجال التدريب، ليؤدي ذلك إلى التراجع الذي بتنا نلمسه جميعا.
جلالة الملك يولي اهتماما كبيرا في موضوع تطوير القطاع العام والإدارة العامة، وهو ما يحدث اليوم، في اعادة ربط معهد الإدارة العام بديوان الخدمة المدنية، وعودة العمل على تدريب الموظفين، ونحن كل ما نطلبه اليوم منحنا الفرصة الحقيقية، لتصويب وضع الإدارة العامة، ومن ثم يمكن محاسبتنا على ما نقوم به.
أولويات تطوير القطاع العام
هل يمكن وضعنا بصورة شكل ومسؤوليات ديوان الخدمة المدنية وفق خارطة تحديث القطاع العام، والتي غيّرت من تفاصيل عمل الديوان بشكل جذري، بما فيها المسمى؟.
- الناصر: تشرفت بأنني كنت عضوا باللجنة التي عملت على تحديث القطاع العام، وانجاز المهمة وفق التوقيت المحدد، وبالفعل خرجت اللجنة بتغيير بشكل الديوان ومسوؤلياته، وهذا سيمكنه من أداء دوره، وإحداث التغيير الذي سيحقق في النهاية الإصلاح الإداري الذي كما أشار جلالة الملك هو حجر الزاوية في الاصلاح السياسي والاقتصادي، فلا اصلاح دون الاصلاح الاداري، فالموظف المؤهل سيكون قادرا على تنفيذ سياسات الحكومات وبرامجها تحديدا عند وصولنا للحكومات الحزبية البرلمانية.
وبموجب خارطة الطريق هناك مواعيد محددة لانجاز المستهدفات والمبادرات التي شملتها الخطة، وهناك ثلاث أولويات في الخطة يجب انجازها قبل نهاية العام في مقدمتها الانتهاء من الاطار التنظيمي والتشريعي لهيئة الخدمة والادارة العامة وادوارها الجديدة، بحيث تكون جاهزة قبل نهاية العام، ونحن الآن نسير ضمن الخطة المعتمدة وسيتم رفع كافة المتطلبات اللازمة لادخال التعديلات قريبا، ذلك أن كل مؤسسة ووزارة تقوم بالجانب المتعلق بها في موضوع تطبيق مخرجات اللجنة.
شكل للديوان بمجلس مفوضين أو أمينين عاميين
بناء على التغييرات التي ستحدث في ديوان الخدمة المدنية، كيف سيكون مكوّنه، وشكله الإداري الحديث؟.
- الناصر: الآن نحن نركز على انجاز ما هو مطلوب منا خلال هذا العام وهناك فرق عمل تعمل على مدار الساعة حتى نتقدم بخطتنا خلال المدة الزمنية المحددة، سيما وأنه لم يعد لدينا الوقت الكافي.
بطبيعة الحال سوف يشمل عملنا إحداث تغييرات على قانون الادارة العامة ونظام الخدمة المدنية، وهناك أكثر من بديل لحاكمية الهيئة سواء باستحداث مجلس مفوضين للهيئة على ان يكون به مفوض للرقابة الادارية والتفتيش المركزي، ومفوض آخر لتطوير الأداء المؤسسي، أو الإبقاء على شكله الحالي كمؤسسة على ان يكون له أمينان عامان، احدهما للشؤون الفنية والثاني للشؤون الادارية والمالية.
انسحاب «الديوان» من بعض مهامه أبرزها التعيين
دور ديوان الخدمة الجديد هل سيتبعه انسحاب من بعض الأنشطة والمهام التي يقوم بها حاليا؟.
- الناصر: حتى يتمكن ديوان الخدمة المدينة من التخطيط الاستراتيجي ولمهامه النوعية في تقديم الإسناد الفني للدوائر والرقابة على الأعمال، بالفعل سيكون هناك انسحاب محدود من بعض المهام، مثل التعيين، من خلال تعزيز دور الدوائر في لا مركزية التعيين بحيث تبدأ الدوائر بشكل أوسع عام 2024 بالاعلان عن الوظائف واستقبال الطلبات وفرزها ويكون دور الهيئة عند ذلك فقط الرقابة، ومتابعة الإجراءات الخاصة من حيث الإنتقاء من خلال عقد الامتحانات والمقابلات، ومن خلال «مركز تقييم القدرات والكفايات».
الديوان سينقل سنويا بالتدرج من قوائم الانتظار إلى مفهوم التنافس بالإعلان المفتوح، حيث سيتم الانتقال التدريجي من مفهوم قوائم الانتظار والترتيب التنافسي وصولا إلى الإعلان المفتوح الذي سيوفر للجميع حق المنافسة بموجب المادة 22 من الدستور، حيث ستنتهي عملية تكديس الطلبات بمفهومها الحالي ليتم الانتقال إلى مفهوم المسابقات والإعلان المفتوح الذي سيتيح المجال للجميع بالتنافس ضمن مفاهيم التطور.
نعود هنا لموضوع الواسطة، كيف سيتم السيطرة على موضوع التعيينات وعدم العودة لمربع التشوهات التي أثقلت الجهاز الحكومي بأعداد من الموظفين تفوق حاجته؟.
- الناصر: سيكون هناك متابعة دقيقة لموضوع التعيينات علىى هذا النحو حتى لا يتكرر مشهد زيادة عدد موظفي القطاع العام دون انجازات، فلن نكرر هذه التشوهات، والتي سنسعى أن تمنح لمجلس مفوضي الهيئة الجديدة صلاحيات إلغاء قرارات المؤسسات والدوائر في حال كانت خاطئة، فما زلنا نذكر تعيينات الجامعات والبلديات والهيئات المستقلة التي أثقلت الجهاز الحكومي، ولن نعود لهذه الحالة من خلال تعزيز دور الديوان الرقابي، بالتالي سيكون هناك تعزيز لقدرات الدوائر الفنية وقدرتهم في عمليات انتقاء الموظفين وتعزيز دورهم الرقابي، ونحن نسعى أن يكون لنا مجلس للمفوضين تكون قراراته تتمتع بصفة الضابطة العدلية، وليس الهيئة والموظفين، حتى نتمكن من الغاء القرارات المخالفة.
انشاء مركز التقييم
أين وصلت إجراءاتكم بإنشاء «مركز تقييم القدرات والكفايات»؟.
- الناصر: نحن الآن نعمل على انشاء «مركز تقييم القدرات والكفايات»، وهو مركز متخصص يقيس كافة الجوانب فيما يتعلق بموضوع التعيين، وهناك جهات دولية توفر لنا الدعم المالي لانجازه، بالاضافة لستة مشاريع حيوية ومهمة نعمل على انجازها بدعم وتمويل خارجي.
والمركز سيكون لعمله خصوصية وترتيبات ادارية خاصة، يتولى من خلالها تنفيذ المهام في عملية فرز المرشحين للتعيينات الحكومية حسب احتياجات المؤسسات والدوائر، فيما سيكون الدور الرئيس بطبيعة الحال في هذه التعيينات للمؤسسات نفسها عن طريق الاعلان المفتوح، والمركز سيتبع للهيئة.
الدستور - نيفين عبد الهادي