جفرا نيوز -
جفرا نيوز - لجأت الأوكرانية فيكتوريا صيدم (21 عاما) مع زوجها إلى فلسطين، وهي تدرك عبثية وضعها؛ فقد لجأت إلى أحد أكثر الأماكن المحاصرة على هذا الكوكب، حيث يعيش 2.3 مليون فلسطيني تحت الحصار منذ عام 2007.
تقول فيكتوريا "لم يكن لدي خيار؛ فزوجي من غزة ويمكن لعائلته أن تستقبلنا، ولا أعرف أي شخص آخر"، وذلك في تقرير نشرته صحيفة "لوموند" (lemonde) الفرنسية.
ونقل الكاتب لويس إمبرت قصة الأوكرانية فيكتوريا صيدم التي تود رؤية البحر كل يوم وتثير فيها أشجار النخيل في غزة فرحة بريئة لا تتوقف عن إدهاش زوجها إبراهيم صيدم (21 عامًا). لقد لجأ الزوجان الشابان إلى فلسطين في فبراير/شباط الماضي هربًا من حرب روسيا على أوكرانيا.
إبراهيم يعرف الحرب
في مايو/أيار 2021، تابعت فيكتوريا برعب الصراع الأخير بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، الذي خلف 260 قتيلا في غزة و14 في إسرائيل.
التقت فيكتوريا إبراهيم في فينيتسا عاصمة منطقتها، وهي بلدة تبعد نحو 200 كيلومتر جنوب غرب العاصمة الأوكرانية. عملت في صيدلية منذ أن كان عمرها 18 عاما وبدأت الدراسة في الجامعة. وسافر إبراهيم في مثل عمرها إلى هناك قبل عامين لدراسة الطب ثم تزوجا عام 2020.
تقول فيكتوريا إن "إبراهيم يعرف الحرب"؛ فقد عاش 3 حروب في غزة. في اليوم الأول من الغزو بتاريخ 24 فبراير/شباط، أيقظتهم اهتزازات هاتف إبراهيم الخلوي حيث قلق أفراد عائلته في غزة عليهم. وأضاف إبراهيم "بعد ظهر اليوم نفسه، لم يبق شيء في السوق".
خطط الزوجان للسفر إلى أوروبا، إذ إن لدى إبراهيم أصدقاء في ألمانيا، وقال "كان من السهل الذهاب إلى هناك، ولكن لماذا؟ أريد أن أصبح طبيبا لا أن أغسل الأطباق في مطعم". كما أراد أن يرى جده (90 عاما) الذي سيخضع قريبا لعمليتي أمعاء في غزة. وتوفي قبل أسبوعين وكان حفيده إبراهيم إلى جانبه.
رحلة مضنية من أوكرانيا إلى غزة
ركبت فيكتوريا وإبراهيم الحافلة ثم استطاعا الوصول إلى الحدود الرومانية، ووصلا إلى بوخارست بالقطار ثم القاهرة بالطائرة مع تذاكر مدفوعة عبر الإنترنت من قبل شقيق فيكتوريا.
وخلال يومين من السفر بالحافلة الصغيرة عبر شبه جزيرة سيناء، شعرت الشابة بالقلق، وكانت خائفة على مقتنياتها الثمينة.
في 28 فبراير/شباط الماضي، وصلا إلى معبر رفح الحدودي، وهناك حرصوا على أن تلحق فيكتوريا به طواعية. يقول إبراهيم "عندما رأوا أنها راضية، لم يحدثوا أي مشكلة".
يوميات فيكتوريا في غزة
الصورة التي رسمها عن بلاده لطمأنة فيكتوريا لم تنفع في شيء، فهي تعلم أن غزة بمثابة سجن، إذ إن 70% من الشباب يعانون من البطالة، ومع ذلك فهي محاطة جيدا بالرعاية، فعائلة إبراهيم الكبيرة لا تتوقف عن زيارته فهؤلاء الأشخاص الذين يعدون مثل أهله؛ أحدهم مدير والآخر موظف بمدرسة ابتدائية، حيث يتشاركون هذه الشقة الواسعة، مع 4 إخوة وأخوات، في مخيم البريج للاجئين بالقرب من غزة.
تتفاجأ فيكتوريا بأن الكهرباء تعمل من دون انقطاعات كثيرة، والأمر نفسه بالنسبة للإنترنت، في حين يكافح إبراهيم للتعرف على مسقط رأسه، حي النصيرات، الذي غادره عام 2017.
نحو 400 زوجة أوكرانية في غزة
فيكتوريا ليست وحدها في هذه الوضعية، إذ يحصي رئيس الجمعية الخيرية "القلب الطيب" أشرف نمر أكثر من 400 زوجة أوكرانية في غزة، ومع وجود أطفال يصبح العدد الإجمالي 2000 شخص في المنطقة، بما فيها الضفة الغربية، وذلك وفقا للممثلية الدبلوماسية لأوكرانيا في رام الله.
درس نمر في سنوات التسعينيات الهندسة الميكانيكية في الجامعة التقنية في ماريوبول (المدينة التي استولت عليها روسيا في الحرب الدائرة حاليا)، وتزوج هناك أيضا، ثم عاد إلى أرض الوطن.
وقامت زوجات أخريات باللحاق بأزواجهن الأطباء والصيادلة والمهندسين، الذين درس أغلبهم في أوكرانيا إبان فترة الاتحاد السوفياتي.
استقر البعض في أوكرانيا مثل محمد بدوي، الذي سلك في أبريل/نيسان الماضي طريقا معاكسا لمسار إبراهيم، حيث فاجأت الحرب عائلته في بولتافا (وسط البلاد)، في حين كان هو في زيارة لأقاربه بغزة.
عاد لأجل مساعدة ابنه، الذي يعد مواطنا أوكرانيا في سن القتال ولا يستطع مغادرة البلاد، ونجح في تهريبه إلى بولندا عن طريق إظهار جوازات سفرهم الفلسطينية، ومن هناك اتجهوا إلى السويد، واتصل بعائلته عبر الهاتف قائلا "سنبقى بعض الوقت هنا ثم نقرر لاحقا أين نستقر، من أجل أن يكمل ابني دراسته في سلام".
إبراهيم يواصل دوراته الطبية عبر الإنترنت
في غزة، يواصل إبراهيم صيدم دوراته الطبية عبر الإنترنت، كما يفعل باقي رفاقه في مدينة فينيتسا في أوكرانيا، إذ يستبعد إعادة فتح الجامعة أبوابها، ويرى نفسه يكمل دراسته في ألمانيا، آملا مغادرة غزة في غضون شهرين.
وفي وقت يمكن لفيكتوريا الخروج من غزة بلا صعوبة كبيرة، فإن ذلك يمثل تحديا كبيرا لإبراهيم، إذ إن بطاقة الطالب الخاصة به تمنحه الحق في العودة إلى أوكرانيا حتى 2024، ويتعين عليه الدخول برا وعبور بلد مجاور.
ويمكن أيضا لأحد ممثلي رومانيا في رام الله أن يصدر له تأشيرة عبور، لكن لا يزال يتعين عليه استرجاع هاتفه.
المصدر : لوموند