جفرا نيوز -
جفرا نيوز - وقعت روسيا وأوكرانيا اتفاقا شديد الأهمية، الجمعة، لإعادة فتح الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود لتصدير الحبوب، مما أنعش الآمال بإمكانية تخفيف حدة أزمة الغذاء العالمية التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا.
جاء الاتفاق تتويجا لمحادثات على مدى شهرين بوساطة الأمم المتحدة وتركيا بهدف التوصل لما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه "برنامج" من شأنه استئناف صادرات الحبوب الأوكرانية مع تسهيل شحنات الحبوب والأسمدة الروسية على الرغم من العقوبات الغربية القاسية على موسكو.
وقال غوتيريش إن الاتفاق يفتح الطريق أمام كميات كبيرة من الصادرات الغذائية التجارية من ثلاثة موانئ أوكرانية رئيسية هي أوديسا وتشسرنومورسك ويوجني وإن الأمم المتحدة ستنشئ مركز تنسيق لمراقبة تنفيذ الاتفاق.
وقال غوتيريش أمام حشد المجتمعين "اليوم توجد منارة على البحر الأسود. منارة للأمل ... والفرص ... والارتياح في عالم يحتاج ذلك أكثر من أي وقت مضى".
لكن القتال احتدم بلا هوادة في شرق أوكرانيا، في انعكاس للعداء عميق الجذور وانعدام الثقة الذي أدى إلى أسوأ صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، رفض الممثلون الروس والأوكرانيون الجلوس إلى نفس الطاولة في الحفل، وجرى تعديل وضع العلمين بحيث لا يكونان بجوار بعضها البعض.
وكتب المستشار الرئاسي في كييف ميخايلو بودولياك عبر تويتر قبل الحفل "في حالة حدوث استفزازات (سيكون هناك) رد عسكري فوري" من أوكرانيا.
وأرسلت روسيا وأوكرانيا، وكلتاهما من أكبر مصدري الغذاء في العالم، وزيري الدفاع والبنية التحتية على التوالي إلى إسطنبول للمشاركة في حفل التوقيع، الذي حضره أيضا غوتيريش والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
أدى الحصار الروسي على الموانئ الأوكرانية في البحر الأسود، إلى بقاء عشرات الملايين من الأطنان من الحبوب في الصوامع وتقطع السبل بالكثير من السفن وتفاقم الاختناقات في سلسلة التوريد العالمية.
ومع العقوبات الغربية الكاسحة، تصاعدت وتيرة التضخم المتسارع في أسعار المواد الغذائية والطاقة حول العالم.
ونفت موسكو مسؤوليتها عن أزمة الغذاء المتفاقمة، وأنحت بدلا من ذلك باللائمة على العقوبات الغربية في تباطؤ صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة، واتهمت أوكرانيا بتلغيم الطرق المؤدية إلى موانئها على البحر الأسود.
وتوقع مسؤولون كبار بالأمم المتحدة في إفادة للصحفيين الجمعة أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ الكامل في غضون أسابيع قليلة.
وأضافوا أن الممر الآمن من وإلى الموانئ سيكون مضمونا فيما وصفه أحد المسؤولين بأنه "وقف لإطلاق النار بحكم الأمر الواقع" بالنسبة للسفن والمنشآت التي يغطيها الاتفاق، على الرغم من أن كلمة "وقف إطلاق النار" لم ترد في نص الاتفاقية.
وقالوا أيضا إنه على الرغم من أن أوكرانيا لغمت المناطق البحرية القريبة ضمن وسائلها الدفاعية ضد الحرب الروسية المستمرة منذ خمسة أشهر، فإن مرشدين أوكرانيين سيرشدون السفن عبر القنوات الآمنة في مياهها الإقليمية.
وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إن السفن، التي يراقبها مركز تنسيق مشترك مقره في إسطنبول، ستعبر بعد ذلك البحر الأسود إلى مضيق البوسفور التركي وتتجه إلى الأسواق العالمية.
سيسري هذا الاتفاق لمدة 120 يوما لكنه قابل للتجديد ولا يتوقع وقفه في أي وقت قريب.
وقال مسؤول في الأمم المتحدة "مع حقيقة أن الطرفين في حالة حرب، وما زالا في حالة حرب صعبة، فإن توصلنا لاتفاق من هذا النوع عبر المفاوضات ... هو، على ما أظن، شيء غير مسبوق."
وقال آخر إنه تم توقيع اتفاق منفصل اليوم الجمعة من شأنه أن يسهل صادرات الأغذية والأسمدة الروسية وإن الأمم المتحدة ترحب بتوضيحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأن عقوباتهما لن تسري على هذه الشحنات.
ولمعالجة مخاوف روسيا من تهريب أسلحة إلى أوكرانيا في سفن، سيقوم ممثلون عن جميع الأطراف بتفتيش كل السفن العائدة في ميناء تركي وسيشرف على ذلك مركز التنسيق المشترك.
والهدف العام من ذلك هو العمل على تجنب تعرض عشرات الملايين من الأشخاص في الدول الفقيرة إلى مجاعة، وذلك عن طريق ضخ المزيد من القمح وزيت دوار الشمس والأسمدة وغيرها من المنتجات، التي تشمل الاحتياجات الإنسانية، في الأسواق العالمية بأسعار منخفضة نسبيا.
ورحبت الولايات المتحدة بالاتفاق وقالت إنها ستركز على تحميل روسيا مسؤولية تنفيذه.
وتسيطر تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي التي تتمتع بعلاقات جيدة مع روسيا وأوكرانيا على حد سواء، على المضائق المؤدية إلى البحر الأسود وعملت كوسيط في قضية الحبوب.
هل تحول مسار الحرب في ساحة المعركة؟
التقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بقادة كبار يوم الخميس وقال إن قوات كييف، التي تم تسليحها بشكل أكبر الآن بأسلحة غربية دقيقة تطال أهدافا على مدى أطول، لديها إمكانات قوية لتغيير مسار الحرب في ساحة المعركة.
وقال مسؤول دفاعي أميركي رفيع المستوى الجمعة إن الولايات المتحدة تعتقد أن مئات المصابين من الجيش الروسي يسقطون يوميا بما يصل إلى آلاف الضباط حتى رتبة جنرال خلال الحرب.
وقال المسؤول إن واشنطن تعتقد أيضا أن أوكرانيا دمرت أكثر من مئة هدف روسي ذي "قيمة عالية" في أوكرانيا من بينها مواقع قيادة ومستودعات ذخيرة ومواقع دفاع جوي.
ولم تتحقق نجاحات كبيرة على الخطوط الأمامية من القتال منذ أن استولت القوات الروسية على آخر مدينتين تسيطر عليهما أوكرانيا في مقاطعة لوغانسك الشرقية في أواخر يونيو حزيران وأوائل يوليو/تموز.
وتركز القوات الروسية الآن على الاستيلاء على مقاطعة دونيتسك المجاورة بالكامل لحساب وكلائها الانفصاليين الذين أعلنوا عن دولتين انفصاليتين صغيرتين تغطيان منطقة دونباس الصناعية الأوسع نطاقا.
وفي الإفادة الصباحية عن أحدث المستجدات، قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن القوات الروسية المدعومة بالمدفعية الثقيلة ظلت تحاول التقدم صوب مدينتي كراماتورسك وباخموت ومحطة كهرباء فوهليهيرسكا في دونيتسك لكنها لم تفلح في ذلك.
وتأمل كييف في أن يسمح لها تزويدها التدريجي بأسلحة غربية مثل (هيمارس)، وهو نظام صاروخي مدفعي أمريكي عالي الحركة، بالهجوم المضاد واستعادة الأراضي الشرقية والجنوبية التي استولت عليها القوات الروسية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية اليوم الجمعة إن قواتها دمرت أربعة أنظمة من (هيمارس) في الفترة من الخامس وحتى 20 يوليو/تموز. ونفت كييف هذه المزاعم ووصفتها بأنها "مزيفة" وتهدف إلى استنزاف الدعم الغربي لأوكرانيا. ولم يتسن لرويترز التحقق مما تؤكده روسيا.
وتقول روسيا إنها تشن "عملية عسكرية خاصة" لنزع سلاح جارتها وتخليصها من القوميين الخطرين.
وتقول كييف والغرب إن روسيا تشن حملة استعمارية لاستعادة السيطرة على جارتها المؤيدة للغرب والتي تحررت من حكمها عندما انهار الاتحاد السوفيتي عام 1991.
رويترز