جفرا نيوز -
جفرا نيوز - أصبحت الصور التي ينشرها الآباء لأطفالهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي محط اهتمام المولعين جنسياً بهم (بيدوفيليين)، الذين يسرقونها ويعيدون نشرها على مواقع إباحية مظلمة مع إضافة تعليقات جنسية مسيئة للطفل، وأحياناً معلومات عن الطفل مثل اسمه وعمره وجنسيته.
وكانت منظمات حماية الطفل في مختلف دول العالم طالبت منذ سنوات بعدم مشاركة صور الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب اهتمام الـ"بيدوفيليين" بهذه الصور، وسرقتها من "فيسبوك" و"إنستغرام" و"تيك توك".
ولمعرفة كيف يمكن حماية صور الأطفال في العالم العربي من استغلالها على الشبكات المظلمة، حاورت "اندبندنت عربية" كوثر بوبكار خبيرة في النانوتكنولوجي وتعمل حالياً في مركز الأبحاث الأوروبي ببلجيكا "imec"، الذي يُعتبر رائداً في البحث في المجال.
وقالت كوثر بوبكار بشأن آلية عمل هذه الشبكات المظلمة، "نلاحظ تزايداً كبيراً في نشر صور الأطفال سواء من طرف أولياء الأمور أو الأطفال أنفسهم من دون الوعي وقد يترتب على ذلك تداعيات خطيرة. لا بد أولاً أن ندرك أنه من الناحية التقنية إذا توفرت مجموعة كافية من الصور، يمكن عبر تقنية (ديب فيك) صناعة فيديوهات إباحية لأي شخص، كبيراً كان أو صغيراً، حيث يركبها على شكل فيديو بورنوغرافي يبدو جيداً تقنياً، وقد يتشارك هذا الفيديو في الشبكات المظلمة أو عبر وسائل التواصل في مجموعات مغلقة". وأضافت بوبكار أن "(ديب فيك) تقنية حديثة، الهدف الأساس منها هو تطوير التقنيات السينمائية بخلق فيديوهات لم يتم تصويرها واقعياً... وهذا يتطلب الحصول على عدد كافٍ من الصور للشخص وأحياناً يلزم استخدام ذكاء اصطناعي للحسم في هذا الأمر، ما يعنينا هنا أن هذه التقنية أصبحت في متناول بعض المنحرفين والمجرمين، وتم استعمالها في عمليات إجرامية ذات طابع جنسي، حيث بثت فيديوهات إباحية لأشخاص لم يصوروها يوماً ولا علم لهم بها، وهذا ما يطرح إشكالية استغلالها في جرائم ذات طبيعة بيدوغرافية".
في الشبكات المظلمة يتم نشر ملايين الصور المسروقة لأطفال من مختلف دول العالم، نادراً ما تكتشف العائلات أن هناك مَن يستغل صور أطفالها ويكتبون تعليقات جنسية مسيئة.
فرصة لاستغلال صور الأطفال
وأوضحت بوبكار، "من أبرز التحديات هي مسألة التعرف على هوية الطفل، وأستحضر هنا واقعة قبل سنوات أحدثت ضجة في وسائل الإعلام، عندما تم إلقاء القبض على أحد المجرمين في الولايات المتحدة وبحوزته مجموعة كبيرة من الصور الإباحية للأطفال والقاصرين، وتعذر عليهم للأسف تحديد هويات أغلب الضحايا بسرعة، لأن غالبية الأطفال كانوا مقيمين خارج الولايات المتحدة وكان من بين الأطفال الأوائل الذين تم الكشف عن هويتهم طفلة إيرلندية تم التعرف عليها عن طريق لباس المدرسة الموحد".
هل يمكن مقارنة عقائد القرن العشرين بالإنترنت؟
وتابعت، "غالباً ما يحدث هذا كلما تم ضبط مجرم وبحوزته صور بيدوبورنوغرافية، فنجد أغلب الصور لأطفال بعيدة بآلاف الكيلومترات عنه، وهذا أمر يجب التوعية به لكل من ينشر صور الأطفال، سواء أكان راشداً أو قاصراً، إن نشر الصور للعموم أو لأشخاص مجهولين يمنح المجرمين فرصة لاستغلالها". تشدد بوبكار على "ضرورة توعية الآباء بأن الإنترنت فضاء مفتوح للجميع، وأن كل سكان الكوكب يستطيعون الدخول للشبكة، وإذا نشرت صور أطفالك يمكن أن تستغل في إيحاءات ذات طابع جنسي وإباحي".
مخاطر العالم الرقمي
ومضت خبيرة في النانوتكنولوجي قائلةً، "هذا بالنسبة إلى الراشدين الذين ينشرون الصور بكامل إرادتهم هناك أيضاً صور ينشرها الأطفال، وهنا لا بد من التربية والتوعية لمخاطر كل ما هو رقمي، لأن الطفل عندما يتحدث مع شخص لا يعرفه عبر شبكة الإنترنت، لا بد أن يعرف أنه لا يتحدث بالضرورة مع إنسان في عمره، وحتى إن كان من فئته العمرية فقد يتربص به وينشر الصور التي تقاسمها معه من باب السخرية أو الانتقام في مجموعات ظاهرها أنها لا تضم إلا أفراداً من الفئة العمرية نفسها، لكن غالباً ما نجد المجرمين البيدوغرافيين أعضاء فيها ببروفايلات وهمية لإشباع غريزتهم الإجرامية".
وشددت المتحدثة ذاتها على "ضرورة توعية الصغار بمخاطر القرصنة الرقمية، وعدم النقر على روابط غير موثوقة أو دخول مواقع مشبوهة، ما قد يجعل هاتفهم أو لوحتهم الذكية بكل ما تتضمنه من صور وتطبيقات بما في ذلك تشغيل الكاميرا من دون درايتهم متحكم فيها من طرف مجرم مهووس بجنس الأطفال".
منع الأطفال الصغار من نشر صورهم
وعن توعية الأطفال أجابت بوبكار قائلةً، إن "توعية الأطفال وإبعادهم قدر الإمكان من التطبيقات الرقمية وبث الوعي فيهم بمخاطر مشاركة الصور، هي مفتاح أساس لحمايتهم ممن قد يتربص بهم، لهذا الحماية من التبعات التي قد تصل إلى الانتحار، تنبني على التوعية حول طبيعة الوسائل الرقمية المستخدمة، وإدراك خطورة بل والمنع الكلي من التواصل مع غرباء عبر الإنترنت من طرف فئات عمرية محددة، ومراقبة الهواتف واللوحات الذكية والحواسيب وما إلى ذلك من طرف الراشدين وتزويدها بمضادات للفيروسات الرقمية وتطبيقات التجسس، وتقنين أوقات الارتباط بالإنترنت من طرف الصغار، ومراقبة ومنع الأطفال الصغار من نشر صورهم أو مقاطع فيديو لهم على وسائل التواصل بمختلف أنواعها".
سحب الصور الإباحية للأطفال صعب
وزادت الباحثة في مركز الأبحاث الأوروبي ببلجيكا "imec"، "لا بد من تثبيت مضاد الفيروسات والتجسس أيضاً في كل ما هو مرتبط بالإنترنت ويستعمله الأطفال مثل التلفاز الذكي، وإخفاء كاميرا التلفاز والحاسوب، وحذف التطبيقات المشتبه فيها، وضبط المراقبة الأبوية على كل الأجهزة التي يستعملها الأطفال للولوج للإنترنت وضبط استعمال الأطفال للألعاب الإلكترونية التي يستعملها المجرمون لاصطياد ضحاياهم".
كيف يمكن للعائلات حذف صور أطفالهم من مواقع الويب الإباحية المظلمة؟ تجيب الخبيرة في ميدان النانوتكنولوجي، "إن سحب صور إباحية للأطفال في حال نشرها جد صعب، لأنها غالباً ما تنشر في الشبكات المظلمة وعبر تقنيات التواصل من شخص إلى آخر. وتنشر في مواقع تستعمل تقنيات كبيرة كي لا يحدد مكانها الجغرافي ولا تتم متابعتها قضائياً، ولهذا توعية الراشدين والأطفال بالخطر أفضل وأهم من المتابعة القانونية لمجرمين محترفين".