جفرا نيوز- أشهر مدير مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأسبق الكاتب والصحفي رمضان الرواشدة روايته الجديدة المهطوان في المركز الثقافي الملكي بحضور وزيرة الثقافة هيفاء النجار وعدد من الاكاديميين والناقدين وثلة من الفنانين والاعلاميين .
وزيرة الثقافة الأردنية هيفاء النجار اشارت إلى أن رواية "المهطوان" تشكل جزءاً من التاريخ الاجتماعي، وأن هذا يحقق شيئاً من أهداف الرواية التي هي ليست للمتعة فحسب، بل أيضاً لتسجيل حكايتنا الوطنية والتوثيق التاريخي، لافتةً إلى أن "هذه الرواية تحمل أحلامنا في نهاية ثمانينيّات القرن الماضي، وتنقل قصة جيل على اختلاف توجهاته وأفكاره إزاء الوطن، مع التشديد على أن الحب هو ما يربطنا بهذا الوطن"، مشددةً على أن "الرواية كفن حديث تشكل مادة مهمة وغنيّة لقراءة التحولات الاجتماعية وغيرها، وهذه الرواية تشكل رصداً لشيء من هذه التحولات التي عاشها الأردن وشعبه في حقبة زمنية لم تخل من تحولات وتقلبّات عدّة. هي باختصار تتحدث عن قصّة صمود الأردن في وجه تلك التحديّات"، مؤكدة على أن "العالمية تبدأ من المحلية"، وأن رواية "المهطوان تشكل نموذجاً لاستعادة ذاكرة جيل كامل كان يحلم ويحبّ الوطن على طريقته"
ولفت الناقد والأكاديمي د. عماد الضمور إلى أن رواية "المهطوان" لرمضان الرواشدة تشكل إضافة جديدة في مسيرة الرواية الأردنية، عبر اتجاه الكاتب فيها نحو السياسة والمكان وقصص النضال، مستمراً في نهجه الذي بدأه مع "الحمراوي"، مروراً بـ"جنوبي" الرواية التي سبقت هذه الرواية، ليدخلنا في "المهطوان" أيضاً في قضايا الفكر والثقافة الوطنية وجوانب قلّما يتوجه إليها الروائيّون في الأردن، مؤكداً عبرها على "أهمية الفعل الشبابي من أجل الوطن وقضاياه، عبر شخصية عودة مجسداً تجربة نضالية فاعلة في فترة سياسية مهمة".
وأضاف الضمور: هناك مفاصل محورية في هذه الرواية تعبّر عنها شخوصها، كـ"سلمى" الفتاة الفلسطينية المسيحية التي تدرس الأدب الإنجليزي في الجامعة الأردنية، ابنة واحدة من العائلات الأصلية في مدينة رام الله التي أسسها آل الحدادين في الجنوب الأردني، ما يعكس وحدة الدم الفلسطيني والأردني، وتواصل هذه الوحدة عبر علاقة "عودة" بـ"سلمى" شعورياً ونضالياً.
وأشاد الضمور ببراعة الرواشدة في توظيف مكوّنات وطقوس التراث الشعبي الأردني بكافة مكوّناته، لافتاً إلى أن الإثارة والغموض والترميز والتكثيف في العنوان يعدّ تقنية جديدة للكاتب في تعاطيه مع قرّائه، ولا يمكن فك طلاسمه دون قراءة الرواية بعمق وتبصّر، مقدماً "رواية ذات مضامين عميقة ذات مفاصل مهمة في الذاكرة الوطنية والتاريخ الأردني".
وفي حديثه عن الرواية، لفت ناشرها ماهر كيّالي إلى أن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، سبق وأن نشرت للروائي رمضان الرواشدة، وقبل قرابة ربع قرن، روايتين هما: "الحمراوي" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ، و"أغنية الرعاة" الصادرة في العام 1998، متحدثاً عما نشرته المؤسسة للكثير من إبداعات الروائيين الأردنيين على مدار نصف قرن، منهم من رحل، ومنهم من لا يزال قيد الإبداع.
أما الناقد والروائي الفلسطيني رجب أبو سرية، فرأى أن الرواشدة في "المهطوان" يؤكد أنه واحد من كتّاب الصف الأول للرواية الأردنية، وخاصة القصيرة منها (النوفيللا)، فهو يتميّز بإخلاصه لتيّار الوعي في كتابة الرواية، وكذلك بالاقتصاد اللغوي، وشاعرية اللغة، وباعتماده على تقنيّات السرد الحديثة، وإضفائه على شخصيّاته هالة أسطورية، بحيث لا يكون القارئ على يقين إن كان شخوصاً حقيقية واقعية أم متخيلة.
وشدد أبو سرية على أن "المهطوان" هي رواية البطل الفرد، ولهذا حملت كل رواية له اسم بطلها، وهو ما يحلينا إلى استخدامه لتقنية المونولوج الداخلي كمتلازمة للسرد، "لدرجة يمكنني المجاوزة بوصف روايته بالمونودراما الروائية"، كما أن فيها ما يعكس ثقافة الكاتب العميقة، وما يشي بموقفه الفكري من تحولات الواقع العربي، علاوة على كونه حكّاءً ممتازاً رغم عدم إنشائية نصوصه، كما أنه مشبع بالبيئة الأردنية الشعبية بلا تنميط.
صاحب "المهطوان" الروائي رمضان الرواشدة، بدأ مداخلته بمقطع من قصيدة "الجنوبي" للشاعر المصري الراحل أمل دنقل، متسائلاً: "هل أنا كنت طفلاً، أم أن الذي كان طفلاً سواي؟ هذه الصور العائلية: كان أبي جالساً .. وأنا واقفٌ تتدلى يداي. رفسةٌ من فَرَس .. تركت في جبيني شجّاً .. وعلَّمَت القلب أن يحترس"، مضيفاً "المكان: عمّان، والشوبك، والشاميّة في معان، والطفيلة، وراكين، وإربد، وشارع الرشيد، وشارع الهامي، والبركة (الهاشمي الجنوبي)، والقدس، ويافا.. كل هذه المدن كتبت عنها في رواياتي لأنني مؤمنٌ بالمكان الأردني إيماني بخصوصية الهوية الأردنية التي لا تتعارض مع أيّ هوية عربية أخرى، فالأردن هو العمق الاستراتيجي لفلسطين وللأمة العربية، فنحن وحدويّون منذ أن كنّا دائماً في الأردن مع أشقائنا العرب، وبالذات مع فلسطين".
وتابع الرواشدة: فلسطين، وكما كان يقول حبيب الزيودي، كانت فاتحة للغناء وفاتحة للصلاة، لا شك أنني أحب هذه الأمكنة كما يحب "عودة" في الرواية "المنسف الكركي" عوضاً عن "الروست بيف" و"الكنتاكي" و"البيتزا"، كاشفاً: صحيح أنني عشت في هذه الأماكن، لكن لا علاقة لرواية "المهطوان" بكاتبها، وأن بطل الرواية هو د. عودة الجعافرة الذي تزاملت معه في رحلة الجامعة والحزب، وحتى "الغربة" في عمّان، وأن هاجسه الأول المكان والإنسان الأردني في هذه الرواية وكل ما كتب، متحدثاً عن نضالات الأردنيين العربية كنجيب البطاينة في ليبيا، وكايد المفلح في فلسطين، وغيرهما من الشهداء في العراق وكامل الجغرافيات العربية.
وأكد صاحب "المهطوان": صبرنا في الأردن على العاديات وعلى الريح الصرصر العاتية التي حاولت أن تعصف بهذا الوطن، صبرنا صبر أيوب، مستعيناً بما جاء في قصيدة عبد الرزاق عبد الواحد:
"يا صبر أيوب لا ثوبٌ سنخلعه
إن ضاق عنّا ولا دارٌ فنرتحلُ
لكنه وطنٌ أدنى مكارمه
يا صبر أيوب أنّا فيه نكتملُ
وأنه غرّة الأوطان أجمعها
فأين عن غرّة الأوطان نرتحلُ؟"