جفرا نيوز : عصام مبيضين
ما الذي جرى مع الأردنيين هذه الأيام ، حيث تحمل الاخبار عاصفة تسونامي، ضربت العلاقات الاجتماعية وخلال ايام فقط : اب يقتل بناتة في محافظة الرمثا واب يقتل ابنائة في عجلون، ورجل يطعن زوجتة امام محكمة شرعية في الكرك ..، بينما تقع عشرات الجرائم والاعتداءات الاخرى .
وعلى صعيد الجرائم الجنائية بلغت العام الماضي (5237) جريمة، تنوعت ما بين القتل العمد، والقتل القصد والضرب المفضي الى الموت والشروع بالقتل وعلى صعيد الجرائم الجنائية، بلغ معدلها الزمني بواقع جريمة كل ساعة و(40 دقيقة) و(22) ثانية، اما الجرائم الجنحوية فقد وصل معدلها الزمني بواقع جريمة كل (22) دقيقة وثانية .
وبنفس الوقت ارتفع المعدل الزمني لارتكاب الجريمة إلى وقوع جريمة كل (25) دقيقة وثانيتين العام الماضي (2021)، بينما كان المعدل الزمني في العام 2020 نحو (23) دقيقة و(45) ثانية
واستنادا الى احصائيات مديرية الامن العام، بلغت أعداد الجرائم الواقعة على اراضي المملكة العام الماضي (20991) جريمة، بينما كانت في العام السابق (22187) جريمة ، أي بفارق (1196) جريمة
ليطرح السؤال مالذي جرى لكثير من الأردنيين حتى خرجوا من عباءة براءتهم التى عرفوا فيها، طويلا، وتحولوا إلى العنف والغضب وارتكاب جرائم غريبة مع ارتفاع المشاجرات في الشوارع والإحياء ووقوع ، وبعض الجرائم الأخرى على ابسط الاسباب وسط ضغوط اقتصادية ومعيشية طاحنة جدا مع انتشار التوتر وسيطرة العصبية على ابسط الامور في كل مكان ،
وان المراقبين يشعرون انه لا يمر يوم ،إلا وتطالعنا الأخبار عن جرائم قتل وعنف مجتمعى ومصادمات ، وقسوة وهناك مشاجرات وشتائم وسباب بين بعض المواطنين فى الشوارع والأحياء والمناطق، وانهيار كثير من القيم في الاسر،مع ارتفاع حالات الطلاق التي وقعت في المملكة العام الماضي 2021 بلغت 20 ألفا و416 حالة منهم 17945 حالة لاردنيات، مما يشير الى ارتفاع اعداد حالات الطلاق في المملكة عن الاعوام الثلاثة السابقة، اذ سجلت اعداد حالات الطلاق في المملكة خلال عام 2020 (17144) حالة، أما عام 2019 بلغت 19241 حالة فيما سجلت عام 2018 (20279) حالة.
.
على العموم كل هذا يعنى أن المجتمع يجلس فوق بركان من الأمراض والأزمات الاجتماعية ، خاصة معاناة الشباب فيما يتعلق بالبطالة والسكن ومتطلبات المعيشة، وان هذا العنف داخلياً يظهر فى صورة ارتفاع بعض الإمراض الخطرة على المواطنين
في الوقت الذي تصدر إشارات تحذر من خطورة ما هو قادم مع استفحال ألازمة الاقتصادية ما بعد كورونا في ظل انهيار الطبقة الوسطى وارتفاع ارقام والفقر والبطالة خاصة إذا دمجنا الموضوع مع أرقام الإحصائيات التي أظهرت وجود تراجع في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وتحولات بنيوية في النظام الأسري الأردني نتيجة انخفاض معدلات الزواج والمواليد ،وارتفاع أعداد الوفيات والامراض النفسية وأعداد جرائم القتل.
ليطرح السؤال الصعب ماذا أصاب المجتمع الاردني الذي كان يوما مسالما وطيبا ورحيما وهادئا وما سبب كل هذا العنف والتوتر الذي كشر عن أنيابه ويظهر تقرير مركز الدراسات بالجامعة الاردنية حول " فقدان الثقة " حيث ان الثقة المجتمعية تراجعت خلال عام ونصف العام بمقدار تسع درجات مئوية الان مقابل 71% قبل عام ونصف العام .
وهذة الارقام تعني ان الاردنيين لا يثقون بعضهم البعض حيث ان ثقة الأردنيين اصبحت محصورة في عائلاتهم، حيث أفاد 96 بالمئة بأنهم يثقون بالعائلة، وأن ثقتهم بالدرجة الثانية، تمتد إلى جيرانهم 70 بالمئة، وإلى معارفهم واصدقائهم 69 بالمئة، والى افراد العشيرة 66 بالمئة
ولفتت نتائج الاستطلاع إلى ان الغالبية العظمى من الأردنيين لا يثقون بأسعار السلع والخدمات (20 بالمئة فقط يثقون) مقارنة بـ 33 بالمئة يثقون في استطلاع التشكيل)، ولا بالتنزيلات على أسعار السلع في الأردن وهو مؤشر هام لقياس الثقة المجتمعية ..الخ
والسؤال هل بدات الضغوط تتزايد بشدة على المجتمع من غلاء المعيشة وارتفاع في أسعار المواد الغذائية والضرائب مع تجمد وانخفاض فى الرواتب، وعدم تواجد وسائل ترفية تستقطب العائلات و وبالتالى صار ماذكر أنفا وغيرة ان يؤدى الى تراكم الضغوط والتي يولد العنف والأزمات النفسية والجرائم .
محلل اقتصادي قرع جرس إنذار قوى على خطورة الأوضاع المعيشية ، في إلا طراف البعيدة 'الأرياف ' فالفقراء والمحرومون، من أبناء القرى والإحياء الشعبية ، بينما البذخ والإسراف في السفر والإنفاق والكماليات لدى البعض يفوق الخيال لدى فئات أخرى.
وقد تلاقى ذلك مع شيوع ثقافة طلب الكماليات وتحويلها إلى ضروريات وأساسيات في كل بيت، وهي أعباء جديدة أضيفت على كاهل الأسرة وأفرزت أمراضاً اجتماعية.
،
و وبينما يرجح مراقبين إن ألازمة الاقتصادية ضغطت على رقاب محدودى الدخل حتى ان غرفة التجارة حذرت من ارتفاع مديونية الإفراد مقابل دخلهم لتي تناهز اليوم ٧٠ بالمئة من دخل المواطن السنوي جراء الأنفاق الذي يزيد على حجم الدخول، إن مديونية الأفراد كقروض استهلاكية وسكنية وسط ثبات الرواتب، محذرا من تزايد نسبتها والتي تناهز اليوم ٧٠ بالمئة من دخل المواطن السنوي جراء الأنفاق الذي يزيد على حجم الدخول.
وهناك حالة من الركود الشديد تشهده الاسواق التجارية منذ سنوات أثرت سلبا على الانشطة التجارية واستمرار تنامي حالة التعثر لدى الكثير من الشركات التجارية التي لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها.
خاصة وقد تجاوزنا في المرحلة الماضية مفهوم العقد الاجتماعي ليصبح فردياً حيث الجميع يبحث عن حلول فردية في قارب نجاة له ولاسرتة في بحر ازمات تلاطم ، حيث لم يعد المجتمع قادراً علي حل جماعي للمشكلات وأصبح الفرد يعتمد على نفسه بالعودة إلى الخلايا البدائية الأولى.
وليطرح السؤال الكبير وكيف نرسخ ثقافة الحوار والتمسك بالعادات والتقاليد ونبذ العنف واحترام الرأى الآخر والعطف والهدوء والتخطيط الفردى والجماعي والدراسة.
ويتحدث خبراء وسيأسين إن هناك دوافع سياسية واجتماعية وثقافية وراء انتشار أعمال العنف ، فكل ما يتم ارتكابه من أفعال وتصرفات ينطلق من ضغوط حياتية ، فمن لا يقبل الخلاف في الرأي تكون لديه ثقافة عنيفة وبالتالي فإن التحولات الاقتصادية السريعة وما صاحبها من تغيرات اجتماعية هزت القيم الاجتماعية الأصيلة من جذورها وعززت القيم المادية مما أدى لضعف الصلات الأسرية، وان تردى الأوضاع المعيشية للمواطنين وصغار الموظفين والمتقاعدين و ارتفعت معدلات الفقر والبطالة.
في النهاية نحن بحاجة إلى المراجعة الشاملة لمعرفة نقاط ووضع الدراسات اللازمة واستعاب المتغيرات ويبقي السؤال: وكيف نعالج المجتمع من هذا الوباء الخطير وماذا تحمل الأيام القادمة .. فمن يجيب؟