النسخة الكاملة

السلاحف تشيخ ببطء فهل تلهمنا لكي نعمر طويلا؟

الخميس-2022-07-03 11:10 am
جفرا نيوز -
جفرا نيوز - نجحت السلاحف في إبطاء عجلة التقدم في السن، بل إيقافها تماماً، وفق دراستين جديدتين تقوضان مفهوم أن الشيخوخة مصير لا مناص منه.

ويبقى صحيحاً أن كل كائن حي سيؤول إلى الموت لا محالة، غير أن عدداً من العلماء قدموا الدليل الأكثر إقناعاً حتى الآن على أن تلك الحيوانات من ذوات الدم البارد التي تتشارك معنا الكوكب ذاته، ربما تحمل في جعبتها المفاتيح التي توصل إلى إضعاف قبضة الزمن القاتلة، وهو أمر طال التوق إليه.

ونُشرت الدراستان الجديدتان الخميس الماضي في مجلة "ساينس" Science. واستنتجتا أن أنواعاً مختلفة من السلاحف، وكذلك السلاحف البرية والتماسيح والسمندلات، وجدت طريقة إما لإبطاء عملية الهَرَم، بمعنى التدهور التدريجي للخصائص الوظيفية لدى الكائن الحي، أو لجمها نظرياً.

في الحقيقة، "يبدو دراماتيكياً القول إنها [السلاحف] لا تشيخ على الإطلاق، ولكن في الواقع، لا يطرأ أي تغير على احتمال موتها فيما تتقدم في العمر، في الزمن الذي يلي مرحلة التكاثر لديها"، بحسب الباحثة الأولى الدكتورة بيث رينكه، عالمة أحياء في "جامعة نورث إيسترن إلينوي" في الولايات المتحدة.

بالتعاون مع فريق دولي يضم 114 عالماً، جمعت الدكتورة رينكه بيانات في البرية من 107 مجموعات من 77 نوعاً من الزواحف والبرمائيات من بينها "تنانين كومودو" Komodo dragons  و"ثعابين غرطر" garter snakes و"ضفادع الأشجار" tree frogs، في ما وصف بالدراسة الأكثر شمولاً حتى اليوم حول الشيخوخة والحياة المديدة.

تحدث في هذا الشأن كبير الباحثين ديفيد ميللر، أستاذ مساعد في إيكولوجيا جموع الحيوانات البرية في "جامعة ولاية بنسلفانيا" الأميركية، فأشار إلى أنه "ثمة أدلة غير مؤكدة على أن بعض الزواحف والبرمائيات تشيخ ببطء وتتمتع بأعمار مديدة، لكن حتى الآن لم يدرس أحد هذا الاعتقاد فعلاً على نطاق واسع وعبر أنواع حية عدة في البرية".

ووفق ميللر، "إذا عرفنا الأسباب التي تتيح لبعض الحيوانات بأن تشيخ على نحو أبطأ، نتوصل إلى فهم أفضل لعملية الشيخوخة لدى البشر، كذلك نضع استراتيجيات ترمي إلى حماية الزواحف والبرمائيات، التي تتعرض أعداد كبيرة منها للتهديد أو الانقراض".

وفي سياق سجالهم مع نظريات علمية عدة، تناول العلماء الطريقة التي يتوسلها الحيوان بغية تنظيم درجة حرارة جسمه، سواء كان من الحيوانات "ذوات الدم البارد" (يوصف بأنه خارجي الحرارة أو "إكتوثرميك" ectothermic  بمعنى أنه يعزل نفسه نسبياً عن المعطيات الخارجية كالشمس في سياق عملية التحكم في درجة حرارة جسمه، بالتالي لا يكون محتاجاً إلى أن يولّد بنفسه كميات كبيرة من الطاقة كي يحافظ على حرارة جسمه الداخلية)، أو من "ذوات الدم الحار" (يوصف بأنه داخلي الحرارة "إندوثرميك" endothermic   بمعنى أنه يولّد داخلياً الحرارة الخاصة به للحفاظ على درجة حرارة الجسم المثلى، مهما تقلّبت أحوال البيئة الخارجية التي لا يملك جسمه أدوات تعزله عنها). وعلى عكس دراسات عدة، خلص العلماء المشار إليهم آنفاً إلى أن طريقة تنظيم الحيوان لحرارة جسمه الداخلية لا تؤشر بالضرورة إلى معدلات تقدمه في العمر أو عمره الافتراضي، إذ تبيّن لهم أن معدلات الشيخوخة وطول الأعمار لدى حيوانات الدم البارد تختلف كثيراً عن متوسط معدلات الشيخوخة لدى نظيراتها بالحجم نفسه من ذوات الدم الحار، لكنها قد تكون لدى ذوات الدم البارد أعلى أو أدنى بأشواط، مما لدى ذوات الدم الحار.

كذلك لاحظ فريق البحاثة تضاؤلاً في الشيخوخة لدى نوع حي واحد في أقل تقدير لدى كل مجموعة من مجموعات الحيوانات ذوات الدم البارد، بما في ذلك الضفادع والعلاجيم والتماسيح والسلاحف.

"لم نعثر على دليل يدعم فكرة أن الانخفاض في معدل حرق الطاقة [تسمّى بـ"الأيض"، وهي عملية يحوّل فيها الجسد ما يتناوله من طعام أو شراب إلى طاقة، وتعرف العملية كذلك بالتمثيل الغذائي أو الاستقلاب]، يجعل الحيوانات ذوات الدم البارد تتقدم في العمر بخطى بطيئة. إنما وُجدت هذه العلاقة [بين الأيض المنخفض والشيخوخة البطيئة] فقط لدى السلاحف، ما يشير إلى أن الأخيرة فريدة من نوعها ضمن الحيوانات الخارجية الحرارة"، قال ميللر.

في المقابل، اكتشف العلماء أن سمات وقائية لدى الحيوانات، من قبيل القشرة الصلبة التي تحملها غالبية أنواع السلاحف، أو الأشواك العظمية أو السموم، ربما تسهم في الواقع في إبطاء عجلة الشيخوخة.

قالت الدكتورة رينكه إن "هذه الآليات الوقائية المختلفة تؤدي إلى خفض معدلات الوفيات لدى الحيوانات، ذلك أنها تحول دون أن تلتهمها حيوانات أخرى. من ثم، تعيش لفترة أطول على الأرجح، ما يدفعها إلى التقدم في السن بشكل أبطأ".

ووفق الدكتورة رينكه، توصل الفريق إلى الخاصية التي تشكل الداعم الأكبر لما سمّته بـ"فرضية النمط الظاهري الوقائي" لدى السلاحف، مضيفة أنه "مرة أخرى، تُثبت تلك الخاصية السلاحف، كمجموعة حية، تُعتَبر فريدة من نوعها".

وأضافت البروفيسورة آن برونيكوفسكي، الباحثة المشاركة في الدراسة من "جامعة ولاية ميشيغان" أن "الهيئة المختلفة لدى [السلاحف] بوجود الأصداف الصلبة توفر لها الحماية، وقد أسهمت في تطور تاريخ حياتها، بما في ذلك "تضاؤل الشيخوخة" [لا تظهر لديها علامات على الشيخوخة البيولوجية كتراجع في القدرة على الإنجاب، أو التدهور الوظيفي، أو ارتفاع معدلات الوفيات مع تقدم العمر]، أو انعدام الشيخوخة الديموغرافية والطول الاستثنائي للعمر".
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير