جفرا نيوز - أثارت التوصية المتمثلة بـ«نقل دور رعاية كبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة من وزارة التنمية إلى الصحة» ضمن مخرجات منظومة تحديث القطاع العام، حفيظة معنيين في مجال التربية الخاصة والحركات المناصرة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويصفونها أنها تعيد ساعة الزمن إلى الوراء، إلى زمن إيواء أشخاص ذوي الإعاقة وعزلهم في المؤسسات النهارية والمستشفيات، رافضين إذا كان هدفها تعزيز النموذج الطبي على حساب النموذج الاجتماعي للإعاقة، وتكريس سياسية العزل المرفوضة، وغير المرغوبة مجتمعيا.
من جانبه، يقول أمين عام المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الدكتور مهند العزة: إن هذه التوصية تحتاج إلى مراجعة لأنها تعيدنا إلى الخلف، أي إلى ما قبل اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وأنها عكس التوجه العالمي والتوجه الذي نعمل عليه».
ويأمل ألا يتم الأخذ بها، ويبقى الاختصاص كما هو في الفترة الحالية؛ كي لا يذهب العمل الذي قاموا به هباء منثورا، ولكي لا يهدر جهد سنوات منذ وقت صدور القانون إلى اليوم.
ويبين العزة، أن من وضع هذا الإجراء قد حصر الإعاقة بالرعاية الصحية، وأغفل كافة الجوانب الأخرى المتعلقة بها كالدمج الاجتماعي -والذي هو ليس من اختصاص وزاره الصحة-، بالإضافة إلى سائر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية.
ويضيف: إنه قد أغفل أيضا الجوانب التعليمية التي تقوم بها دور الرعاية للأشخاص ذوي الإعاقة والتي ليست من اختصاص وزارة الصحة أيضا.
ويلفت العزة إلى أن هذه التوصية تهدد عملا بدأ منذ ما يقارب الأربع سنوات بالشراكة مع وزارة التنمية الاجتماعية، ويذكره بقوله: «إنه الاستراتيجية الوطنية لبدائل دور الإيواء الحكومية والخاصة المتخصصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، والتي بدأنا بتنفيذ خطتها التنفيذية منذ ما يقارب الثلاث سنوات».
ويتابع: بدأنا فعليا تنفيذها في مراكز إيوائية تابعة لوزارة التنمية، وتم تقييم الملتحقين ووضع خطط فردية لهم بمركز الأمل بالرصيفة والكرك ليتم دمجهم اجتماعيا، كما أُصدر نظام اسمه نظام بدائل الإيواء وتم إرساله إلى ديوان التشريع والرأي».
ويذكر العزة، أنه عندما يتحول دور الرعاية إلى وزارة الصحة دون أي مبرر مفهوم أو واضح، فإن كل هذا العمل سيكون في مهب الريح، إذ إن وزارة الصحة لم تكن أي طرف بكل ما ذكر سابقا، وبالتالي الموضوع سيكون بالنسبة لها جديدا وغريبا.
ويشير إلى وجود شركاء دوليين داعمين لخطة بدائل الإيواء كالاتحاد الاوروبي، ومنظمة إيرلندية، ومنظمة لوموس البريطانية ويعملون معهم منذ ما يقارب الثلاث سنوات.
ويبين العزة أنه اذا تم تطبيق هذه التوصية سيفتح عليهم أسئلة عريضة من قبل المانحين الذين يعملون على منظومة الحماية الاجتماعية، ومن قبل لجنة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عندما يناقش الأردن تقريره القادم.
ويذكر أن الذي أوصى بهذه التوصية تخيل أن الملتحق بهذه المراكز الإيوائية أو بدور الرعاية لا يوجد بحياته سوى الصحة والعلاج فقط، ولا يوجد بحياته تأهيل وتعليم وتدريب ومهارات حياة يومية.
ويلفت إلى أن الجهات المعنية قد تفاجأت بهذه التوصية، وقد عرفت عنها من خلال وسائل الإعلام، مشددا على أنهم كمجلس ومعنيين بحقوق ذوي الإعاقة لم يتم سؤالهم ولا مناقشتهم بها، وكذلك الأمر وزارة التنمية.
ويتساءل العزة عن الهدف من هذا الاجراء وما قيمته المضافة، وبالأخص أنه تم الحديث أن الموظفين الذين يعملون على هذا الملف سيتم نقلهم من وزارة التنمية إلى الصحة.
ويلفت إلى أنهم قائمون على منهج الدمج الاجتماعي وحقوق الانسان والتخلص من النموذج الطبي الصحي الخاص بالإعاقة بالمنظومة الصحية، وقد أرجعوهم إلى ما قبل اتفاقية حقوق الأشخاص لذوي الاعاقة بهذه التوصية.
ويشير إلى أنهم لم يراعوا أن الأردن قد حقق سمعة رائعة بمجال الإعاقة ومنظورها الحقوقي على مستوى دولي واقليمي، وأنه عند أخذ هذه الخطوة سيؤثر عليه دوليا واقليميا.
وبدورها، تحفظت وزارة التنمية الاجتماعية عن الإجابة، باعتبار أنها ما زالت عبارة عن خطة لم تنفذ بعد، وقالت الوزارة:إننا سننتظر إلى حين صدور الخطة التنفيذية المتعلقة بها وصدور توزيع للمهام والعمل، مشددة على أن مهامها بخصوص دور الرعاية كما هي ولم يطرأ عليها أي تغيير في الوقت الحالي.
من جانب آخر، دعا حقوقيون في ورقة موقف، إلى إعادة النظر فـي هذه الإجراءات بما يتلاءم وحقوق أشخاص ذوي الإعاقة، وتغليب سياسة الاندماج المجتمعي.
وقد أعد الورقة مدير عام/ الرئيسة التنفيذية شركة الأردن المهيأ للاستشارات حكم القسوس آغابي، ومن الجمعية لحقوق المعاقين في الأردن آسيا ياغي، وآخرون.
ويرون بهذه التوصية أنها عودة إلى سياسة عزل ذوي الإعاقات «صحيا»، داعين إلى الحفـاظ على المكتسبات الحقوقية للأشخاص ذوي الإعاقـة ومنهـم كبار السن.
وأشاروا إلى أن الأردن يفاخر بتطور تشريعاته الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث شكل أنموذجا لغيره من الدول العربية المحيطة، وزاد عليها تمسكه بضرورات الدمج اجتماعيا، وتربويا، وصحيا.
ويرون أن الإجراءات الأخيرة المرتقبة لا تسير في سياق تعزيز الاندماج المجتمعي، بل تجعل من المجتمـع معيقا لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.
الرأي - تالا أيوب