النسخة الكاملة

الأحزاب في صراع البقاء .. اليساريون يحاولون التجمع .. والمدنيون يتجهون للعودة .. والإسلاميون يراقبون

الخميس-2022-09-18 11:02 am
جفرا نيوز -  لا تجمع التعبيرات الثلاثة عن التيار المدني الموجودة في الساحة السياسية الأردنية لا على طريق ودرب واحد وموحد، ولا على أي برنامج سياسي يتم مأسسة التجمع والنشاط على أساسه، في الوقت الذي يبدو فيه ان الأحزاب اليسارية الأردنية والتي تحاول تجديد امكاناتها وذاتها أو على الأقل «البقاء على قيد الحياة» تفاعلا مع تحديات مشروع ووثيقة تحديث المنظومة السياسية تواجه صعوبات وتعقيدات بالجملة، لا بل في البقاء ضمن حلقة الصراع والتنافس الحزبية التي يبدو أنها تشتد وتزداد كثافة وتأثيرا والأهم طموحا ولو على أساس «الجعجعة حتى الآن بدون طحين» حيث تخلو التجارب المعلنة برأي الدكتور محمد حلايقة من «برامج حقيقية» قادرة على ملامسة احتياجات ونبض الشارع والناس.

تتزاحم التجارب الحزبية الآن بالقرب من الاستحقاقات الزمنية المتعلقة بمهلة تصويب الأوضاع والاستعداد لمرحلة تحديث المنظومة السياسية وخريطة العمل الحزبي الجديدة المثيرة جدا للجدل.

التيارات المدنية وهي بثلاثة تعبيرات تقريبا لديها مساحات متنوعة خارج التوحد وتختلف بالتباين وأحيانا بالتنافس، وبالتالي تجد صعوبة في التجمع فيما بينها والخروج بمشروع حزب واحد يمثلها وهو الأمر الذي دفع رموزها لمحاولة البحث عن حالة اندماجية مع تيارات أخرى تتقمص الحالة الديمقراطية أو اليبرالية الطابع أو تحاول الجمع ما بين المسار اليساري والمسار الليبرالي في الأداء الحزبي.

تلك خطوة براغماتية فعالة من جهة نشطاء التيار المدني الذي فتح حوارا الآن على أساس الاندماج مع مشروع حزب التجمع الديمقراطي ومع جناح منشق من حزب إرادة، الذي كان أول أحزاب المنظومة التي حظيت أو حصلت على ترخيص، ومع بعض اليساريين الديمقراطيين إضافة إلى بعض رموز المبادرة البرلمانية الشهيرة والمعنية بجزئية الاشتباك الإيجابي.

على جبهة ليست بعيدة أوضاع أحزاب اليسار القديمة والكلاسيكية مثل حزب الشعب الديمقراطي وحزب الوحدة الشعبية، يبدو انها غامضة وثمة شكوك حتى داخل الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات المعنية بتسجيل الأحزاب الآن بموجب التعديلات القانونية والدستورية الأخيرة بان أحزاب اليسار التقليدية الكبيرة قد تملك الأهلية لتصويب أوضاعها خصوصا وانها في حالة خمول الآن ولا تقدم في معاملاتها ووثائقها وأوراقها خلافا لما يفعله الحزب الوحيد الكبير والمتموقع في الساحة الأردنية وهو حزب جبهة العمل الإسلامي المعارض، الذي يبادر بصورة تفصيلية لتصويب أوضاعه وفقا لمتطلبات القانون الجديد.

بكل حال ثمة شعور بأن اليسار مفتت فيما اليمين الذي يناهض الإخوان المسلمين ويحاول الاستثمار في خريطة المنظومة الجديدة يتفوق في عدد الاجتماعات وعدد التعبيرات الحزبية وحتى في مشاريع الاندماج.

الإشكالية الأكبر يبدو انها مع الحزب الشيوعي العريق والذي طبعا يمثله جناحان في الساحة المحلية كلاهما يخفق حتى الآن بوضوح في مواجهة تحديات التجمع والولادة.

وجود حالة حزبية تمثل الإطار أو السياق الشيوعي مسألة تستدرج المشاعر والعواطف حتى بالنسبة لبعض الأوساط الرسمية والحكومية التي تريد ان يشارك الجميع بدون استثناء وبكل التلاوين في حفلة تحديث المنظومة السياسية، وهي حفلة يبدو ان من سيصمد فيها راقصا على أوتار التحول الحزبي الجديد هم أصحاب التجارب الضخمة والبرامج الفعالة فقط، فيما تذوب الأحزاب الصغيرة سواء كانت في الوسط أو اليمين أو اليسار لصالح حالات اندماجية مفهومة السياق اليوم.

وضع الحزب الشيوعي هنا محرج ، ولكن الإحراج موجود أيضا عند صفوف التعبيرات الثلاثة للتيارات المدنية، فيما حزبان كبيران يمثلان الوسط وهما الميثاق وحزب إرادة، يتجهان بوضوح وبخطوات ثابتة نحو التموقع في موطئ قدم مناسب لحجميهما فيما تبقى عين الإسلاميين عبر حزبهم جبهة العمل الإسلامي، تراقب المعطيات وكل صغيرة وكبيرة وعلى أساس القناعة بان المنافسة نادرة في المستقبل القريب.

لكن الركوب على الموجة الجديدة خطوة أيضا براغماتية جدا من التيار الإسلامي التابع لجماعة الإخوان المسلمين.
النشاط مرحليا شديد جدا في عمان تحت عنوان الخريطة الحزبية الجديدة، لكن اليسار لا يزال تائها إلى حد ما والوسطيين في حالة تجمع وتحشد لنخبة كبيرة من أصحاب الألقاب في الوظائف العليا السابقة، لكن هؤلاء حتى الآن يفتقدون للأدبيات والبرامج المقنعة.

وفي اللقاء الملكي الأخير في مدينة السلط تسلمت الميكروفون شابة أردنية وخاطبت الملك مباشرة قائلة بأن أبناء جيلها لا يثقون بالأحزاب ولا بالتجربة الحزبية ولا بالتحولات التحديثية الجارية الآن، معتذرة من ان الشباب لا يفكرون مثل أبائهم بكل الأحوال ومشيرة إلى ان ذلك من التحديات الرئيسية التي تواجه عملية تحديث المنظومة السياسية عموما.


القدس العربي