جفرا نيوز -
جفرا نيوز - نتمنى سماع الحقيقة رغم قسوتها، لكنها عادة ما تأتي متأخرة بسبب فشلنا في إقناع الآخر بقولها حين نحتاج إليها، لذلك من المفيد أحيانا استخدام أساليب علمية مجربة لدفع شخص تشك فيه لقول الحقيقة.
نعتقد أن المواجهة أفضل طريقة لطرح أسئلة حساسة، لكن دراسة أجرتها جامعة ميشيغان في العام 2012 أظهرت خطأ اعتقادنا بقوة التقاء الأعين، وقد أجرى الباحثون دراستهم بمقارنة إجابات المشتركين المقدمة عند طرح السؤال على الهاتف أو عبر رسائل نصية.
حاول الباحثون فهم سر الصدق، فوجدوا أن الأمر منقسم بين عدم شعور المشاركين بالإحراج من الآخر وعدم وجود ضغط زمني على المشترك، لكن الباحثين أكدوا أن الناس كانوا أكثر صدقا عبر الرسائل التي أرسلوها وهم تحت ضغط العمل والتسوق.
دراسة أخرى أجرتها جامعة نبراسكا في العام 2013 قالت إن 80% من المشتركين في الدراسة عبروا عن ميلهم للتعبير عن مشاعرهم بصدق عبر الرسائل النصية أكثر من المقابلة وجها لوجه، وقال 60% إنهم نادرا ما يكذبون في الرسائل النصية، فيما قال 50% إنهم من المرجح أن يكونوا فظين في رسائلهم النصية، لأنهم لا يتحملون رؤية قسوة الحقيقة على وجوه وأصوات من يحبونهم.
لا تذكر الإغراءات
إذا أردت سماع الحقيقة من شخص فلا تعرض أي إغراءات على الطرف الآخر، أجرت جامعة هارفارد بحثا يرصد نشاط دماغ أشخاص كسبوا مالا بطريقة غير شريفة عن طريق الكذب.
طُلب من المشاركين التنبؤ بنتائج لعبة إلقاء العملة المعدنية مقابل منحهم المال عند فوزهم، على ألا يكشفوا عن تنبؤاتهم قبل ثبات العملة، هذه التجربة أعطت المشاركين فرصة سهلة للكذب وكسب المال، فاعتبر الباحثون أن المشاركين الذين خرجوا بنتائج شديدة الدقة كاذبون.
استخدم الباحثون الرنين المغناطيسي، ولاحظوا ظهور نشاط دماغي ضئيل أو منعدم بين الصادقين بتنبؤاتهم بنتائج اللعبة، مقابل نشاط قوي بأدمغة المشتركين الكاذبين، مما يؤكد المثل القائل "المال السائب يعلّم السرقة".
أضئ المصابيح
تذكر معي مشهدا من أحد الأفلام الكلاسيكية أجلسوا فيه المتهم تحت مصباح مضاء في غرفة يغرق بقيتها في الظلام، ورغم غرابة الموقف فإن نتائجه صحيحة.
يثير الظلام داخلنا اعتقادا بأننا مخفيون ويمكننا ارتكاب أفعال غير أخلاقية وإخفاء هويتنا كما الأطفال الذين يلعبون الغميضة ويعتقدون أنهم بمأمن، لكن هل نسلط الكشاف على من يتحدث معنا؟ ليس الكشاف وحده، بل ربما نطلب منه خلع نظارته الشمسية.
أجرى علماء النفس في جامعتي تورنتو وكارولينا الشمالية 3 تجارب لاختبار ما إذا كان الظلام يحفز فعلا على اتباع سلوكيات غير نزيهة وتفضيل المصلحة الذاتية، تمت التجارب في غرفة مظلمة مرة، ثم عند ارتداء المشترك نظارات شمسية مع مجموعات أخرى في غرف مضاءة، أو بدون نظارات شمسية.
كذب المشتركون في الغرف المظلمة وكسبوا أموالا لا يستحقونها، كذلك تصرف من ارتدى النظارات الشمسية بأنانية، وأفاد المشتركون بشعورهم أنهم مختبئون فعلا في الظلام رغم معرفة الباحثين بهويتهم الحقيقية، ومع ذلك فقد زادت سلوكياتهم غير الأخلاقية.
امنحه وقتا ليفكر
إذا كنت من المؤمنين بأن الإنسان مجبول على قول الصدق فمن المؤكد أنك تعرضت لخيبات أمل كثيرة، إذ يميل الناس إلى الكذب عندما لا يتوفر لديهم وقت للتفكير في جميع البدائل المتاحة، فيجيبون إجابات مثالية وخيالية ولا يستوعبون خيار الصدق وتوابع كذبهم إلا بمرور الوقت، مما يجعل الصدق خيارهم الأمثل فقط عند التفاعلات اليومية المتكررة والمدروسة، عكس مثالية اختيار الكذب للرد على الأسئلة الفورية والمواقف الجديدة.
أجرى باحثون في جامعة ميدلسكس البريطانية تجربة في العام 2017 قاموا خلالها بإعطاء المشتركين فرصة للفوز في لعبة ومنحهم خيارات لتقسيم المكافأة بين كل مشترك وزميله، انقسم المشتركون إلى مجموعتين، تعرضت واحدة لضغط اتخاذ القرار في غضون 5 ثوان، وتوقفت الأخرى للتفكير لمدة 30 ثانية على الأقل.
طلب الباحثون من المشتركين في المجموعة الأولى رأيهم في الطريقة المثلى لتقسيم المكافأة، فشعر المشتركون بأن الحل الأمثل هو الكذب، فخصصوا لأنفسهم أكبر حصة من المكافأة.
بعبارة أخرى، كان ضغط الوقت قيدا على قدرة المشاركين لاتخاذ قرارات سليمة.
أظهر تعاطفك
نشر اثنان من أشهر خبراء التعرف على إستراتيجيات الخداع -وهما ضابطان سابقان في وكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي آي إيه" (CIA)- كتابا بعنوان "فز بالحقيقة.. كيف تدفع أي شخص لإخبارك بها؟".
نصح الخبيران بتبني لهجة وسلوك متفهم ومتعاطف وهادئ لصرف نظر الطرف الآخر عن العواقب الوخيمة للصدق في بعض الأحيان، كما وجدا أن إيجاد تبريرات لسلوك المتحدث وتذكيره بأننا جميعا نرتكب أخطاء يساهمان في إضعاف دوافعه للكذب.
قم بإلقاء المسؤولية على أفراد آخرين كالمجتمع أو الفساد أو حتى نفسك، وأبعد إصبع الاتهام عن الطرف الآخر واستخدم لغة ضمنية بدلا من كلمات صريحة، فقل "إعجاب" بدلا من "خيانة"، و"أخذ" بدلا من "سرقة" كي لا يتذكر الشخص عواقب سلوكه.