جفرا نيوز -
حذّر برنامج مراقبة الأرض التابع للاتحاد الأوروبي من أنّ موجة الحرّ التي تجتاح أوروبا، تفاقم مخاطر نشوب حرائق, والتلوّث بغاز الأوزون.
ويتشكّل غاز الأوزون حين تتفاعل انبعاثات من الوقود الأحفوري وملوّثات أخرى من صنع الإنسان، بوجود ضوء الشمس. والأوزون غاز دفيئة رئيسي وأحد مكوّنات الضباب الدخاني الحضري ويضرّ بصحة الإنسان ويمنع عملية التركيب الضوئي في النباتات.
وأوضح مارك بارينغتون، العالِم في قسم مراقبة الغلاف الجوي في برنامج مراقبة الأرض التابع للاتحاد الأوروبي "كوبرنيكوس"، أنّ "الأضرار المحتملة لتلوث قوي جدًا بغاز الأوزون على صحة الإنسان قد تكون كبيرة، من ناحية الأمراض التنفسية والقلبية".
موجة الحر تقتل 1573 شخصا في إسبانيا والبرتغال
وأضاف أنّ المستويات العالية من الأوزون السطحي قد تسبّب التهابًا في الحلق وسعالًا وصداعًا وتزيد خطر الإصابة بنوبات الربو.
ويُشكّل غاز الأوزون حاليًا مصدر قلق كبير للمناطق الزراعية والأمن الغذائي.
وسبق أن اكتشف العلماء "تلوثًا مرتفعًا للغاية بالأوزون السطحي" في كلّ أوروبا الغربية والجنوبية، وخصوصًا في جنوب شبه الجزيرة الايبيرية وبعض مناطق شمال إيطاليا.
وفي حال تحسّن الوضع في شبه الجزيرة الإيبيرية، قد تؤثر مستويات أوزون سطحي مرتفعة جدًا على "المناطق الشمالية الغربية في الأيام المقبلة".
وقد تبلغ مستويات الأوزون "أوجها بين 18 و20 تموز/يوليو قبل أن تنخفض"، ولفت برنامج "كوبرنيكوس" إلى أنّ "موجة الحرّ الأوروبية تُفاقم نطاق حرائق الغابات وشدّتها".
وفي جنوب غرب فرنسا، دمّر حريقان كبيران مساحات كاملة من الغابات بالإضافة إلى مواقع للتخييم.
حالة انتحار في اليونان
وفي السياق، أجلت السلطات في اليونان مئات الأشخاص في ساعة مبكرة الأربعاء فيما نُشر عناصر الإطفاء ومروحيات لمكافحة حريق غابات يجتاح لليوم الثاني إحدى الضواحي الجبلية شمال أثينا.
وهُرع قرابة 500 إطفائي و120 عربة وثلاث طائرات وأربع مروحيات فجرا لمنع امتداد النيران إلى الضواحي بينتيلي وباليني وأنثوسا ويراكاس، التي يسكنها قرابة 29 ألف شخص.
ولم ترد تقارير فورية عن إصابات لكن يُعتقد أن عشرة منازل على الأقل لحقت بها أضرار بدرجات متفاوتة، بحسب محطة إي آر تي التلفزيونية الحكومية.
وقال أحد أبناء بينتيلي إن "السماء كانت حمراء ... غادرنا من دون أن نحمل معنا شيئا" مضيفا أن النيران أتت على سيارته والكوخ الخارجي لمنزله، ودمرت النيران المنزل المجاور بالكامل.
وأوضح أن "جهاز الدفاع المدني تأخر في تنبيهنا، كانت النيران خلفنا، غادرنا في اللحظة الحاسمة. ولو بقينا 30 ثانية أخرى لقضت علينا".
وذكرت وسائل إعلام يونانية أن رجلا في الثمانين من عمره في أنثوسا انتحر يأسا بسبب النيران التي اندلعت بعد ظهر الثلاثاء.
موجة حر تضرب أوروبا
وتجاوزت الحرارة في المملكة المتحدة الأربعين درجة مئوية الثلاثاء للمرة الأولى في تاريخ البلاد فيما تضرب موجة من القيظ غرب أوروبا متسببة بحرائق غابات.
وهذه ثاني موجة حر تضرب أوروبا في ظرف شهر ترافقها حرائق عنيفة في شبه الجزيرة الايبيرية وفرنسا.
ويأتي تكاثر موجات الحر نتيجة مباشرة للاحترار المناخي على ما يرى علماء إذ أن انبعاثات غازات الدفيئة تزيد من حدتها ومدتها وتواترها، وتخطت درجات الحرارة الثلاثاء في بريطانيا وللمرة الأولى عتبة الأربعين مسجلة 40,2 درجة في مطار هيثرو، على ما أعلنت وكالة الأرصاد الوطنية.
وجاء المستوى الجديد بعد ساعة على تسجيل 39,1 درجة مئوية في نهاية الفترة الصباحية في تشارلوود، في جنوب لندن، ويعود المستوى القياسي الأخير المسجل في بريطانيا إلى 25 تموز/يوليو 2019 وبلغ 38,7 درجة مئوية في كامبريدج في جنوب شرق إنكلترا.
وقال ستيفن بيلتشر، رئيس قسم العلوم والتكنولوجيا في وكالة الأرصاد الجوية الوطنية إن "التغير المناخي الناتج عن غازات الدفيئة جعل تسجيل درجات الحرارة القياسية هذه أمرا ممكنا ونحن نرى هذا الاحتمال الآن"، وأضاف: "هذه الظروف المناخية القاسية ستصبح أكثر تطرفا".
حرائق في لندن
في غضون ذلك، أعلنت فرقة الإطفاء في لندن الثلاثاء، وقوع حادث كبير فيما كان رجال الإطفاء يحاولون إخماد حرائق اندلعت في أنحاء العاصمة البريطانية خلال موجة حر حطمت الرقم القياسي.
كذلك، كان حوالى مئة إطفائي يحاولون بعد ظهر الثلاثاء السيطرة على حريق اندلع في بلدة في شرق لندن.
وبحسب الصور التي التقطتها مروحية "سكاي نيوز"، فإن النيران اجتاحت مساحات من النباتات ودمرت العديد من المباني والمنازل في بلدة وينينغتون الواقعة على مسافة حوالى ثلاثين كيلومترا وسط لندن.
وقالت إيميلي نيكسون (34 عاما) التي لجأت إلى مسبح بلدي في لندن لوكالة فرانس برس "الإنجليز غير معتادين بالتأكيد على هذا الوضع. الخروج صعب جدا فحتى في الظل الجو خانق".
بلغت الحرارة 38,1 درجة مئوية في شرق إنجلترا، وهي الأعلى هذه السنة والثالثة بين أعلى درجات تُسجل في المملكة المتحدة. وعرفت البلاد ليلتها الأكثر حرا ليل الاثنين الثلاثاء مع عدم تراجع الحرارة عن الخمس وعشرين درجة مئوية على ما أعلنت هيئة الأرصاد الجوية "ميت أوفيس".
والساعة العاشرة بتوقيت غرينتش بلغت الحرارة 37 درجة في جنوب شرق إنجلترا، وستبقى بعض المدارس مغلقة في حين يتوقع حدوث اضطرابات في النقل المشترك.
وقال وزير النقل غرانت شابس لشبكة سكاي نيوز الإخبارية إن "الكثير من بنيتنا التحتية غير مصممة لتحمل هذه الحرارة"، فيما نددت الأوساط الطبية بتعليقات نائب رئيس الوزراء دومينيك راب الذي دعا البريطانيين إلى "التمتع بالشمس".
وحطم ناشطون بيئيون من مجموعة "إكستينشن ريبليين"، الثلاثاء. زجاج نوافذ مقر "نيوز يو كاي" التي تصدر صحفًا مثل "ذي صن" و"ذي تايمز"، احتجاجا على طريقة تناول موجة الحر في بعض وسائل الاعلام.
وقالت المجموعة منددة "اختارت ذي صن أن تضع في صدر صفحاتها نساء بلباس البحر وشواطئ وأطفالا سعداء مع مثلجات"، وعنونت صحيفة "ديلي اكسبرس" الشعبية أيضا الاثنين "هذه ليست نهاية العالم، حافظوا على برودة أجسامكم وأمضوا قدما".
وتخشى بلجيكا تسجيل مستويات قياسية مع احتمال أن تصل الحرارة إلى 40 درجة مئوية بحسب المعهد الملكي للأرصاد الجوية الذي قرر وضع محافظتي فلندرا الغربية وإينو في حالة إنذار "أحمر" وهو المستوى الأعلى. وفُتحت المتاحف الكبرى التي تديرها السلطات الفدرالية مجانا بشكل استثنائي لمن هم فوق سن الخامسة والستين هربا من الحر.
رقم قياسي فرنسي
في فرنسا، أفادت وكالة الأرصاد الجوية الوطنية بأن 64 منطقة سجلت درجات حرارة مرتفعة قياسية، يقع معظمها على الساحل الغربي المطل على المحيط الأطلسي حيث تجاوزت الحرارة 40 درجة مئوية، لكن لم تصل أي منطقة في فرنسا القارية إلى ما سجّلته مونبولييه من رقم قياسي عام 2019 بلغ 46 درجة مئوية.
وسجلت مستويات حرارة قياسية في مدن عدة من بينها بريست (شمال غرب) مع 39,3 درجة ونانت (الوسط الغربي) مع 42 درجة وبيسكاروس (جنوب غرب) مع 42,6 درجة على ما أوضح المصدر نفسه، وتم إجلاء 16 ألف شخص الإثنين فيما تجاوزت الحرارة الأربعين درجة مئوية، بسبب الحرائق في منطقة بوردو.
إسبانيا وموجة طويلة
في إسبانيا حيث تستمر موجة الحر الشديد منذ قرابة عشرة أيام، كانت حرائق الغابات لا تزال مستمرة صباح الثلاثاء، خاصة في مقاطعة ثامورا (شمال غرب). وفقًا للسلطات المحلية، تم إجلاء ما يقرب من 6000 شخص بسبب النيران التي دمرت عدة آلاف من الهكتارات من المروج والغابات.
وأعلنت هيئة الإرصاد عن انخفاض طفيف في درجات الحرارة التي تجاوزت الأربعين في الأيام الماضي.
وقال رئيس الحكومة الإسباني بيدرو سانشيز "التغير المناخي يقتل أفرادا ... ويقضي كذلك على نظامنا البيئي وعلى تنوعنا الحيوي".
وفي البرتغال واصل أكثر من 1400 من عناصر الإطفاء جهود إخماد الحرائق في وسط وشمال البلاد صباح الثلاثاء.
وأعنف تلك الحرائق حريقان في أقصى شمال البلاد. وتم تعبئة نحو 700 عنصر إطفاء لإخماد أحدهما الثلاثاء، غداة إجلاء 300 شخص.
وقضى زوجان في السبعينيات في المنطقة يوم الاثنين بعد أن خرجا عن الطريق أثناء محاولتهما الهروب من ألسنة النار، ويتوقع تسجيل ارتفاع آخر في درجات الحرارة اعتبارًا من يوم الأربعاء في البلاد.
ألمانيا تعاني
بدورها تتعرض ألمانيا أيضًا لموجة الحر هذه. وفي ولاية سكسونيا السفلى (شمال غرب) يمكن أن تسجل الحرارة الثلاثاء 40 درجة لتقترب من الحد الأقصى البالغ 42,6 درجة المسجل في هذه المنطقة في تموز/يوليو 2019 وفق بيانات خدمة الأرصاد الجوية الألمانية.
وقالت المفوضية الأوروبية الاثنين إن نصف أراضي الاتحاد الأوروبي تواجه راهنا خطر الجفاف بسبب الانحسار الطويل للمتساقطات ما يرجح تراجع المحاصيل الزراعية في دول مثل فرنسا ورومانيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا.