النسخة الكاملة

الاردنيون " الثقة مفقودة " والعلاقات" ناشفة" وتسونامي الشك قفز من الحكومات والاحزاب والتجار والساسة للعلاقات العائلية

الخميس-2022-04-24 12:57 pm
جفرا نيوز -


جفرا نيوز :عصام مبيضين 
ما الذي جرى مع الناس هذه الأيام حيث تحمل الاخبار عاصفة تسونامي ، ضربت العلاقات الاجتماعية: حيث تشتعل النيران على ابسط الاسباب، وسط ضغوط اقتصادية ومعيشية طاحنة جدا ،مع  انتشار التوتر وسيطرة العصبية (  وضيق الخلق) على ابسط الامور في كل مكان. 

ليطرح السؤال مالذي جرى لكثير من الأردنيين، حتى خرجوا من عباءة براءتهم التى عرفوا فيها  طويلا ،وكان  العنوان الابرز  الطازج ، تقرير مركز الدراسات بالجامعة الاردنية قبل ايام  حول  " فقدان  الثقة " حيث ان  الثقة المجتمعية تراجعت خلال عام ونصف العام بمقدار تسع درجات مئوية  % الان مقابل 71% قبل عام ونصف العام .
 
وهذة الارقام تعني ان الاردنيين لا يثقون بعضهم البعض حيث  ان ثقة الأردنيين اصبحت  محصورة في عائلاتهم، حيث أفاد 96 بالمئة بأنهم يثقون بالعائلة، وأن ثقتهم بالدرجة الثانية، تمتد إلى جيرانهم 70 بالمئة، وإلى معارفهم واصدقائهم 69 بالمئة، والى افراد العشيرة 66 بالمئة
ولفتت نتائج الاستطلاع إلى ان الغالبية العظمى من الأردنيين لا يثقون بأسعار السلع والخدمات (20 بالمئة فقط يثقون) مقارنة بـ 33 بالمئة يثقون في استطلاع التشكيل)، ولا بالتنزيلات على أسعار السلع في الأردن وهو مؤشر هام لقياس الثقة المجتمعية ..الخ
 
والاخطر ان ياتي مسلسل فقدان الثقة بالحكومة ثم الثقة بالمؤسسات العامة التابعة للدولة والاحزاب وموسسات المجتمع المدني ، بمعنى أن عدم الثقة اصبح  تسونامي  يتوسع واصبح يطال جهات لم تكن موضعا لعدم الثقة وهو مؤشر خطيرجدا .

وفي العمق فان فقدان الثقة المتبادلة بين الأردنيين المقيمين  هو انقلاب خطير بالقيم  في العلاقات المجتمعية ، وهو  مؤشراً خطير  يستدعى الوقوف عنده ،وان ثقافة الشك وهوس الارتياب معناها انعدام الثقة، والتي تبدأ بأن يشك الناس بالنخب ،وتشك الأحزاب بعضها ببعض، وتشك النقابات  المهنية والعمالية بأرباب العمل ،ويشك المواطن بجاره، والأخ بأخيه والصديق بصديقه ..الخ ،و تتدرج الأمور لتصل لأن يشك الشخص بنفسه وبقدرته على فعل أي شيء في مجتمع تسيطر علية الميكافيلية .
 
والاخطر ان "الثقة أصبحت مفقودة  في نواحي عدة من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، فالناس لا يتبادلونها بين بعضهم البعض ،كما وصل انعدام الثقة إلى العلاقات الأسرية بين النساء والرجال" الازواج "، وحتى بين أولياء الأمور والأبناء  وقضايا الميراث  وسجلات المحاكم شواهد والحجر على الاباء والامهات ، يتصاعد  وهي  كلها مؤشر خطير على عدم  استقرار المجتمع، ونذير خطرٍ لبناء سياسات اندماج اجتماعي ونمو اقتصادي   

في ظل ثقافة الشك والريبة وانعدام الثقة تتراجع ثقافة الانجاز ،وروح المبادرة والاقدام  وتبادل المصالح، وابرام الصفقات والاعمال ،وتصبح أية مبادرة محل شبهة ،ويتم التعامل معها  بحذر وشك وتكون التهمة جاهزة . 
 
ونعود إلى التساؤلات ضمن الحلقة المفرغة، عندما تنتشر ثقافة الشك ، فانها تتغذي من ثقافة الإحباط واليأس من القدرة على فعل شيء لتغيير الواقع الصعب حيث شهوة الاستهلاك  تنتشر مع محدودية واحباط  القدرات المالية،  وكبح الطموحات ويكون الانكفاء الانطواء ، وتتردد مقولة "مفيش فايدة " ليس بالامكان  افضل مما كان  ،الأمر الذي يؤدي للانطواء على النفس، وحالة من الاغتراب داخل المجتمع وعلاقات المصالح   ،فالشك يودي لانعدام الثقة وكلاهما يؤديان للإحباط واليأس .

وان فقدان الثفة من مركز الدراسات  قرع جرس إنذار قوى على خطورة الأوضاع المعيشية ، في إلا طراف البعيدة 'الأرياف ' فالفقراء والمحرومون، من أبناء القرى والإحياء الشعبية، بينما البذخ والإسراف في السفر والإنفاق والكماليات لدى البعض يفوق الخيال لدى فئات أخرى

 ليطرح السؤال الصعب ماذا أصاب المجتمع الاردني الذي كان يوما مسالما وطيبا ورحيما وهادئا وما سبب كل هذا العنف والتوتر الذي كشر عن أنيابه فهل بدات الضغوط تتزايد بشدة على المجتمع من غلاء المعيشة وارتفاع في أسعار المواد الغذائية والضرائب مع تجمد وانخفاض فى الرواتب، وعدم تواجد وسائل ترفية تستقطب العائلات و وبالتالى صار وماذكر أنفا وغيرة ان يؤدى الى تراكم الضغوط والتي يولد العنف والأزمات النفسي
 
وحسب مركز الدراسات بالجامعة الاردنية  تأتي نسبة السعادة في الاردن لتؤكد ذلك, فالافراد سعيدون والمجتمع غير سعيد  79% يعتقدون ان المجتمع غير سعيد, 64% من الافراد يعتقدون انهم سعداء) الامر يكشف ضبابية في تقيم ,و   حكم الاردنيين على سعادة غيرهم او على سعادتهم  انفسهم  بشكل دينامكي  
  
على العموم في الوقت الذي تصدر إشارات من ابرزها تغيرات بانماط السلوك  فقدان الثقة  وتحذر من خطورة ما هو قادم مع استفحال ألازمة الاقتصادية ،في ظل انهيار الطبقة الوسطى وارتفاع ارقام والفقر والبطالة ،خاصة إذا دمجنا الموضوع مع أرقام الإحصائيات التي أظهرت وجود تراجع في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وتحولات بنيوية في النظام الأسري الأردني نتيجة انخفاض معدلات الزواج والمواليد خ ،وارتفاع أعداد الوفيات وحالات الطلاق وأعداد جرائم القتل 
  
وقد تلاقى ذلك مع شيوع ثقافة طلب الكماليات وتحويلها إلى ضروريات وأساسيات في كل بيت، وهي أعباء جديدة أضيفت على كاهل الأسرة وأفرزت أمراضاً اجتماعية ،و وبينما يرجح مراقبين إن ألازمة الاقتصادية ضغطت على رقاب محدودى الدخل حتى ان غرفة التجارة حذرت من ارتفاع مديونية الإفراد مقابل دخلهم لتي تناهز اليوم ٧٠ بالمئة من دخل المواطن السنوي جراء الأنفاق الذي يزيد على حجم الدخول، إن مديونية الأفراد كقروض استهلاكية وسكنية وسط ثبات الرواتب، محذرا من تزايد نسبتها والتي تناهز اليوم ٧٠ بالمئة من دخل المواطن السنوي جراء الأنفاق الذي يزيد على حجم الدخول.

هناك حالة من الركود الشديد تشهده الاسواق التجارية منذ أكثر من عامين أثرت سلبا على الانشطة التجارية واستمرار تنامي حالة التعثر لدى الكثير من الشركات التجارية التي لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها ،خاصة وقد تجاوزنا في المرحلة الماضية مفهوم العقد الاجتماعي ليصبح فردياً حيث الجميع يبحث عن حلول فردية في قارب نجاة له ولاسرتة في بحر ازمات تلاطم ، حيث لم يعد المجتمع قادراً علي حل جماعي للمشكلات وأصبح الفرد يعتمد على نفسه بالعودة إلى الخلايا البدائية الأولى 

وليطرح السؤال الكبير وكيف نرسخ ثقافة الحوار والتمسك بالعادات والتقاليد ونبذ العنف واحترام الرأى الآخر والعطف والهدوء والتخطيط الفردى والجماعي والدراسة  وعودة الثقة ،ويتحدث البعض  إن التحولات الاقتصادية السريعة وما صاحبها من تغيرات اجتماعية هزت القيم الاجتماعية الأصيلة من جذورها وعززت القيم المادية مما أدى لضعف  الصلات الأسرية، وان تردى الأوضاع المعيشية للمواطنين وصغار الموظفين والمتقاعدين و ارتفعت معدلات الفقر والبطالة. 

وتراجعت الخدمات الاجتماعية الصحية والتعليمية التي يحتاجها الفقراء ولا يستطيعون الإنفاق عليها في النهاية نحن بحاجة إلى المراجعة الشاملة لمعرفة نقاط ووضع الدراسات اللازمة واستعاب المتغيرات ويبقي السؤال: وكيف نعالج المجتمع من هذا الوباء الخطير فقدان الثقة  وماذا تحمل الأيام القادمة .. فمن يجيب؟