النسخة الكاملة

مليون و750 مواطناً يعانون من اضطرابات نفسية .. بعضهم يشعر بالعار من الذهاب للطبيب .. وقانونيون يوضحون الأسباب

الخميس-2022-10-09 12:50 pm
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - إعداد - نور صندوقة 

 إن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة العامة ، واهميتها لا تقل عن اهمية الصحة الجسدية، وضرورة الخضوع للعلاج والتردد للعيادات الطبية للحصول على العلاج، ونفس الشيء بالنسبة للامراض النفسية فسلامة الصحة النفسية اكثر من مجرد عدم وجود مرض يمكن تشخيصه بل هي قدرة على الصمود تمكننا من الاستمتاع في الحياة، وتحقيق ما نريد تحقيقه وسهولة التواصل مع الاّخرين لتجاوز كل ما نمر به من صعوبات خلال حياتنا.

وفق المعطيات فإن الصحة النفسية ليست شيئا ثابتا لا يتأثر بالظروف، بل هي في تغير مستمر مع مرور الزمن بناء على عوامل كثيرة مثل درجة الضغط النفسي ، وتعرض الانسان للكثير من الصعوبات المعيشية مثل الفقر والحروب والازمات التي تؤثر بشكل سلبي على الصحة النفسية  كما يمكن ان تتفاوت صعوبات الصحة النفسية بدءا بالقلق الذي نتعرض له في حياتنا اليومية وصولا الى حالات الصحة النفسية الخطيرة التي تعد طويلة الامد، ويعاني الكثير من الناس من مشاكل بين الحين والاّخر ويمكن ان تعود هذه المشاكل عليهم بالاضطراب النفسي وذلك حين تتكرر الضغوطات النفسية فيؤثر ذلك على ممارسة  ادوارنا ووظائفنا التي قد  تدفع بعض الناس إلى اللجوء للانتحار وارتكاب الجرائم  اذا لم يتم طلب المساعدة من المختصين النفسيين او  الخضوع للعلاج المناسب . 


مفهوم المرض النفسي 


يعرف الطبيب النفسي محمد ابو صليّح المرض النفسي على انه عبارة عن مرض اساسه عضوي ولكنه يظهر بوجود عوامل نفسية واجتماعية تتعلق بالبيئة المحيطة ، ولكن الأساس البيولوجي بالمرض النفسي قوي وموجود سواء عن طريق الوراثة او حتى عن الخلل الكيميائي الذي يحدث في كيمياء الدماغ ، او في مجموعة من الهرمونات والنواقل العصبية والتي تؤدي الى ظهور الامراض النفسية 

والجدير بالذكر ان المرض النفسي يعامل كمعاملة اي مرض عضوي اّخر فهو عبارة عن خروج الشخص عن التصرفات الطبيعية، او وجود خلل في السلوكيات والمشاعر وطريقة الإستجابة مع المشاعر الداخلية والعوامل الخارجية للإنسان 

نسبة المرضى النفسيين في الأردن

واوضح صليّح حسب احصائيات منظمة الصحة العالمية ان 20% من اي مجتمع في البلدان النامية يعانون من الامراض النفسية وينسحب على الأردن ما ينسحب على البلدان النامية، فقد اشارت دراسات اكاديمية ان 12-20% من الأردنيين يعانون من اضطرابات نفسية ، اي ما يعادل مليونا و750 مواطناً، يتلقى فقط 5% منهم العلاج . 

مشيرا وفق تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن الخضوع للعلاج من الامراض النفسية مرفوض من عموم الناس ، وان العديد من الامراض النفسية تنتشر في المجتمعات وتتفاقم بدون علاج بسبب جهل البعض بوجودها اصلا، وبهذا تستمر معاناة المرضى انفسهم و الأشخاص المحيطين بهم ، وقد تؤدي بعض هذه الأمراض اصحابها او المجتمع عموما مما قد يترتب عليها من مخاطر وجرائم او الانتحار 

الإقبال على عيادات الطب النفسي .. ( نظرة المجتمع والرفض)

في هذا الصدد أكد ابو صليّح ان مفهوم الصحة النفسية في الأردن في تقدم مستمر فإذا قمنا بمقارنة الأوضاع الحالية قبل 20 عاما فسنجد أن تطوراً ملحوظاً طرأ على تفاعل الناس مع الصحة النفسية وبالرغم من ان البعض لا يزال يشعر بالعار من مراجعة الطبيب النفسي او الخضوع للعلاج بسبب بعض الأفكار القديمة التي رسخت حول الطب النفسي و الصورة النمطية الخاطئة . 

ولفت أن هذه الظاهرة باتت تقل تدريجيا وبدأ الناس بتقبل الأمر بشكل اكبر بسبب الوعي عند الأشخاص بأهمية الطب النفسي وحاجتهم لطلب المساعدة من مختص بشأن المشاكل النفسية المختلفة وبفضل الحملات التي تحث على اهمية مراجعة الطبيب النفسي واهمية تقبل المريض ومحاولة احتوائه كخطوة من خطوات العلاج ، وبجهود من وزارة الصحة التي تتيح العلاج النفسي لجميع المواطنين وبالمجان في عياداتها المنتشرة في المملكة مما يساهم في سهولة وصول الناس للأطباء النفسيين. 
 
ارتكاب الجرائم وعلاقته بالمرض النفسي .. طبيب يوضح 

  قال الطبيب النفسي محمد ابو صليَح انه من المعتقدات الخاطئة حول الامراض النفسية بأنها تؤدي الى ارتكاب الجرائم والحقيقة الواقعية هي ان معظم المرضى النفسيين ومن يعاني من اضطرابات نفسية هم ضحايا للعنف ونسبة قليلة جداً من المرضى النفسيين لا تتجاوز 5% . 

وبين أن هذه المعتقدات غير مبنية على دراسات ، وقد يروج لها البعض عن طريق وسائل الاعلام كالفيديوهات و الافلام والمسلسلات التي تغذي هذه الصورة النمطية غير الصحيحة عن الامراض النفسية   

واضاف ان العنف له اسباب عديدة من اقلها وجود اضطرابات نفسية وهي نسب قليلة قد يرتكب فيها المريض بعض الجرائم وذلك بناءاً على الاوهام او الهلاوس التي يعاني منها المريض من اشهرها اضطرابات الغيرة المرضية او الزوجية والمثبت في هذا الأمر هو تأثير المخدرات وتناول المؤثرات العقلية على مستويات العنف لدى المجتمع ، مشيرا إلى أن  هناك علاقة طردية بين استخدام المخدرات او المؤثرات العقلية و ارتكاب الجرائم، فكلما ازداد استخدام المخدرات والمؤثرات العقلية ازداد نسب ارتكاب الجرائم

فالعديد من المواد المخدرة تؤدي الى نوع من انواع التغييب العقلي وازالة التفكير المنطقي الذي قد يؤدي الى ارتكاب الجرائم وبعضها يؤدي بصورة مباشرة الى زيادة العدوانية عند الشخص ويصبح ارتكابه لأعمال العنف اكثر سهولة وتقبلاً. 

وتابع قائلاً ،" الخلاصة ان الاعتقاد العام بأن المرض النفسي هو المسبب للعنف وارتكاب الجريمة غير صحيح " 


*******
وحول الإجراءات القانونية المتبعة مع مرتكب الجريمة لإثبات اذا كان مريضاً نفسياً ام لا ، أوضح المحامي عبد الكريم الشريده ،أنه  في الكثير من القضايا يقوم بعض المختصين القانونين بتقديم طلب تحويل المتهم للطب النفسي لإيجاد مخرج من القضية وبعض هذه الحالات يصل فيها تقرير من لجنة مكونة من 3 أطباء بأنه المذكور لا يعاني من المرض النفسي. 

و اضاف الشريده أن المحكمة مجبرة بتحويل المتهم الى المركز الوطني للطب النفسي للمراقبة ، بحيث يبقى تحت المراقبة من ثلاثة اسابيع الى شهر لإثبات اذا كان يعاني من مرض نفسي ام لا، اغلبية هذه الحالات تم التأكد من انها لا تعاني من المرض النفسي ولكن يجدون المرض النفسي مخرج وهروب من الجريمة . 


و قال الشريده ان الكثير من القضايا التي تحدث في المنطقة نتيجة ضغوطات نفسية وظروف معيشية صعبة ، وذلك يشكل خطورة كبيرة ،فالبعض منهم يهرب بإتجاه تعاطي المخدرات والبعض يصبح عدائي مما يؤدي الى إرتكاب الجريمة والاّخر ينهي حياته بالإنتحار ، وهنا يجب التمييز بين الدافع النفسي والحالة المرضية ، فالمتهم الذي يتستر تحت مسمى المرض النفسي للهروب من العقوبة هذا ما نسميه بالدافع وهو الجزء الأكبر في ارتكاب الجرائم بسبب الضغط والظرف المعيشي الصعب 
      

هل المرض النفسي سبباً للإعفاء من الجريمة او تخفيف العقوبة ؟

في هذا الجانب أشار الشريده ان الاعفاء من العقوبة لا يمكن الإجابة عليه الا بالقانون ، وذلك لما ورد من اجراءات حسب قانون العقوبات الأردني وقانون أصول المحاكمات الجزائية  . 

 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير